] قمة الأردن و«وعد بلفور» - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 5 نيسان (أبريل) 2017

قمة الأردن و«وعد بلفور»

عبدالحسين شعبان
الأربعاء 5 نيسان (أبريل) 2017

أنهى مؤتمر القمّة العربية ال 28، الذي انعقد في البحر الميت (الأردن) أعماله في 29 مارس/ آذار 2017، وصدر عنه «إعلان عمّان»، الذي تضمّن 15 بنداً، مثّلت خطوطاً عريضة لما توصّل إليه الملوك والرؤساء والأمراء العرب، الذي كان حضورهم لافتاً، علماً بأنّ مقعد سوريا ظلّ شاغراً، بسبب تجميد عضويّتها في جامعة الدول العربية عام 2011.
وشدّد الإعلان على التمسّك ب «مبادرة السلام العربية» التي تبنّتها «قمة بيروت» عام 2002، كما رفض نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وأكّد رغبة القادة العرب في وضع حلول عربية للأزمات المتفجرة في المنطقة، ودعا إلى وقف التدخلات العسكرية فيها، وتكريس جميع الإمكانات اللّازمة لهزيمة الإرهابيين في المواجهات العسكرية والأمنية والفكرية، بتأكيده الهويّة العربية الجامعة، وقلقه من ظاهرة «الإسلاموفوبيا».
وعلى الرّغم من أنّه لم يحصل ما يعكّر صفو «قمّة البحر الميت» كما شهدت قمم سابقة، فقد أنجزت جدول أعمالها بصورة تكاد تكون روتينيّة، والتأمت بوقتها المحدّد، ولعب البلد المضيف دوراً كبيراً في تهيئة الأجواء للتّوصّل إلى تفاهمات وتوافقات أوليّة، لكن بناء جسور الثقة، وترميم ما تصدّع من علاقات يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، وإرادة سياسية وتراكم تدريجيّ قد يكون بطيئاً، لأنّ الخلافات والمشكلات القائمة المعلنة والمضمرة عميقة، والحساسيّات شديدة، وعدم الارتياح الشخصي يعد كبيراً، ما يتطلّب وضع استراتيجيّات لتجاوزها بتغليب الجوامع، وتقليص الفوارق، وتطوير القدرات التكاملية، وتنميتها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والقانونية والبيئية والصحية، وكلّ ما له صلة بمواطني البلدان العربية بتسهيل انتقالهم وحركتهم وعملهم؛ وذلك يمثّل جوهر العمل العربي المشترك، وطموح الأمّة المستقبلي،
يضاف إلى ذلك أنّ «ميثاق الجامعة» نفسه مضى عليه 72 عاماً، ولم يجرِ تغييره أو إعادة النّظر فيه بما ينسجم مع التطوّرات الدولية، وقواعد القانون الدولي المعاصر، ولا يزال نظام التصويت الذي يتطلّب الإجماع معطّلاً، وهو بحاجة لإعادة نظر بين ما هو جوهري وما هو إجرائي، وكذلك أجهزة الجامعة واختصاصاتها؛ حيث تأسّست في 22 مارس/ آذار عام 1945، ولم يرتقِ ميثاقها إلى مصاف ميثاق الأمم المتّحدة التي تأسّست بعدها ببضعة أشهر.
وكان يُنتظر من القمة أن تتوجّه بخطاب إلى الحكومة البريطانية بمناسبة الذكرى المئوية لصدور «وعد بلفور» تطالبها بالاعتذار لما لحق بالشّعب العربي الفلسطيني من مأساة بسببه، وهو ما كانت نخبة من المثقّفين العرب قد ناشدت «القمّة» بذلك.
إنّ مطالبة الحكومة البريطانية، التي هي المسؤولة عن إصدار «وعد بلفور» في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917 بالاعتذار للشّعب العربي الفلسطيني، بسبب المعاناة التي لحقت به طوال قرن من الزّمان، ولا تزال مستمرة إلى الآن، باتت مسألة مناسبة وضروريّة، وحان وقتها في ظلّ التطورات الدولية الراهنة. ويستوجب الأمر دعوتها لتحمّل مسؤوليّاتها إزاءه، لتمكينه من تقرير مصيره بنفسه، وإقامة دولته الوطنية المستقلّة القابلة للحياة مع ضمان حق عودة اللاجئين وتعويضهم.
ولعلّ ذلك يستدعي استذكار ما قامت به «إسرائيل» منذ تأسيسها خارج ما يسمّى ب «الشرعية الدولية» وبالضدّ من قواعد القانون الدّولي والقانون الإنساني الدّولي، وبشكل خاص تجاوزاً للقرار 181 (عام 1947) الذي تأسّست وفقاً له باحتلالها كامل فلسطين لاحقاً، إلى جانب أراض عربية أخرى، وعدوانها المتكرّر على الأمّة العربية، والقرار 194 (عام 1948) المتعلّق بحقّ العودة، والقرار 242 (عام 1967) والقرار 338 (عام 1973)؛ حيث يتعلق القراران بالانسحاب «الإسرائيلي» من الأراضي العربية المحتلّة (عام 1967).
إنّ خيار مطالبة بريطانيا بالاعتذار هو سابقة لجأت إليها شعوب ودول، وقامت على أساسها حكومات عديدة بتقديم اعتذارات، سواء بسبب استعمارها لشعوب ودول أو بسبب التعامل اللّاإنساني مع سكّان البلاد الأصليّين، والمسألة لا تتعلّق بالتاريخ أو الماضي فحسب، بل هي مسألة راهنة ومستقبلية، لأنّها تتعلّق بحقوق شعب فلسطين، ولا سيّما وأنّ الممارسات «الإسرائيلية» ذات الطبيعة العنصرية مستمرّة، وهو ما دعا منظمة اليونيسكو إلى إصدار قرار بشأن الأصول العربية لعدد من المناطق الأثرية في فلسطين، وخاصة في القدس الشّريف؛ وذلك لدحض المزاعم الصهيونية، وقرار مجلس الأمن الدولي بخصوص عدم شرعية الاستيطان «الإسرائيلي»، وهما: قراران تاريخيّان اتّخذا خلال شهري أكتوبر/ تشرين الأوّل، وديسمبر/ كانون الأوّل من العام الماضي 2016.
إنّ مطالبة بريطانيا بالاعتذار، يمكن أن يحرّك الساحة الدبلوماسيّة الدوليّة لصالح الحقوق الفلسطينيّة والعربية، وهو -بلا أدنى شك- جزء من المعركة القانونية الدولية، التي لم تأخذ الاهتمام الكافي، وخطوة مثل تلك يمكن أن تجتمع عليها البلدان العربية في إطار تحرّك مشترك، وفي الوقت نفسه فهي ترويج للمبادرة العربية وللرغبة في إقامة سلام دائم وعادل، ولا سيّما بتحميل المجتمع الدولي وقواه المتنفّذة مسؤوليّته على هذا الصعيد.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2326661

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

32 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 33

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28