] “دولة واحدة”؟ قولوا كيف - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 25 شباط (فبراير) 2017

“دولة واحدة”؟ قولوا كيف

برهوم جرايسي
السبت 25 شباط (فبراير) 2017

عاد في الأيام الأخيرة، الجدل حول شكل حل القضية الفلسطينية، على خلفية ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في واشنطن: “دولتان، دولة، ما يقرره الإسرائيليون والفلسطينيون مقبول عندي”. إذ وجد دعاة “الدولة الواحدة” الفرصة مناسبة ليطرحوا من جديد فكرتهم، معلنين أنه وفق الظروف القائمة بفعل الاستيطان في المناطق المحتلة منذ العام 1967، لا يمكن الاتجاه نحو “حل الدولتين”. إلا أن أصحاب فكرة “الدولة الواحدة” لا يشرحون كيفية تطبيق رؤيتهم أمام الحركة الصهيونية الإرهابية الاقتلاعية.
بالإمكان أن نكون جازمين بالقول، إنه لا يوجد فلسطيني وطني واحد لا يتمنى قيام دولة فلسطينية على كامل التراب الوطني. ولهذا فإن خيار الدولة الواحدة هو أمنية وطنية، لا يمكن الاستهتار والاستخفاف بها، ولكن الحلول لا يمكن أن تبنى فقط على الأماني.
والدولة الفلسطينية الواحدة “من الممكن” أن تقوم من خلال طريق واحدة، لا ثاني لها: ترحيل 6.5 مليون يهودي من فلسطين، أو أغلبيتهم الساحقة. وهذا ما لم أقرأه لدى دعاة الدولة الواحدة، بل هم يتكلمون عن “دولة ثنائية القومية”؛ وهذه فكرة تتجاهل كليا حقيقة الصهيونية وعقليتها العنصرية الاقتلاعية. فإذا كان الصهاينة يرفضون إقامة كيان فلسطيني مستقل على 22 % من فلسطين التاريخية، فكيف يمكن تخيل إمكانية قبولهم بدولة “ثنائية القومية”، من المفترض أن يخسروا فيها الحكم، بفعل العامل الديمغرافي؛ إذ حسب التقديرات، فإنه خلال سنوات قليلة جدا، سيصبح اليهود في فلسطين التاريخية أقلية؟
وتُظهر استطلاعات إسرائيلية أن أكثر من 55 % من اليهود الإسرائيليين يؤيدون “حل الدولتين”، بغض النظر عن شكل الدولة الفلسطينية؛ من مجرد كيان ممسوخ منزوع السيادة، إلى دولة على خطوط 1967 مع تبادل أراض. وهناك متفائلون يتكلمون عن نسبة 70 %، بينما استطلاعات مستوطنين تتحدث عن حوالي 40 % يؤيدون حل “الدولتين”.
ولكن النسبة الساحقة جدا من اليهود الإسرائيليين من مؤيدي قيام دولة فلسطينية، وحتى مؤيدي حدود 67 من بينهم، ينبع تأييدهم لقيام دولة فلسطينية أساسا من الخوف على كيان “الدولة اليهودية”. وقد لا نجد أكثر من 5 % من اليهود الإسرائيليين يؤيدون “الدولة” من منطلق حق الفلسطيني في وطنه. وهذا يقول الكثير لدعاة “الدولة الواحدة”؛ بمعنى أن طرحهم لن يجد آذانا صاغية عند الغالبية الساحقة جدا من الإسرائيليين؛ فما بالكم سيكون موقف هؤلاء، حينما يُطرح مطلب عودة المهجّرين الفلسطينيين إلى وطنهم؟
ومن دون تشويه، ومن دون قصد المس بالقوى الفلسطينية، فإن مبدأ “الدولة الواحدة” قائم أيضا لدى اليمين الصهيوني الأشد تطرفا، دعاة بسط ما يسمى “السيادة الإسرائيلية” على كامل فلسطين التاريخية. فأولئك يطرحون “الدولة الواحدة”، على أن يتم تحويل المدن الفلسطينية والقرى المجاورة لها في مناطق الضفة إلى كانتونات مغلقة ومنفصلة عن بعضها، تدير شؤونها اليومية، بينما يبقى جيش الاحتلال القوة العسكرية الوحيدة في فلسطين.
وفي الأيام الأخيرة، شاهدنا بعض “الليبراليين” الإسرائيليين الذين شطحوا في خيالهم، وطالبوا بدولة واحدة مع برلمانين اثنين، واحد لكل الفلسطينيين في فلسطين التاريخية وآخر لليهود، مع مجلس تنسيق أعلى، بينما يبقى الجيش هو فقط الجيش الإسرائيلي. مع معرفة هؤلاء أن الاقتصاد سيبقى بيد إسرائيل، نظرا لقوة اقتصادها مقارنة بالاقتصاد الفلسطيني الهش. وحينما يكون الجيش والاقتصاد بيد الصهاينة، فتخيلوا أي حال للشعب الفلسطيني ستكون في “الدولة ثنائية القومية”.
الاجتهاد في الفكر أمر مطلوب وحاجة ماسة لتطوير آليات الدفع بقضية الشعب الفلسطيني. ولكن على كل اجتهاد أن يضمن ثبات الأقدام على الأرض، ورؤية حقيقة وجوهر العدو الماثل أمامنا. فمن يرفض حل الدولتين هي إسرائيل والصهيونية، لأنها ترفض الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في وطنه. ومن الخطورة في هذه المرحلة السوداوية بالذات، إغراق الشعب الفلسطيني في دوامة جدل حول حل ليس واقعيا.
والمطلوب الآن هو إخراج الشعب الفلسطيني من دوامة الصراع الداخلي، من أجل استنهاض المقاومة الشعبية الجماهيرية الواسعة، للضغط على الاحتلال، والتقدم نحو الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة المهجّرين.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

44 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 46

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010