] «الدولة الواحدة» بين الوهم والحقيقة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 2 آذار (مارس) 2017

«الدولة الواحدة» بين الوهم والحقيقة

عوني صادق
الخميس 2 آذار (مارس) 2017

كل من لديه إلمام بتاريخ الحركة الصهيونية، ولو في الحد الأدنى، يعرف أن «المشروع الصهيوني» قام على كذبة معروفة زعمت أن فلسطين «أرض بلا شعب»، أكثر من ذلك لم تكن حدود «المشروع الصهيوني» تقف عند حدود فلسطين التاريخية، بل تعدته فكانت تمتد من «النيل إلى الفرات». لذلك رفضت القيادات الصهيونية دائماً، قبل قيام «دولة إسرائيل» وبعده، فكرة قيام «دولة فلسطينية مستقلة»، من حيث المبدأ، وكانت «الموافقات» عليها شكلية وتكتيكية، تتساوق مع المخطط الصهيوني، ومراحل تنفيذه. من هنا، فإن الزعم بأن «اتفاق أوسلو» أسس لقيام «دولة فلسطينية» بعد خمس سنوات من إعلانه كان كذبة أخرى، علماً بأن الاتفاق المذكور أسس لقيام «حكم ذاتي محدود»، أعادت التأكيد عليه القيادة «الإسرائيلية» الحالية علناً، ومن دون مواربة في تصريحاتها الأخيرة مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة. أما «عملية السلام» المزعومة التي رعتها الولايات المتحدة، وفي إطارها ما سمي «حل الدولتين»، فلم يكونا إلا غطاء لمنح الوقت المطلوب لتنفيذ السياسات المعتمدة لتحقيق كامل المشروع الصهيوني الأصيل.
هكذا، ومع الإعلان الرسمي عن دفن «حل الدولتين»، وبعد اللقاء الأخير الذي جمع ترامب ونتنياهو في المؤتمر الصحفي المشترك في واشنطن، بدأ الحديث عن «بدائله»، ومن ضمنها «حل الدولة الواحدة» الذي بدأ بعض الفلسطينيين يروجون له، متناسين طبيعة المشروع الصهيوني الاستيطاني الكولونيالي العنصري التوسعي. لذلك فإن من لا يقبل «الدولة الفلسطينية» على 10% من أرض فلسطين لن يمنح الفلسطينيين فرصة السيطرة على فلسطين كلها في إطار «الدولة الواحدة الديمقراطية». ويستطيع المرء أن يتفهم شعار الوطنيين الفلسطينيين في حدود 1948 «دولة لكل مواطنيها»، فهو شعار نضالي فرضته ظروفهم تحت الاحتلال كمواطنين، ولو من الدرجة الثانية. أما غيرهم ممن يرفعون الشعار فهم إما جاهلون وهذا مستبعد، وإما أنهم متجاهلون واهمون. وهذا ما يقوله من يراهنون عليهم من الصهاينة «العقلاء» الذين يزعمون أنهم ضد الاحتلال والاستيطان في الضفة الغربية.
وقد بدأ الرهان الجديد قبل وصول بنيامين نتنياهو إلى واشنطن للقاء ترامب، وجاء في «حركة استباقية» على لسان «أمين سر اللجنة التنفيذية» لمنظمة التحرير، كبير المفاوضين، صائب عريقات، الذي قال: «من يدمر خيار الدولتين يجب عليه أن يتعامل مع خيار الدولة الديمقراطية الواحدة التي يتساوى فيها الجميع من كل الأديان»، لكن صائب عريقات يعرف جيداً أنه بأسلوب «الحياة مفاوضات» لن يصل إلا إلى تسليم فلسطين كلها للمستوطنين الصهاينة، والمفارقة هنا أنه يجد الجواب عندهم. وفي ما نشرته صحفهم، وكتبه معلقوهم الرد الكافي على عريقات.
فمثلاً، جاء في افتتاحية صحيفة (هآرتس- 17/2/2017) ما يلي: «حكومة «إسرائيل» التي يسارع بعض من أعضائها للقفز على فكرة الضم، ليست مخولة لأن تتبنى فكرة الدولة الواحدة من دون أن تأخذ في الحسبان أن هذه الفكرة تتضمن منح المساواة في الحقوق للجميع. وبالتالي فإن معناها التخلي عن الفكرة الصهيونية».
وفي الصحيفة نفسها (هآرتس- 19/2/2017)، كتب روغل إلفر، تعليقاً على مطالبة رئيس الكيان رؤوبين ريفلين بضم الضفة الغربية ومنح الفلسطينيين فيها الجنسية، وهو ما رآه دعوة إلى «دولة ثنائية القومية»: «الدولة ثنائية القومية هي خطر وجودي. وعندما يطلب الرئيس ريفلين الضم فهو يطلب بذلك القضاء على دولة «إسرائيل»، ليس أقل من ذلك. رئيس الدولة يطالب بالقضاء على الدولة. ألم تشاهد عيونه أن اليهود في «إسرائيل» لن يمنحوا ملايين الفلسطينيين المواطنة الكاملة والحق في الانتخاب؟».
اللافت أن بعض المروجين لحل «الدولة الواحدة» من الفلسطينيين والعرب، ينطلقون من أن «حل الدولتين» كان قاب قوسين أو أدنى في نهاية ولاية بيل كلنتون في كامب ديفيد العام 2000، «لكن الخلافات على نسبة لا تزيد على خمسة في المئة من الحل، ولا سيما بعض التفاصيل الخاصة بالقدس، أفشلت المفاوضات». ويبدو في رأي هؤلاء، أن قيادة عرفات تتحمل مسؤولية الفشل، وكذلك «حركة حماس قامت بالدور نفسه ضد الحل والسلطة الفلسطينية»، وذلك ما جعل «حل الدولتين يفقد مقوماته على الأرض بفعل المتغيرات العدوانية، وتهميش اليسار وقوى السلام في «إسرائيل»».
على الداعين إلى «الدولة الواحدة الديمقراطية» أن يعلموا أن الطريق إليها لن يكون إلا بالتحرير الكامل، ولن يكون ذلك بالمفاوضات، أو بالتحايل والخضوع للمخططات الصهيونية.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

40 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 42

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010