] دعوى صهيونية ضد غزة في محكمة لاهاي؟! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 8 آذار (مارس) 2017

دعوى صهيونية ضد غزة في محكمة لاهاي؟!

علي عقلة عرسان
الأربعاء 8 آذار (مارس) 2017

يوم الاثنين ٦/٣/٢٠١٧ كان الخبر الرئيس في جريدة “إسرائيل اليوم”، المعتَمَدَة من نتنياهو: “دعوى إسرائيلية تُرفع إلى المحكمة في لاهاي ضد إسماعيل هنية، لدوره المركزي في انتهاك حقوق الإنسان بشكل ثابت تجاه السكان الفلسطينيين في غزة في أثناء “حملة الجرف الصامد”.. ويطالب المدعون بالشروع في تحقيق جنائي شامل ضده، بسبب “دوره في ارتكاب جرائم حرب في أثناء المواجهة مع إسرائيل في 2014″. ويقوم برفع الدعوى المحامي ميخائيل كلاب مايرس، رئيس حركة “إسرائيل لي”، مستعينًا “بمعهد القدس للعدالة، في كتابة الدعوى”.
وفي الادعاء، كما نقله الصحفي الإسرائيلي “ليلاخ شوفال”، أن رجال حماس أطلقوا الصواريخ وقذائف الهاون من داخل التجمعات السكانية، وخزنوا صواريخ وقذائف هاون في مدارس، في مستشفيات وفي مساجد”.. وأنهم “استخدموا صواريخ غير قابلة للتوجيه الدقيق نحو أهداف عسكرية فقط. وحسب المدعين، فإن مرتكبي الجرائم شاركوا في دور مركزي في التسبب بموت أكثر من 2.100 مواطن غزي في أثناء المواجهة”. الموضوع من وجهة نظري، ليس الدفاع عن إسماعيل هنية، ولا عن حماس، بل عن القضية الفلسطينية، قضية الشعب الفلسطيني كله، والأمة التي ينتمي إليها، وكيفية التعامل مع ما تبقى منها، ومَن تبقى لها من أهلها، ومِن العرب الذين يُفتَرَض أن تكون القضية قضيتهم ومسؤوليتهم. ذلك لأن هذا التحرك الصهيوني، الذي يتزامن مع تقرير صهيوني عن عدوان “إسرائيل على غزة، المسمَّى “الجرف الصامد”، هو قيد التداول السياسي والإعلامي الآن، في كيان الإرهاب الصهيوني، ومع الحديث عن عدوان “إسرائيلي” يبيَّت ضد غزة بذريعة الأنفاق، وتولي قيادة جديدة لحماس “يحيى السّنوار” يعتبرونها خطرة؟!، وصدور التقرير الأخير لمنظمات حقوق الإنسان، الذي أكد قيام “إسرائيل” بأعمال إجرامية، في تلك الحرب العدوانية على غزة، وفي سواها، الأمر الذي واجهته حكومة نتنياهو باللجوء إلى أعمال استباقية منها:
١ – تقديم الدعوى التي فضح المحامي، مقدم الدعوى إلى مدعي عام محكمة لاهاي، الأهداف منها ومن هذا التحرك بقوله: “إسرائيل لي” “تختار عدم الانتظار للهجوم على إسرائيل في الساحة الدولية، بل أن تبادر إلى سلسلة أعمال هجومية ضد أولئك الذين يبغون الشر لنا”.
٢ – وقيام نتنياهو بضغوط عبر ترامب وغيره، لمنع تمويل منظمات تعنى بحقوق الإنسان، وتوجيه حكومته لإصدار قانون يضعف تمويل فروعها. وقد أشارت جريدة “ها آرتس” إلى ذلك في افتتاحيتها بتاريخ ٣/٣/٢٠١٧ حيث قالت: “صعدت حكومة إسرائيل درجة هذا الأسبوع في صراعها ضد العدو الوهمي المسمى “منظمات حقوق الإنسان”.. وأضافت في وصف ذلك قائلة: “وحده التعفن الأخلاقي العميق يمكنه أن يشرح محاولة بائسة كهذه للمس بالذات، بالمنظمات العاملة من أجل فئات جماهيرية هي الأضعف، الأكثر حاجة لكل مساعدة”.
لا يمكن تصور مدى الفجور “الإسرائيلي”، ولا المدى الذي بلغه العقل العنصري الصهيوني القذر، في ممارسة الإجرام والافتراء والتزوير، والقيام بكل فعل يناقض الحقيقة، ويشوه الوقائع، ويخالف القوانين الإنسانية والدولية، ويساعد على التهرب من العدالة، بل والظهور بمظهر أخلاقي، هو الأشد زيفًا عبر التاريخ… وهذا الكيان الإرهابي العنصري، يرمي في كل ممارساته وافتراءاته، ومنها تلك المتجلية بفظاعة في السنوات الأخيرة عبر الاستيطان والقتل والتهويد، إلى جعل الجلاد يظهر بمظهر الضحية، وجعل الضحية تبدو جلادًا؟! فهذا الكيان العريق في التزوير والإرهاب والإجرام، ارتكب أبشع الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، في كل حروبه العدوانية على غزة، وضد أبناء الشعب الفلسطيني منذ ما قبل عام ١٩٤٧ وحتى الآن.. فكل تاريخه جريمة، وكل وجوده جريمه. وكيفما استدرنا، وفكرنا، واستذكرنا.. تتقافز بعض جرائمه في الذاكرة، وتستفز الوجدان… فما ارتكبه من مذابح وفظائع في وطننا، وضد شعبنا، لا يمكن أن تُنسى، أو تغيَّب، أو تمر من دون أن تضغط على العقل والضمير، لأنها مرّت من دون عقاب، ولأن ضحاياها لم يتلقوا ما يستحقون من العدالة تريح أرواحهم.. وجرائمه تلك لا تُعدّ ولا تحصى، وإذا ذُكِرت مذابح قبية، ونحالين، واللد، والرملة، ودير ياسين.. إلخ، نهض ضحايا جرائمه ومذابحه بأكفانهم، في لبنان، حيث “صبرا وشاتيلا” و”قانا” الأولى والثانية، ليست سوى بعض مفردات الإجرام الصهيوني الفظيع.. وحيث مذبحة الأطفال المصريين في مدرسة “بحر البقر”، وقتل الأسرى المصريين المصفَّدين بالأغلال في سيناء، والأهوال التي ارتكبها الصهيوني في الجولان السوري المحتل، وفي.. وفي.. ليس كل هذا وسواه من الكثر الكثير.. سوى شرارات، أو شذرات مما تنز به الذاكرة العربية الحية، وهو غيض من فيض الإجرام العنصري الصهيوني العريق، إذ في كل عدوان صهيوني جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وممارسات إرهابية، منها حرق الأحياء في بيوتهم وهم نيام، مثلما في دوما قرب نابلس، وقتل المصلين وهم ركَّع سجود، مثلما في الحرم الإبراهيمي في الخليل.. وتمييز عنصري لا يُطاق. وحتى في “مشاريع” ساسة من ذلك الكيان، لما يدعونه حلولًا للصراع المتصل بقضية فلسطين، يضعون ما لا يمكن أن يصدقه عقل بشر، من تصورات ومواصفات وسيطرة تامة شاملة ومديدة، وشروط.. وحتى قوانين مزدوجة في دولة واحدة، قانون لليهود، وآخر مختلف للعرب، من إبداع “العبقريات العنصرية”، في آخر تطورات المرض العنصري المتوارث يهوديًّا، جيلًا عن جيل.. المتجلي اليوم في حزب “البيت اليهودي”.. فقد ذكرت جريدة هارتس افتتاحيتها يوم٦/٣/٢٠١٧ أنه يقول: “إن الاجماع الإسرائيلي تخلى عن رؤيا الدولتين، وتبنى بدلا منها أحلام عن الضم ورؤيا الدولة الواحدة، ذات منظومتين قانونيتين منفصلتين”؟!
عندما اكتسبت دولة فلسطين صفة مراقب في الأمم المتحدة، وحين انضمت، من بعد إلى اتفاق روما، وأصبحت ممن يحق لهم اللجوء إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، ولوَّحت برفع دعاوى أمام نلك المحكمة، ضد مجرمين صهاينة ارتكبوا جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، في غزة وغيرها من المواقع الفلسطينية، ضجت دولة الإرهاب، وضج حماتها.. واستنفرت حكومة نتنياهو أصدقاءها، وحلفاءها من تحت الطاولة، عربًا وحتى فلسطينيين شبه موالين…
وكان نتنياهو يطلب من الولايات المتحدة ومن الاتحاد الأوروبي “والرباعية = الجثة”، أن يضغطوا، حتى لا يتم توجه من هذا النوع باتجاه محكمة لاهاي.. بل ويشترط على الفلسطينيين، لا سيما في أثناء ما سمي بالمفاوضات، ألا يلجأوا إلى محكمة العدل الدولية، وكان الفلسطينيون خصوصًا، وهم أصحاب الحق، يستجيبون، ويسكتون على مضض، ويتجاوزون عن جرائم وممارسات وحقوق، ويلعقون جراحهم، ويصبرون.. فلعلَّ وعسى.. ويبقى ذلك الكيان العنصري سادرًا في غيِّه.. وها هو ذاته، بمجرميه الذين ابتلعوا معظم أرض الضفة الغربية، ودمروا البيوت على رؤوس أصحابها الفلسطينيين من القدس، وحتى أم الحِيران، وقتلوا، ويقتلون يوميًّا على الحواجز.. ها هم بذواتهم الذين دمروا غزة أكثر من مرة، وقتلوا المئات من أبنائها، ويحاصرونها حصارًا مميتًا، منذ أكثر من عشر سنوات، ويتحالف معهم في حصارهم، عرب من العرب على حصارها، حتى وصلت إلى درجة لا تطاق، وأفاد مسؤول ما يسمى الجبهة الجنوبية في ذلك الكيان العنصري المجرم، أفاد هو وأجهزة الاستخبارات الصهيونية، في شهادات رسمية أمام الكنيست: بأن غزة لن تكون في عام ٢٠٢٠ منطقة صالحة للسكن البشري، ولا بيئة يعيش فيها الكائن الإنسان لشدة ما لحق بها وببنيتها التحتية، وبسكانها من تدمير كارثي، شامل، وضائقات خانقة، وكل ما فرضه ويفرضه الحصار.. ها هو كيان الإرهاب، وها هم المجرمون ذاتهم الذين دمروا غزة وشعبها، يتهمون غزة وقادتها في أثناء العدوان والحصار الصهيونيين، بأنها مسؤولة عن الجرائم الفظيعة التي ارتكبها ويرتكبها الإرهابيون العنصريون .. ها هي “إسرائيل اليوم، تدعي على ضحاياها في غزة التي دمرت فيها العمران وقتلت فيها الإنسان.. وباسم ماذا؟! “باسم حقوق الإنسان”؟! فصدقوا أو لا تصدقوا.. “الصهيونية العنصرية الإرهابية: إنسانية، بل وتدافع عن حقوق الناس الذين أبادتهم، متهمة إياهم بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية؟! يا الله.. أعطنا قدرة على الاحتمال.
إن علينا ألا نستغرب مطلقًا، ما يحدث، وما يعد له من عدوان جديد على غزة، تهيأ له الأسباب، وعلينا ألا نستغرب أيضًا أنه إذا سقطت صواريخ من سيناء، تطلقها داعش من أرض مصرية، فإن غزة هي التي تعاقب غزة بقصف الطيران وبصواريخ من “إسرائيل”؟! العجائب في أمر كيان العنصرية والإرهاب الصهيوني لا تنتهي.. ولكن ما علينا أن نستغربه هذا السكوت من عرب، وحتى من فلسطينيي، على هذا الوضع الذي تتعرض له غزة، بل وتتعرض له قضية فلسطين، والدالة ذاتها؟!
هل هو بسبب تبني غزة لمقاومة تدافع عن النفس، أو تتطلع إلى تحرر الأرض؟! أم هو بسبب رفضها أن تنضم لتنسيق أمني وطيد مع المحتل الصهيوني، لتلاحق كتائب القسام، والجهاد الإسلامي، وعناصر من فتح، وكل مقاوم يتخذ من غزة متراسًا شرعيًّا، أو بالأخرى مشروعًا، ليدافع عن نفسه وطفله، وبيته وحقه ووطنه ودينه؟! أم أن السبب يكمن في أن غزة ترفع راية الجهاد، وتعلن تمسكها بالإسلام، ولذا فهي “إرهاب”، إذ الإرهاب إسلامي حسب الصهيونية، ولذا لا بد من أن يشترك القاصي والداني في إبادة الشعب في غزة، وجعلها بلقعًا أكثر مما هي كذلك؟!
تُرى.. هل تستحق غزة، المحاصرة تحت سمع العالم وبصره منذ سنوات وسنوات، في صحراء، لا زرع ولا ماء، أن تسمى مركز إرهاب، ويسمى مقاوموها “إرهابيون”، في الوقت الذي يُمارَس ضدَّهم الإرهاب، وينفذ ضدهم برنامج إبادة واضح للعالم كله، من شُعَبِهِ الحصار، والتجويع بهدف التركيع، والموت صبرًا؟! ومن شعبه أيضًا قصفها وإحراقها بالنار، وتخريب علاقات أهلها بعضهم ببعض، ورميهم في أتون الفتنة، وهم في الشدة التي ما بعدها شدة؟
لم تستطع الأمم المتحدة أن تحمي مقراتها في غزة، والأدهى أنها لم تستطع أن تعيد بناءها المدمَّر، ولا أن تسمي العدوان الإسرائيلي الذي دمرها، وقتل الفلسطينيين الذين لجأؤا إليها، عدوانًا.. ولا هي استطاعت أن تصف ممارسات “إسرائيل” وعدوانها الهمجي، بالعمل الإرهابي.. فهل فعل بها “إسماعيل هنية” كل ذلك؟! وإذا كانت هيئة دولية بهذا الحجم، لا تستطيع أن تمنع شخصًا “هنية” من فعل ذلك كله بها.. هذا من جهة.. ولا تستطيع أن تسمي الفاعل الحقيقي باسمه، ولا أن توصِّف فعله.. فكيف يمكن أن يُعوَّل عليها، وأن ننتظر من تلك الهيئة الدولية الأعلى في العالم أن تتحرك لتعدل، أو لتحمي، أو لتنتقد، أو لتمنع القتل والجريمة؟!
غزة مستهدَفة بكل المعاني.. فآنًا الأنفاق، وآنًا الصواريخ، وآنًا خطف جنود، وآنًا ظهور عناصر المقاومة في الشوارع، وأخيرًا وصول “يحيى السنوار” إلى مركز قيادة، والحديث عن إمكانية أن يتولى إسماعيل هنية موقعًا متقدمًا في حماس؟! وكل ذلك لأنه بقي في غزة مقاومة فلسطينية، وروح تحرير وطني فلسطيني. ولنا أن نسأل: ترى ألا ينظر العرب والمسلمون على الأقل، إلى هذا الاستهداف من منظور إنساني، إذا كان العالم قد فقد إنسانيته، أو صودرت قواه ومشاعره بفعل القوة العمياء؟! ألا يعني العرب أن يرفعوا الصوت، مجرد رفع الصوت، بأن هؤلاء البشر في غزة مِنَّا، ويهمنا أمرهم.. وينبغي أن يتوقف استهدافُهم، وأن يُرفع الحصار عنهم؟! يبدو أن هذا أصبح ليس من الأحلام، ولا الآمال العزيزة على النفس، بل هو رابع المستحيلات “الغول، والعنقاء، والخل الوفي. و.. و.. هل نجرؤ على القول: “ودعم المقاومة ضد الاحتلال؟.. يبدو أن الصمت المدوّي من حولنا يقول “العَوَض بسلامتكم”.. فالانتماء القومي العربي، والأخوة في الدين، والشراكة في الإنسانية.. كل هذا قد مات، ودفن منذ زمن في السياسة العربية، التي غدت تبيع وتشتري على مبدأ “أنا أولًا، ومن بعدي الطوفان”؟!


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 11

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010