] أسرى في عُقْر الوطن - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 22 نيسان (أبريل) 2017

أسرى في عُقْر الوطن

خيري منصور
السبت 22 نيسان (أبريل) 2017

ما الذي يملكه الأسير الأعزل إلا من ذاكرته وإرادته كي يشهره في وجه السجان غير جوعه الإرادي؟ وبخلاف الأسرى كلهم على اختلاف الحروب التي أسروا خلالها، فإن الأسير الفلسطيني أسير من طراز غير مسبوق لأنه أسير في بيته وعقر وطنه.
والإضراب الجماعي عن الطعام في زنازين الاحتلال هو لغة لا يفهم مفرداتها إلا من قرأوا التاريخ كما هو، وليس كما قدم إليهم داجناً ومعلباً ومنزوع المعنى!
لقد قضى عدد من الأسرى في الزنازين، ومن تمّ إطلاق سراحه بمقايضة تعقّبته سلطات الاحتلال واغتالته في منزله، وعلى مرأى من أمه وأطفاله!
كان للإضراب الفردي بمبادرة من بعض الأسرى جدواه السياسية والوطنية، لكن الإضراب الجماعي يحمل رسالة أخرى، تجزم بأن من لم توحدهم السياسة وحدهم السجان، ومن اختلفوا وهم أحرار ائتلفوا وهم في السجون!
إنهم أسرى في عقر الوطن، وعلى مرمى نداء ولو بصوت مبحوح من ذويهم الذين ينتظرون إيابهم!
والاستجابة الشعبية لإضراب الأسرى بدأت تتصاعد بحيث يشعر الجميع أنهم محاصرون ومقيدون، لكن بدرجات متفاوتة، وأن الوعد بالحرية لا يحتكره السجان، ذلك ببساطة لأنه خائف، وهو السجين الفعلي داخل الجدار العازل الذي يمتد من دماغه المغسول بالخرافة إلى ثالوث البشر والحجر والشجر!
ونادراً ما تحالف الجوع وخواء الأمعاء مع الحرية، لأنه طالما كان وسيلة إخضاع وتركيع، لكن الأسير الفلسطيني شهر جوعه بكامل قضائه وعريه في وجه السجان ليقول له بأن الإنسان لا يعيش بالخبز وحده، لكنه يعيش بالحرية حتى لو كانت طريقاً قصيراً ومعبداً بالدم إلى الموت!
ما أقسى أن يكون المرء أسيراً في داره، والمشهد الآن أشبه بحفلة تنكرية تبادل فيها السجين والسجان الأدوار!
إن هناك من يصومون العمر كله ليفطروا ولو على قليل من الحرية! -


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

62 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 63

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010