] الدولة الفلسطينية من منظورين - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 26 شباط (فبراير) 2017

الدولة الفلسطينية من منظورين

حمادة فراعنة
الأحد 26 شباط (فبراير) 2017

كما أن الشعب الفلسطيني وقياداته السياسية مع قيام دولة فلسطينية مستقلة ، فالشخص الأكثر حماساً في قيادة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي لمشروع الدولة الفلسطينية المستقلة هو نتنياهو نفسه ، ولأنه الأكثر حماساً وانحيازاً للانفصال عن الفلسطينيين يختلف عن ليبرمان وبينيت وتطلعاتهما في ضم الضفة الفلسطينية لخارطة التوسع الاستعماري الاسرائيلية .
صحيح أن كافة القيادات والأحزاب والمستوطنين يتمسكون بأرض فلسطين الكاملة باعتبارها خارطتهم وأرضهم التي وعدهم يهوذا بها وولدت الحركة الصهيونية مع نمو نزعة الاستعمار الاستثماري الأوروبي ونهب ثروات العالم المتخلف ، وسارت معهم ، ونفذت برنامجهم الذي تقاطع مع قناعاتهم التوراتية ، ولكن الصحيح أيضاً أن ما يعرفه نتنياهو من تقارير المخابرات والجيش ، واطلاعه على مواقف المجتمع الدولي ، تجعله أكثر يقظة وتحفظاً من الأخرين الأكثر تطرفاً منه ، في كيفية تعامله مع الفلسطينيين ، وأكثر دهاء في تعاطيه مع المجتمع الدولي وسياساته ومصالحه ، وانكشافه أمام المستشارة الألمانية ميركل دفعتها لأن تصرح علناً وتقول “ فقدت السياسة الاسرائيلية مصداقيتها أمام عدم تنفيذ الالتزامات المترتبة عليها ازاء حل الدولتين بوقف الاستيطان “ .
نتنياهو مع حل الدولتين لسببين جوهريين : أولهما لأنه لا يستطيع ولا يريد ضم 2.5 مليون عربي فلسطيني أهل وسكان وشعب الضفة الفلسطينية لمشروعه الاستعماري العنصري ، وثانيهما لا يريد المزيد من التصادم مع المجتمع الدولي وخاصة مع أوروبا التي بدأت تتراجع عن حماسها للمشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي ودعمها له كما كان سابقاً ، وخاصة بريطانيا وفرنسا والمانيا أصحاب الفضل في انشاء المشروع الاستعماري الاسرائيلي على أرض فلسطين .
ولذلك يقف نتنياهو في طليعة الاسرائيليين والأكثر حماساً لفكرة الدولة الفلسطينية لأنها تستجيب لرغبات الفلسطينيين في الحفاظ على هويتهم الوطنية المستقلة ، ولأنها تستجيب لتوجهات المجتمع الدولي لحل الدولتين ولكن ما هو مفهومه لحل الدولتين ؟؟ وما هي رؤيته للدولة الفلسطينية المستقلة ؟ هذا هو السؤال الجوهري ، وبمعرفة اجابته تتكشف حقيقة نواياه العدوانية التوسعية الاستعمارية نحو فلسطين والفلسطينيين .
مشروع نتنياهو هو دولة فلسطينية في قطاع غزة يُتبع لها سكان الضفة الفلسطينية المحكومين بادارة ذاتية مستقلة كما هو حاصل حالياً مع توسيع رقعة الحكم الذاتي في المدن بما فيها اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وبلدية وشرطة تحفظ الأمن وتُدير العلاقات بين الناس ، ولكنهم يعيشون على أرض “ اسرائيل “ صاحبة السيادة على الضفة الفلسطينية ، وبذلك يكون نتنياهو قد تخلص من الفلسطينيين كبشر لا يقوى على طردهم القسري خارج وطنهم المصادر ، ويديرون أنفسهم بأنفسهم ويتبعون لدولتهم وعاصمتهم غزة ، هذا هو المضمون السياسي السيادي وسقف مشروع نتنياهو نحو الدولة الفلسطينية ورؤيته لها ، وهو يعمل الأن وينفذ مشروعه من خلال خطته المعلنة “ الحل الأقتصادي “ نحو تحسين حياة الفلسطينيين المعيشية ، وعبر الأتفاق التركي الاسرائيلي والتفاهم القطري المعلن باقامة مشاريع تنموية حيوية في قطاع غزة وتأهيلها في تحسين البنى التحتية التي تستجيب لمشروع دولة مؤهلة قادرة على مواصلة الحياة عبر أنابيب التغذية الاسرائيلية والأجنبية .
مشروع نتنياهو يكاد يكون واضحاً ودقيقاً يتم تنفيذه بشكل تدريجي ، مستفيداً من ضعف سلطة رام الله المقيدة ، ومن سلطة غزة العاجزة التي ترى تحسين أحوال أهالي القطاع من الدعم التركي القطري عبر البوابة الوحيدة ، بوابة الحاكم العسكري الاسرائيلي وكرم تسهيلاته ، على أنها فرصة لتعزيز سلطتها الأحادية المنفردة بعيداً عن سلطة رام الله وشروط حركة فتح الأكثر انصياعاً لسلطات الاحتلال وبساطيره وبرنامجه الأنتظاري لتأكل دور حركة فتح وانحسارها وذوبان تأثيرها وفقدان مصداقيتها أمام شعبها المصدوم والمضروب على رأسه حيث يعيش حالة التوهان بغياب برنامج تأهيلي يعيد حركة فتح الى طريق صوابها وخيارات كفاحها كأول الرصاص وأول الحجارة وصاحبة المبادرات الخلاقة في الوحدة الوطنية والتحالف الجبهوي لتجعل الكل داخل الحاضنة الفلسطينية منظمة التحرير ، وهي بدلاً من أن تفعل ذلك تدفع ليس فقط خصومها للابتعاد عنها بل حتى قواعدها وكوادرها ، تدفعهم نحو مواقع الخصومة ، عبر البطش واتهامات الأنتماء لتيار النائب محمد دحلان وكأن خصومته تفوق العداء للاحتلال والاختلاف السياسي والبرنامجي مع حركة حماس .
الاحتلال يواصل مشروعه بتنفيذ مخططاته بشكل تدريجي بادارة نتنياهو وفتح وحماس تتصارعان ، وتختلفان على كعكة سامة ، وعلى جلد الدب قبل اصطياده ، وهكذا يدمرون أنفسهم مجاناً لصالح العدو بلا وعي وبلا وقفة حساب مع النفس ، وبلا مراجعة مع الذات .


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 15

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010