] «حماس» واغتيال الفقهاء وسياسة الردع - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 30 آذار (مارس) 2017

«حماس» واغتيال الفقهاء وسياسة الردع

عوني صادق
الخميس 30 آذار (مارس) 2017

جاء اغتيال الأسير المحرر مازن الفقهاء، المبعد إلى غزة من الضفة الغربية، في أعقاب صعود القيادي يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي لحركة «حماس» في القطاع، والذي رأت فيه السلطات «الإسرائيلية» انزياحاً نحو التشدد. كذلك جاءت عملية الاغتيال وسط اعتداءات «إسرائيلية» متواصلة جواً وبراً، وتهديدات أطلقها وزير الحرب «الإسرائيلي» أفيغدور ليبرمان، وتقديرات بقرب شن حرب جديدة على غزة. في المقابل وعلى الجانب «الإسرائيلي»، جاءت العملية في وقت يواجه فيه بنيامين نتنياهو صعوبات جمة مع ائتلافه الحكومي، واتهامات له بالفساد دفعته إلى التلويح بإجراء انتخابات مبكرة هرباً من النتائج المنتظرة. كل ذلك يشير إلى أكثر من هدف لعملية الاغتيال.
غرض هذا المقال هو النظر في ما استهدفته العملية وتعلق بحركة «حماس». وفي البداية لا بد من التأكيد على أن عمليات الاغتيال الموجهة ضد القيادات الفلسطينية عموماً، خصوصاً تلك المتهمة بالعمل المسلح ضد الكيان الصهيوني، لم تتوقف يوماً وهي من ثوابت السياسة «الإسرائيلية»، ما يجعل الظروف المحيطة بتنفيذ العملية ربما أكثر راهنية من الاغتيال ذاته. فمن جهة، يظل الميل إلى شن الحرب مخرجاً في كل أزمة داخلية «إسرائيلية»، ودائماً كانت الحرب والانتخابات المبكرة بابين للهرب لرؤساء الحكومات من الأزمات الداخلية. وفي الوقت الذي تمثل الاعتداءات المستمرة على القطاع استفزازاً يستهدف جر «حماس» إلى الرد وتوفير «مبررات» شن الحرب، يأتي اغتيال الفقهاء، الذي يفترض أنه في حماية الحركة، عاملاً إضافياً للاستفزاز بالرغم من كل تقديرات الأجهزة الأمنية بأن «حماس» لا ترغب بالدخول في حرب جديدة.
وكما سبق وأشرت، اعتبرت الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» انتخاب السنوار انزياحاً نحو التشدد، وأن «العسكر» أصبحوا الطرف الأقوى في الحركة، على الأقل في غزة. وبناء عليه صار من الأهمية بمكان بالنسبة لهذه الأجهزة «اختبار» السنوار. ويبدو أنهم رأوا اغتيال الفقهاء كافياً بالنسبة إليه لعله يكشف بعضاً من نواياه. بمعنى آخر كانت العملية «استفزازاً» للسنوار أكثر مما هي للحركة في محاولة لسبر غور القائد الجديد، مع أنهم يعرفون أنه ليس «حاكماً مطلقاً»، وأنه قبل أيام من العملية فقط أشار إلى أهمية «الردع» الذي تتمسك به الحركة.
وفي هذا الإطار، يرى كثيرون أن حركة «حماس» تعتقد أنها بعد حرب 2014 (عملية الجرف الصامد)، استطاعت أن تحقق مستوى من (الردع) يجعل القيادة «الإسرائيلية» تفكر طويلاً قبل شن حرب جديدة. لكن إذا كان في إمكان القيادة «الإسرائيلية» أن تتحمل الوضع القائم، فإن السؤال يقع على حركة «حماس» فيما إذا كانت قادرة على تحمله في ظل استمرار الحصار والانتهاكات والاستفزازات «الإسرائيلية»، خصوصاً في ضوء التهديدات التي تطلقها كلما وقع اعتداء عليها. لكن السؤال الأهم الذي تجد حركة «حماس» نفسها في مواجهته هو: ماذا يعني «الردع» المتحقق بالنسبة لحركة مقاومة ترفع شعار التحرير؟ يذكر أن يحيى السنوار شدد في أول ظهور إعلامي له بعد انتخابه رئيساً للمكتب السياسي على هذا «الردع»، مذكراً أن الشيخ الشهيد أحمد ياسين كان قد أسس الحركة ل«تحقيق معادلة الردع مع العدو»، وذلك قبل أن تحكم الحركة في غزة.
في السياق، وبعد أن اتهمت أصوات حمساوية (الموساد) بتنفيذ عملية الاغتيال، خرج القيادي محمود الزهار، أكثرها تشدداً في التصريحات، بتصريح قال فيه: علينا أن نتريث قبل توجيه الاتهام لأية جهة، وربما كان يقصد «جهة داخلية» تعاونت مع (الموساد). لكن هذا التصريح في كل الأحوال يعني أنه لن يكون هناك رد سريع على عملية الاغتيال. أما «الردع» فيظل في كل الأحوال نوعاً من المحافظة على «الوضع القائم» الذي يعني بدوره تمسك «حماس» بسلطتها في غزة، وتحويل «المقاومة من أجل التحرير» إلى «دفاع عن النفس والوجود». وحتى لو تحقق هذا الهدف فهو لن يغير من الوضع الفلسطيني الراهن، ولا يقدم خطوة لا نحو «تحرير فلسطين»، ولا حتى في منع الحرب، لأن القيادة «الإسرائيلية» تظل قادرة على شن الحرب في اللحظة التي تريد، ولو بمستوى مرتفع من الكلفة.
وفي نفس المؤتمر الصحفي الذي ظهر فيه السنوار، تحدث إسماعيل هنية فذكر أن الشيخ أحمد ياسين أكد على أربعة مبادئ أولها «فلسطين كل لا تتجزأ، ولا يمكن التفريط أو التنازل عن شبر منها»، مشدداً على أن غزة «لن تكون خارج فضاء فلسطين». وثانيها أن «المقاومة خيار استراتيجي»، وثالثها «حماية الوحدة الوطنية الفلسطينية»، ورابعها «قضية فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم بل قضية العرب والمسلمين». وفي ضوء هذه المبادئ، يمكن التساؤل عما يحققه «الردع» منها في ضوء السياسات المتبعة؟


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2289188

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

77 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 80

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010