] الجاسوس الكبير - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 6 نيسان (أبريل) 2017

الجاسوس الكبير

رشيد حسن
الخميس 6 نيسان (أبريل) 2017

حفزتني الضجة التي أثيرت في مصر، حول ما قيل عن حضور السفير الإسرائيلي، حفل زواج حفيد عبد الناصر، أحمد ابن أشرف مروان، المتهم بالتجسس لإسرائيل، حفزتني إلى العودة لكتاب محمد حسين هيكل “مبارك وزمانه” الصادر عن دار الشروق، 2012، حيث خصص المؤلف فصلا كاملا للحديث عن أشرف مروان “حوالي 30 صفحة “ المتهم بإبلاغ رئيس الموساد بساعة بدء حرب 73، على الجبهتين المصرية والسورية.
هيكل ومن خلال استعراض المعلومات التي بحوزته، ومن خلال الحصول على كافة الوثائق والملفات التي ناقشتها لجنة الأمن بالكنيست الصهيوني، وكان عضو الكنيست عزمي بشارة وأخرون من أعضاء الكنيست العرب قد أرسلوها لهيكل مترجمة ... توصل المؤلف إلى نتائج حاسمة لخصها فيما يلي:
“إن إسرائيل كان لها في مصر جاسوس، على مستوى عال، وأن هذا الجاسوس أبلغها بما كان محظورا إبلاغها، إذ أبلغها عن يوم وساعة الهجوم”، “ويقصد حرب 1973” ... حتى لو اختلفت الساعة ... وهذا الجاسوس، أيا كان، لم يكن عميلا مزدوجا، فليست هناك ورقة واحدة في رئاسة الجمهورية، ولا في المخابرات العامة تحتوي شارة عن نشاطه، وهذه نقطة حرجة ... وكان وجود هذ االجاسوس ظاهرا في أول رسالة، بعثت بها رئيسة وزراء اسرائيل، جولدا مائير إلى الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون، وذلك قبل أن تنشب العمليات بعشر ساعات على الأقل، ولذلك من الحيوي أن يعرف كل مصري من هو هذا الجاسوس؟؟ ولماذا ؟؟ وكيف؟ ؟” ص 264-265.
هيكل حدد شخصية هذا الجاسوس، والوظائف التي شغلها، وكلها تنطبق على أشرف مروان، الذي تولى مراكز هامة جدا وحساسة جدا، مسؤول المعلومات في رئاسة الجمهورية، ورئيس هيئة التصنيع العسكري بعد ذلك، سمحت له بإرسال كافة الوثائق المصرية الخطيرة إلى إسرائيل بعد تصويرها. ومن هنا، أشار هيكل:
“بأنه ذهل من حجم وأهمية وخطورة الوثائق، التي سربت لجهاز الموساد الإسرائيلي، والتي عرت مصر تماما أمام عدوها. “فلم أكن بأمانة مستعدا لتصديق ما قرأت ... ولكني بأمانة أيضا، لم أكن قادرا على تجاهله” ص255.
ويشير هيكل إلى واقعة محددة تكشف أن هذا الجاسوس هو أشرف مروان، إذ طلب الرئيس مبارك من أشرف مغادرة البلاد فورا بعد ما التقاه خلال زيارته لضريح الرئيس عبد الناصر، في ذكرى حرب اكتوبر. “تبادل الرجلان همسات لم تستغرق ثواني، وفهم منها أن مبارك يلوم أشرف لأنه تعمد أن يظهر ملتصقا به طول وقت الزيارة، ثم نصحه بالسفر فورا ... لأن الناس كلامها كثير” ص252.
وأشار المؤلف إلى قضية هامة جدا تؤكد أن أشرف هو الجاسوس، وفحواها أنه أخبر الموساد، بموعد الهجوم وهو الساعة السادسة مساء، وبقي هذا التوقيت حتى 2 اكتوبر، إذ اتفقت القيادتان المصرية والسورية على تغيير بدء الهجوم الساعة الثانية بعد ظهر 6 اكتوبر. ويشير بأن أشرف مروان سافر قي 2 اكتوبر إلى ليبيا عن طريق أوروبا، لإبلاغ القذافي بموعد الهجوم وهو 6 مساء، إذ إن التغيير حصل بعد سفره. وهذ ما أربك العدو، وهو سبب الخلاف بين رئيس الموساد ورئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
ويكشف هيكل كيف تم تجنيد هذا الجاسوس في الموساد ...
“ذهب إلى عيادة الدكتور ايمانويل هربرت في لندن، بعد عدة اتصالات، وهذا الطبيب هو همزة الوصل بالموساد، وحمل معه ملفا - تعلو الملف ورقة طبية، وحينما فتح الدكتور هربرت الملف كانت الورقة التالية هي محضر اجتماع سري بين الرئيس السادات وبين القادة السوفييت، والذي اختلف فيه الطرفان حول طائرة “الردع” التي كان السادات يطلبها من السوفييت وهم يترددون. وحين توقف الدكتور هربرت أمام هذه الورقة، وقال لزائره: هذه الورقة وضعت خطأ في الملف، قال هذا الشخص للدكتور، أن الورقة لم توضع خطأ، وإنما هي في صميم الموضوع. وكانت تلك هي البداية، وبعدها جاء الجنرال “زامير” مدير الموساد بنفسه إلى لندن” ص262 ... وجرى تجنيد الجاسوس في الموساد، أو بالأحرى جرى تعميده خائنا لوطنه وأمته، والجدير بالذكر أن ملف اجتماع السادات بالقيادة السوفيتية، لا يطلع عليه إلا أشخاص معدودون جدا، منهم أشرف مروان بحكم منصبه. ولا يكتفي هيكل بذلك، بل يستعرض تفاصيل لقائه بأشرف في لندن، ومحاولة الأخير الدفاع عن نفسه، حينما قال مخاطبا هيكل:
“هل تصدق أنني جاسوس، ثم ناولني قصاصة من جريدة الأهرام، نشرت نص ما قاله الرئيس السادات في تكريم أشرف عندما ترك منصبه في رئاسة الجمهورية والتحق بهيئة التصنيع العسكري. ويضيف هيكل: نظرت إلى القصاصة، ثم طويتها، وناولتها أشرف ... وسالني أشرف: ألا تكفيك شهادة أنور السادات حين يقول أنني قدمت الكثير لمصر” ص 263. وقلت بصراحة: ما نحن بصدده لا يمكن الرد عليه إلا بما هو واضح ومحدد، وقابل للإقتناع. وقال: هل تقصد أن صهر عبد الناصر جاسوس. قلت: لا شهادة حسن سلوك من السادات، ولا صلة مصاهرة مع عبد الناصر تعطيان العصمة لأحد ... نحن أمام مشكلة حقيقة تقتضي تحقيقا موسعا دقيقا، ليعرف شعب مصر الحقيقة المؤلمة. ومرت أيام ليجدوا أشرف مروان ميتا، وقد ألقي به من شرفة شقته في الدور الرابع بلندن إلى الارض ... في ساحة كارلتون تراس. والسؤال ؟ لماذا رمى أشرف مروان نفسه في أحضان الموساد، وخان وطنه وأمته ... رغم المنصب الرفيع ... والجاه العريض ... ومصاهرة عبد الناصر ... والثروة الفاحشة؟؟ لماذا؟؟؟


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

36 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 36

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010