] الاحتلال لا يتجزأ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 26 شباط (فبراير) 2017

الاحتلال لا يتجزأ

خيري منصور
الأحد 26 شباط (فبراير) 2017

إحدى مفارقات التاريخ أن الاحتلال يُوَحّد رغماً عنه ضحاياه، حتى لو غاب الوعي عن بعضهم قليلاً ولفترة لا تطول. والمثال الفلسطيني الذي يشهد على آخر احتلال في التاريخ يجسد هذه المفارقة، فالانقسام الذي ابتلي به الفلسطينيون سياسياً أو أيديولوجياً بقي في نطاق الطبقة السياسية ذات المصالح، أما سائر الناس الذين يرزحون تحت الاحتلال فإنهم يدركون بأن الاحتلال يشملهم جميعاً بشراً وشجراً وحجراً، ولا يستثني أحداً منهم، وهذا ما عبر عنه مثقفون فرنسيون في أربعينات القرن الماضي عندما كانت فرنسا ترزح تحت الاحتلال النازي، خصوصاً بعد أن أُعلنت حكومة فيشي بقيادة المارشال بيتان في جنوب فرنسا. فالاحتلال كما وصفه سارتر في كتاب «جمهورية الصمت» لا يتجزأ، وهو موجود على مدار اللحظة، وليس على مدار الساعة فقط!
وما من نهاية له إلا ما تصنعه المقاومة، لهذا سارع اليمينيون إلى عناق اليساريين كما فعل فرانسوا مورياك ولويس أراغون. واشتركا في منشورات نصف الليل في باطن الأرض، وكانا يصغيان معاً إلى وقع الأحذية الثقيلة لجنود الاحتلال وهم يذرعون الأرصفة، وفي كل التجارب المماثلة كان الاحتلال أو الغزو الخارجي سبباً مباشراً لتأجيل الخلافات البينية المحلية؛ وذلك تبعاً لقائمة الأولويات التي لا يمكن التلاعب بها في اللحظات الحرجة!
وكما أنه ما من نصف وطن أو ربع هوية فإن الاحتلال أيضاً لا يقبل القسمة إلى احتلال حميد وآخر خبيث، فالكسور العشرية خارج هذا المدار.
وحين تهدد حكومة نتنياهو بالسيطرة الأمنية الكاملة على الضفة الغربية فذلك ليس فقط إعادة احتلال، بل هو اعتراف غير مباشر بأن أوسلو الذي مات ولم يدفن بعد وزكمت رائحته الأنوف لم يكن سوى كمين أو فخ، لهذا تم استخدامه محنطاً لأكثر من عشرين عاماً بهدف كسب الوقت بالنسبة للاحتلال وإضاعته بالنسبة للفلسطينيين.
والوعد الأمريكي الذي كرره أوباما في مطالع ولايته بحل الدولتين أصبح الآن محذوفاً وبدائله هي إما عودة الصراع إلى المربع الأول أو تحويل القرارات الدولية وما صدر عن مجلس الأمن وكل ما له صلة بحقوق البشر إلى حبر على ورق!
ما من احتلال ناقص لأنه ما من نصف وطن أو ثلث استقلال!


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 11

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010