] لصوص الأرض أهلها - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 12 نيسان (أبريل) 2017

لصوص الأرض أهلها

نبيل سالم
الأربعاء 12 نيسان (أبريل) 2017

أكثر ما يدعو إلى الاستهجان، أن يحاضر لص في الفضيلة، وأن يتبادل اللص المواقع مع صاحب الحق، فيتهم اللص صاحب الحق بالسرقة!
هذا في الواقع هو حال البدو الفلسطينيين في النقب الرازحين تحت نير الاحتلال العنصري الاستيطاني الإجلائي الصهيوني، فهؤلاء مجرد «لصوص» يسرقون أراضي «إسرائيل» بنظر الصهيوني يائير معيان، مدير عام ما يسمى ب «سلطة تطوير وتوطين البدو» في الكيان العنصري الصهيوني، والذي حاول التنصل مما نسب إليه لولا وجود تسجيل صوتي لتصريحاته التي أدلى بها مؤخراً.
معيان وصف سكان قرية بير هدّاج بأنهم «لصوص أرض» وأنه «بدلا من زجهم في السجن تمنحهم سلطات الاحتلال» السخية «قطعة أرض للعيش عليها».

تصريحات عنصرية حمقاء مخالفة للمنطق والتاريخ جاءت في وقت كشفت فيه صحيفة «معاريف» عن مخطط يقضي بتهجير القرى غير المعترف بها «إسرائيلياً»، لإقامة بضع بلدات جديدة محلها.

يشار إلى أن «سلطة تطوير وتوطين البدو» تتولى صلاحية حصرية في كل ما يتعلق بقضايا التخطيط والبناء في القرى والبلدات العربية في النقب.
وبغض النظر عن المواقف الرافضة لمثل هذه التصريحات العنصرية الكريهة، ومخالفتها للقوانين الدولية المتعلقة بالأراضي المحتلة، إلا أن هذه التصريحات تقدم الدليل تلو الآخر على غرابة المنطق الصهيوني، ومجافاته لكل حق أو قانون، حيث يتجرأ المحتل على وصف الضحية الذي وقع تحت نير احتلاله باللصوصية.إنه منطق لا يدعو إلى الاستهجان وحسب، وإنما يدعو إلى الضحك والسخرية أيضاً، كما أنها تبين أن الكيان الصهيوني لن ولم يكن يوماً من الأيام مستعداً للسلام حتى مع الفلسطينيين الحاملين للجنسية «الإسرائيلية»، وإنه غير مهيأ ولن يكون مهيئاً للسلام أبداً، طالما حافظ على أفكاره وفلسفته العنصرية ضد العرب والفلسطينيين خاصة.
والحقيقة المؤسفة أن هذه الواقعة تعيد إلى الأذهان، تلك الأكذوبة التي حاول الصهاينة تسويقها في العالم، حول رغبتهم بالسلام، لتبين أن الحركة الصهيونية لا يمكن أبداً أن تكون إلا احتلالية وعنصرية ومعادية للعرب رافضة لحقوقهم المشروعة، كما تفضح الصورة النمطية التي كونها العقل الصهيوني العنصري عن العرب أصحاب الأرض الشرعيين.
لكن واقعة كهذه، رغم أنها ليست جديدة على السياسة «الإسرائيلية»، الرامية إلى التضييق على السكان العرب البدو وتهجيرهم حسب وصفه، ولكنها تقودنا إلى الحديث عن عبثية السلام مع الكيان الصهيوني، الذي لا يسعى إلى السلام بمقدار ما يسعى إلى ترويض المقاومة العربية الرافضة له، عبر مفاوضات لا طائل منها، لا تقود إلا إلى التنازل أكثر فأكثر عن الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، بذريعة البحث عن السلام.
بسبب مناورات ما يسمى بالمفاوضات السلمية، تراجع الحق الفلسطيني، من تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، ليحل محله إقامة دويلة مسخ في أقل من عشرين في المئة من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
واقع مع الأسف يذكرنا برائعة الكاتب المعروف زكريا تامر «النمور في اليوم العاشر»، والتي يصور فيها نمراً يتم ترويضه خلال عشرة أيام، من خلال استغلال معدته الفارغة، لتحويل النمر في نهاية المطاف، من لاحمٍ شامخ إلى آكل للعشب.تماماً كما حصل ويحصل في مسرحية التسوية السلمية مع الكيان الصهيوني، والتي أوصلت القضية الفلسطينية إلى هذا المستوى من التراجع الخطير، وحولت الصراع العربي- الصهيوني من صراع وجود ومصير، إلى مفاوضات حول أراضٍ متنازع عليها، بعد شرعنة الكيان الصهيوني.
والحقيقة أن محاولات التضييق على الشعب الفلسطيني ومحاصرته، إنما كانت ولا تزال تهدف إلى إبقاء هذا الشعب، لاهثاً خلف فتات تسوية، لا تسمن ولا تغنى من جوع، وإنما هي عملية ترويض للإرادة الفلسطينية، التي من خلالها أشهر الفلسطينيون السلاح في وجه محتلي بلادهم، الساعين إلى طمس الهوية الوطنية الفلسطينية، بعد أن نجح الصهاينة في تدمير المجتمع الفلسطيني عام 1948، وتسويق الفلسطينيين فيما بعد عبر وسائل الإعلام الغربية الخاضعة للهيمنة الصهيونية، بأنهم مجرد إرهابيين، أو لصوص، تعاملهم «إسرائيل» بالسخاء عندما تسمح لهم بإقامة منزل في أرض كانت لهم وستبقى رغم أنف الاحتلال وداعميه.
ليست محنة بدو فلسطين إلا نموذجاً مصغراً للمحنة الفلسطينية عامة، التي لا تنتهي إلا بنهاية الاحتلال العنصري الصهيوني، وعودة الأرض والحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني الذي يمثل الآن خط الصراع الأول مع الكيان الصهيوني، رغم كل التراجعات المؤسفة التي جلبتها مسرحية المفاوضات العبثية مع هذا الكيان، الذي يقدم كل يوم البرهان تلو البرهان على أنه معاد للسلام، وغير ناضج بعد، لتقبل فكرة السلام مع العرب.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2323729

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 30

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28