] وثيقة حماس وتأسيس الهيئات الموازية - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 16 نيسان (أبريل) 2017

وثيقة حماس وتأسيس الهيئات الموازية

د. فايز رشيد
الأحد 16 نيسان (أبريل) 2017

بداية, فإنه ليس معقولا, لا من الجانب السياسي أو الأدبي الأخلاقي, أن يقوم الأخ سامي أبو زهري, الناطق الرسمي باسم الإخوة في حركة “حماس” بمهاجمة فضائية “الميادين”, التي هي وسيلة إعلامية وطنية مقاتلة, آلت إليها بطريقة أو بأخرى النسخة الأصلية من وثيقة حماس الجديدة, التي تحمل مواقف أيضا جديدة, تستحق النقاش, لأنها في صلب استراتيجية النضال الوطني الفلسطيني. وثيقة حماس جاءت في سياق تسلسلي متصل, ابتدأ منذ استيلائها على السلطة في القطاع بعد عام 2007, وتفردها المطلق في حكمه, مرورا بـ: مقابلة الأخ خالد مشعل لوكالة “سي.إن. إن”, التي أعلن فيها استعداد الحركة لإنشاء دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967. ثم توالت الأحداث بعدها, من خلال عقد هدنة غير معلنة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي وبطريقة غير مباشرة, واعتقال كل من يحاول إطلاق صاروخ على العدو الإسرائيلي من التنظيمات الأخرى, وحكم القطاع بيدٍ من حديد وبمبادئ حماس في السياسة والاقتصاد والاجتماع, بمعزل عن أي جهة أخرى, مرورا أيضا بالفيدرالية التي اقترحها الأستاذ موسى أبو مرزوق, وصولا إلى الوثيقة العتيدة.
للأسف, فإن الناطق باسم حماس اعتبر طريقة حصول قناة الميادين على نسخة من وثيقتها الجديدة بأنها “غير لائقة”, وهي طريقة انتهجتها “حماس” منذ نشأتها, لإعطاء كل ما يصدر عنها أهمية إضافية, والتأكيد على أنها لن تخطئ البوصلة. حماس متأثرة في أطروحاتها بالعوامل الإقليمية الضاغطة على الحركة, لتنفيذ مطلبين: أولا, تغيير استراتيجيتها القديمة في تحرير كامل الأرض الفلسطينية, وثانيا, عدم ممارسة الكفاح المسلح, وهذا ما أعلنه صراحة وزير الخارجية التركي. الحركة متأثرة بالطبع بفكر جماعة الإخوان المسلمين ورؤيته الاستراتيجية للصراع مع العدو الإسرائيلي, وقد بدا هذا الموقف الاستراتيجي وحتى التكتيي, إبان رئاسة الرئيس محمد مرسي لمصر. صحيح, أن وثيقة حماس الجديدة أكدت على تحرير كامل التراب الفلسطيني, لكن قول الشيء ونقيضه في ذات الوقت, (وفقا للقاعدة الفلسفية) بالضرورة سيذهب دوما في صالح النقيض, وليس في صالح الأساس! نعم, للإخوة في حماس مشروعهم السياسي, وأيضا له مستلزماته وتداعياته, فإما السيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية بكل هيئاتها أو حكما تأسيس هيئات موازية لها, وسنوضح ذلك لاحقا.
في مسار الثورة الفلسطينية, عانى شعبنا الكثير من مجموعة من المفاهيم مثل “الواقعية” و”العقلانية” و”إسرائيل أصبحت حقيقة واقعة” و”العبثية” و”العزلة الدولية” وغيرها من التعابير, التي استعملت بوابة للتنازلات المتدرجة عن الحق التاريخي للفلسطينيين في كامل أرضهم وترابهم الوطني حتما. هذا في ظل وجود عدو غاية في الوضوح, إن بنظرته التسووية للصراع, أو في مسلكيته العملية التي تنفي كل يوم بشكل أكثر من اليوم الذي سبقه, مطلق حق فلسطيني, بدليل استيطانه القاضم التدريجي لمزيد من الأرض صباح كل يوم, ونفي أية إمكانية لقيام دولة فلسطينية.
إن تصفية الدساتير والمواثيق السابقة, ستقود حتما إلى التنازلات المجانية دون ثمن مقابل! إن التعامل مع شعار “إنقاذ ما يُمكن إنقاذه” لم يحم الأرض الفلسطينية من الاستيطان! فلا شيء عمليا من الأرض الفلسطينية بقي لنا, سواء لإقامة دولة عليه, أو لمنع سنّ مشروع قرار جديد, سيحسمه الكنيست الإسرائيلي إيجابا بحكم تركيبته, وضم ما تبقّى من أراض فلسطينية معزولة, سواء في مناطق(A) وB)) وتلك المصنفة (C) ، وهي الأكبر حجما, والتي يُركز اليمين الصهيوني عينه عليها, بهدف ضَمِّها كونها تُشكّل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية, ولا يُمانِع قادته من منح “الجنسية” الإسرائيلية لسكان تلك المنطقة, الذين وإن وصل عددهم إلى مائة ألف فلسطيني, فإنهم لا يُغيرون كثيرا في الميزان الديموغرافي المائل بشدة لصالح اليهود الصهاينة.
ذكرت حماس في ميثاقها القديم أن معركتنا مع اليهود كبيرة وخطيرة, وتحتاج إلى جميع الجهود المخلصة، وأيضا “أن قضية فلسطين هي قضية دينية”, وأكدت على “حتمية هزيمة اليهود, تماما كما كانت هزيمة الصليبيين”. أما الوثيقة الجديدة فتؤكد على العداء للصهيونية وليس اليهود! ومع أني لست ضد هذا التجديد في الفهم تحديدا, لكن كم من اليهود في كيان الاحتلال الإسرائيلي ضد إقامة دولته؟ إنهم أفراد قلائل! أيضا, فإن غالبية التقدميين اليهود (باستثناء جماعة ناتوري كارتا, التي هي ضد قيام دولة لليهود لأسباب دينية بحتة) فإن كافة التجمعات التقدمية اليهودية ضد إلغاء دولة الكيان الإسرائيلي, وإنما هي مع حل الدولتين, وهذا ما يخالف استراتيجية حماس السابقة. نعم, هل تغيّرت العناوين والمضامين فعليا؟ أم أن الظروف الراهنة تستدعي التلاعب المتواصل بالمُفردات والمُصطلحات والأوصاف؟
قلنا إن “حماس” تسعى لخلق هيئات موازية لمؤسسات م. ت. ف. بدليل تنظيمها لما سمي بمؤتمر فلسطينيي الخارج في “دولة الخلافة الإسلامية”, وفي اجتماع أمانته العامة في بيروت, جرى اتخاذ قرارات بتشكيل اللجان التنفيذية التابعة للمؤتمر في مختلف التخصصات ومن أبرزها لجنة شؤون اللاجئين والعودة, ولجنة تعزيز الهوية والثقافة الوطنية, ولجنة التنمية الاقتصادية, ولجنة دعم المقاطعة, واللجنة القانونية, واللجنة الإعلامية, ولجنة القدس, ودعم صمود الداخل, ولجان أخرى سيتم نشر تفاصيلها على الموقع الإلكتروني للمؤتمر. كما أن إطلاق كل من المبادرة الشبابية, ورابطة المرأة الفلسطينية في الخارج وفقا لما جاء في توصيات الورش, ولأن أول الرقص حنجلة, ابتُدئ في تنفيذ خطوات فعلية بما تعنيه من تكريس خطوات انقسامية في الساحة الفلسطينية, وخدمة مشروع حركة حماس السياسي, التي تهيئ له أطراف إقليمية ودولية وبعض عربية.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2289188

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

104 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 104

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010