] غيتو وارسو في غزة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 12 نيسان (أبريل) 2017

غيتو وارسو في غزة

حمادة فراعنة
الأربعاء 12 نيسان (أبريل) 2017

تعلم الصهاينة وسائل الموت النازية المعادية للشعوب الأوروبية، ومن ضمنهم الطوائف اليهودية التي تعرضت مثل أغلبية الأوروبيين، لأبشع أنواع التعذيب والحرق غير الانساني، قبل وخلال الحرب العالمية الثانية التي خلّفت خمسين مليون ضحية من البشر، ودمار عدد من المدن على مساحة أوروبا التي شملها ووصلتها الحرب على خلفية التطرف والاستعلاء والعداء للأخر .
والصهاينة بدلاً من أن يدركوا معنى الدمار والخراب وقتل الأخر وعدم الاقرار بوجوده والتسليم بشراكته، وتحاشي أثاره ويُنجون شعبهم ويلات تبعاته وتداعياته، تعلموا من النازيين والفاشيين كيفية كره الأخر وتدميره، وتعقب حياته ومطاردته، فمارسوا القهر والاذلال للشعب العربي الفلسطيني، عبر سلسلة المجازر التي شملت العديد من أهالي القرى العربية الفلسطينية قبل وخلال عام 1948 وفي طليعتها دير ياسين في مثل هذه الأيام، وما بعدها، ولازالوا، وتكثفت نحو أهالي قطاع غزة، خاصة بعد أن أجبر الفلسطينيون عبر ضرباتهم الموجعة شارون على رحيل قواته الاحتلالية عن قطاع غزة بعد أن أزال المستوطنات وفكفك قواعد جيش الاحتلال عام 2005 .
تنفس أهالي قطاع غزة الهواء النقي وشمروا عن سواعدهم بعد عام 2005، لاعادة بناء بلدهم الذي حرموا من التمتع بخيراته، وجرت الانتخابات كي يعيشوا في ظل ادارة منتخبة لعلها تُعيد لهم ما فقدوه، واختار الأغلبية منهم حركة حماس لما قدمت من تضحيات ولعلها تتفوق على ادارة حركة فتح التي لم يسعفها الحال كي تكون كما كان الرهان عليها، ولكن أهل غزة بدلاً من أن يتمتعوا بما هو أفضل وكما يستحقون وقعوا في شر خيارهم، اذ تبين أن حركة الاخوان المسلمين وأداتها حركة حماس لا تتبع قيم الديمقراطية ولا تؤمن بقاعدة الشراكة، ونهجها التسلط والتفرد والاستحواذ على السلطة مهما كانت الكلفة وتدني مستوى الخدمات، وهكذا هرب فلسطينيو أهل القطاع من تحت الدلف ليقعوا فريسة المزراب الحمساوي اللعين المتشبث بتفاصيل مؤسسات القرار، وزاد الأمر تعقيداً وسوءاً وانحداراً الحصار الخانق للحياة الذي فرضته قوات الاحتلال براً وبحراً وجواً على قطاع غزة أفقدهم الصلة مع الحياة والعالم الخارجي وباتوا في غيتو شبيه لغيتوات النازيين، ولم تتوقف اجراءات الحصار عند هذا الحد، بل تم تجاوز ذلك عبر سلسلة هجمات برية وجوية نالت من بيوت الأمنين عبر ثلاثة حروب متتالية شنتها قوات الاحتلال الاسرائيلية على قطاع غزة 2008 و 2012 و 2014، جعلت من قطاع غزة منطقة منكوبة غير مؤهلة للحياة الطبيعية، فاقدة للانتاج، بلا مياه صالحة للشرب وسلطة تفتقد لمقومات الأهلية والشراكة واحترام الأخر .
ويتبين أن السلطة المحلية لا تقل سوءاً عن العدو الأجنبي وقسوة في عدم احترامها لانسانية الانسان، ودلالة ذلك ما تفعله داعش والقاعدة بالمناطق التي تسيطر عليها وتتحكم بها، وكل منهم يدعي أن السماء هي التي وهبتهم السلطة، وأقرت ضرورة الحفاظ عليها، وتصفية من يسعى للمس بها أو تغييرها، وحركة حماس تحذو حذوهم في التسلط والتفرد وادعاء الوعد السماوي .
أهل غزة خرجوا عشرات الألاف يوم السبت 8/4/2017، وتحول الى يوم مشهود سيكون تاريخياً ان تواصل ضد المثلث الذي لا يوفر لهم الكرامة ويصادر حقهم في الحياة، فهم ينتفضون ضد حصار الاحتلال لأنه عدوهم وأصل البلاء، وضد انقلاب حماس سبب الانحدار، وضد رئاسة فتح التي ترتكب الغباءات السياسية ضد حالها وضد قواعدها وضد شعبها .
المثلث يعاقب شعب فلسطين، وعليه أن يستعيد زمام المبادرة الكفاحية كي يتخلص من تسلط الاحتلال وسوء ادارة حماس، وسوء خيارات قيادة فتح، وأعان الله أهل غزة على ما هم فيه من قهر وجوع وفقدان الأمل .


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

41 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 44

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010