ما يثير الاشمئزاز أن العالم اليوم يتشدق بالحريات والحقوق والشرعيات، وهو مغموس حتى أذنيه في امتهانها ومحاربتها، أو في السكوت عمن ينتهكها. فالكيان الصهيوني يعتقل الشرعية الفلسطينية ويزج بأعضائها في المعتقلات في محاولة لإسكات أصواتهم، وتفتيت عزائمهم، وإهانة اختيار الشعب الذي طلب تمثيلهم. 34 نائباً ونائبة من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني يقبعون في المعتقلات، فهل العالم تحرّك لإنقاذهم والدفاع عن الحصانة التي يتمتعون بها؟ أم أنهم الضعفاء الذين لا يُرون أو يسأل عنهم؟
بالأمس القريب كانت محاكمة تعسفية للنائبة خالدة جرار، والتهمة ممجوجة، وهي أنها «ناشطة سياسية»، ليؤكد ذلك عنترية الاحتلال وضربه كل من يقاومه ولو بالكلمة والفكرة، والتضييق على من يبين جرائمه للعالم. جرار ذكرت لمحاميها أسلوب نقلها للمحكمة ولم تكتف برواية ما حدث معها فقط، بل مارست دورها كممثلة للشعب بمختلف فئاته، حيث أوضحت ما يحدث للأسيرات التي التقتهن من معاناة، لتثبت بذلك وطنية مضاعفة، ومسؤولية كبيرة قد حملتها على عاتقها.
أكدت جرار، أن اعتقالها من جانب الاحتلال سياسي، وأن النظام القضائي «الإسرائيلي» يريد كتم أي صوت يفضح جرائمه، وذكرت أن نيابة الكيان عملت جاهدة لإبقائها أطول مدة ممكنة في الأسر، ولكن أعلنتها مدوية في تحد واضح أن محاكمتها هزلية، كما رفضت الوقوف والاعتراف بشرعية المحكمة، وأكدت أن كل التهم التي ألصقت بها هي تهم سخيفة، وتتعلق بنشاطات شرعية، وعمل اجتماعي، وسياسي، من موقعها كنائب في المجلس التشريعي.
ولكن المعيب أن ردود الفعل البرلمانية العربية والعالمية لم تكن على قدر جرائم الكيان بحق النواب الفلسطينيين، بل إن البعض لم يُسمع لهم حسّ، وقد اكتفى البعض بإصدار بياناتهم المستنكرة. لذا فالمطلوب اليوم عربياً هو وقف أي تعامل مع الكيان ولا بد لهم من المعاملة بالمثل، بقطع كل ما يربطهم فيه. كما أن على رؤساء وأعضاء برلمانات العالم أجمع التحرك الجاد والفاعل لنصرة النواب المعتقلين، والضغط على سلطات الاحتلال لإطلاق سراحهم جميعاً، ووقف استهدافهم وملاحقتها لهم، والتضييق عليهم، والعمل على ضمان حمايتهم من الاعتقال التعسفي وعدم المساس بمكانتهم وحصانتهم البرلمانية.
إن اعتقال الكيان لبرلمانيين فلسطينيين، هو إجراء غير شرعي وغير قانوني بكل المقاييس، وانتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي، والقيم الإنسانية والأخلاقية والديمقراطية، وهو مساس خطر بالحصانة التي يتمتعون بها ، الأمر الذي يتطلب ضرورة العمل الحثيث والضغط المتواصل لإجباره على الالتزام بالاتفاقيات الدولية ومعايير حقوق الإنسان في معاملته لهم.
هناك ضرورة ملحّة للتحرك لنصرتهم واحترام مكانتهم وإطلاق سراحهم فوراً ودون شروط وضمان عدم التعرض لهم أو التضييق على عملهم ونشاطهم. كما لا بد من الالتفات إلى النواب المقدسيين المبعدين عن مدينتهم عنوة، والعمل على إجبار الاحتلال للسماح لهم بالعودة إلى بيوتهم ومكاتبهم في القدس المحتلة، وإلغاء قرارات إبعادهم عن المدينة الذي يشكل عقاباً جماعياً لهم ولعائلاتهم، ووقف ملاحقتهم، بسبب انتماءاتهم السياسية ونشاطاتهم السلمية.
الجمعة 18 كانون الأول (ديسمبر) 2015
الشرعية الفلسطينية تُمتهن
بقلم:علي قباجة
الجمعة 18 كانون الأول (ديسمبر) 2015
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
78 /
2473041
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
23 من الزوار الآن