] فرصة للإنقاذ في قمة عمّان - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 7 آذار (مارس) 2017

فرصة للإنقاذ في قمة عمّان

حافظ البرغوثي
الثلاثاء 7 آذار (مارس) 2017

تبذل القيادة الأردنية جهوداً مضاعفة لإنجاح مؤتمر القمة الذي تستضيفه المملكة نهاية هذا الشهر، وهي في سباق مع الزمن لتوفير المناخ الملائم للخروج بالحد الأدنى من الوفاق العربي الذي بات مفقوداً منذ سنوات أي منذ اندلاع مؤامرة الربيع القاحل. ولعل الجهود التي يبذلها العاهل الأردني حالياً تشابه ما بذله والده الملك حسين عندما استضاف القمة العربية الطارئة في سنة 1987 وأطلق عليها اسم «قمة الوفاق والاتفاق» لتحسين الوضع العربي وتنقية الأجواء بين العواصم العربية، ولبت جميع الدول العربية الدعوة باستثناء مصر التي كانت خارج الجامعة العربية بسبب اتفاق كامب ديفيد، ونجحت القمة في الخروج بمواقف موحدة أهمها دعم العراق في مواجهة احتلال إيران لأراضيه ودعم المملكة العربية السعودية بعد أحداث الشغب التي قام بها حجاج إيرانيون أثناء موسم الحج إضافة إلى مواصلة دعم لبنان في حواره الداخلي لحل أزمته ودعم التضامن العربي والعمل المشترك كقاعدة للعمل.
كانت تلك القمة الطارئة محاولة أردنية لضبط الوضع العربي آنذاك ومنع الانهيار قبل فوات الأوان. لكن الوضع الآن أكثر سوءاً من ذي قبل ولم يكن أحد يتخيل حتى في أسوأ الكوابيس أن يصل الوضع العربي إلى ما هو عليه حاليا. لكن الأردن لم ييأس بعد من التحضير للقمة رغم التشاؤم السائد في المحيط العربي وارتباطات بعض الدول إقليمياً التي تنغص أية محاولة للاتفاق على الحد الأدنى من العمل العربي المشترك لوقف الانهيارات وسفك الدماء والفتن المستشرية في كل مكان ناطق بالضاد.
وقد أجرى الأردن خلال الشهور الماضية اتصالات خارجية وعربية بهدف حشد الدعم لإنجاح القمة والتقليل من مخاطر التدخلات الخارجية التي هي السبب الرئيسي في الفوضى العارمة التي تهيمن على المشهد العربي. وقد اختط الأردن نهجاً مميزاً خاصة في الآونة الأخيرة كعنصر جامع لا مفرق في الساحة العربية وبات مقبولاً من أغلب الأطراف، إذ إنه استنتج بعد اندلاع الفتن أن مشعليها لا بد وأن يلقوا بشرارة الإرهاب والفتنة وشرورهم عليه فأعاد صياغة سياسته على أساس تصفير الخلافات مع الجوار وبناء جسور حوار بدلاً من إقامة خنادق إلا لمواجهة الإرهاب. فشعار حماية الأردن له الأولوية حالياً حتى لا يتم إغراقه في أتون الإرهاب والفتن.
عملياً استعاد الأردن دوره كعنصر معتدل لا طموحات ذاتية له سوى إعادة ترميم العلاقات البينية عربياً والتأسيس لمحور عربي غير مرتبط بأجندات خارجية أو أطراف إقليمية لها مآرب أكثر من خبيثة في الوطن العربي.
المساعي الحثيثة التي بذلت حتى الآن هدفها أن يكون حضور القمة على المستوى الأعلى حتى تؤتي أكلها وتخرج بنتائج تهدئ الأجواء والخلافات والمواقف العربية. بالطبع ستكون هناك ملفات شائكة مثل الملف السوري والملف الإيراني والملف «الإسرائيلي» - الفلسطيني وحرب اليمن والحرب الليبية الخ. فالأردن يرى أن الأزمة السورية لا تحل إلا سياسياً وهو حل بدأ بحثه في أستانة وجنيف لكن هناك خشية من تفجير القمة إذا ما طرح البعض عودة النظام السوري إلى مقعده في الجامعة العربية ولكن من المبكر الحديث عن ذلك في ظل عدم التوافق، فالأردن يبحث عن التوافق وليس التنافر، وعلاقات الأردن مع العراق تبدو في تطور مستمر. لكن على الجانب الآخر هناك «إسرائيل» التي يبدو أنها ماضية قدماً في الاستيطان وأسقطت حل الدولتين ما يهدد الوجود الأردني نفسه. فاقتراح الدولة الواحدة الذي تحدث عنه الرئيس ترامب دار حوله لغط، وهناك مشروع الوطن البديل الذي يتحدث عنه بعض قادة اليمين «الإسرائيلي» منذ عقود وارتفعت أصواتهم مؤخراً داعية لإقامة دولة فلسطينية في الأردن وهو ما يرفضه الأردنيون والفلسطينيون على حد سواء أو إقامة وطن بديل في سيناء وهو أمر مرفوض مصرياً وفلسطينياً أيضاً. ويبدو أن البعض العربي يعول على الرئيس ترامب في إدخال تغييرات على السياسة الأمريكية في المنطقة لكن كما يبدو فإن ترامب ليس في وارد ذلك باستثناء محاربة الإرهاب بالتعاون مع روسيا، أما ما يتوقعه البعض من صدام مع إيران فهو محض خيال لأن الرئيس الأمريكي لن يستطيع إلغاء الاتفاق النووي طالما التزمت إيران به كما أن أوروبا لن تؤيده. فالرئيس الأمريكي لن ينشغل في السياسة الخارجية كثيراً بل سيظل جل تفكيره منصباً على الشؤون الداخلية وما زالت سياسته غير متبلورة خارجياً لعدم استكمال الطاقم المعاون له.
القمة العربية مطالبة بتهدئة الخلافات والاتفاق على الحد الأدنى من القضايا على أمل تهيئة الظروف مستقبلاً للبدء في تفكيك الأزمات العربية. ولعلنا لاحظنا كيف أن القوى الإقليمية غير العربية تتفق وتختلف دون ضجيج مثلما يحدث بين إيران وتركيا أو بين «إسرائيل» وتركيا، لكنهم في النهاية يختلفون على نفوذهم في المنطقة العربية فقط أي أننا ساحتهم.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2323729

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 19

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28