] فلسطين و«فخ» الدولة الواحدة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 25 شباط (فبراير) 2017

فلسطين و«فخ» الدولة الواحدة

كمال بالهادي
السبت 25 شباط (فبراير) 2017

يبدو أن القضية الفلسطينية، ستشهد فصلاً جديداً، ربما يكون أكثر تراجيدية من نكبة 1948 ومن نكسة 1967. فالتحالف اليميني الذي يقوده بنيامين نتنياهو في دولة الكيان الغاصب، يجد من الرئيس الأمريكي الجديد دعماً قوياً، لتنفيذ سياساته المعادية للسلام.
زيارة نتنياهو لواشنطن، ولقاءاته العديدة بالمسؤولين في الإدارة الأمريكية الجديدة وعلى رأسهم، الرئيس دونالد ترامب، تثبت مدى قوة التحالف بين اليمينين المتطرفين في كل من واشنطن وتل أبيب. وهذا التحالف القوي من شأنه أن يعمل على فرض التوجهات والخيارات الصهيونية، في ظلّ حالة موات عربي، وفي ظل تشتت فلسطيني داخلي.
ما رشح عن هذه الزيارة، علاوة على التأكيد المشترك على دعم الكيان بكل الطرق والدعوة إلى التعامل «بإنصاف» مع تل أبيب في المنظمات الدولية، فإن المعطى الجديد، الذي برز بقوة في اللقاء بين نتنياهو وترامب، يكمن في إطلاق فكرة الدولة الواحدة، وهي محاولة جديدة للالتفاف على القضية الفلسطينية.
ما يلفت الانتباه في هذا المشروع الجديد الذي سارعت بعض وسائل الإعلام البريطاني إلى الترويج له كمخرج وحيد للاستعمار الاستيطاني الذي يقوده الكيان، يمثل «مصيدة» وفخّا، لأنه سيعدم هذه القضية الإنسانية. فليس من قبيل الصدف أن يتزامن إطلاق هذه المبادرة مع زيارة نتنياهو لواشنطن، ولبريطانيا، في وقت متقارب. الجميع يعلم أن الدول الفاعلة في القضية الفلسطينية منذ، إنشاء الكيان الصهيوني هي بريطانيا وأمريكا، الأولى أنشأت والثانية تبنّت وظلت حامية للكيان الناشئ حتى صار قوة، يهابها الأوروبيون أنفسهم.
دعوة الرئيس ترامب إلى «إنصاف» الكيان في المؤسسات الدولية، تعني استعادة معنى «المظلومية» وهو المعنى الذي أنشأت عليه دولة الكيان أساطيرها. وتصريح الرئيس الأمريكي، كأنه يحمل اتهاما مبطّنا للمجتمع الدولي، بأنه يعادي «إسرائيل»، وقد لا نعجب إذا صرح ترامب يوماً بأن «كلّ العالم معاد للسامية».
المهمّ في نظرنا أن بداية الترويج لمشروع الدولة الواحدة، يخفي في طياته حيلاً ماكرة، لأنّه لن يقوم على إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة بل إنهّ سيعني إسقاط معاهدة أوسلو للسلام التي تم توقيعها في العام 1993، والتي أقيمت على مبدأ حلّ الدولتين، وسيعني أيضا تعويض سياسة الاستيطان «المزعجة دوليا» بقرار إعادة الضمّ للأراضي التي تم تحريرها في اتفاقية أوسلو. إنّ تصريحات الرئيس الأمريكي عن أن الاستيطان لا يشكل عقبة أمام السلام، يعني أنّ هناك مشروعاً أكبر من مشروع الاستيطان يقع طبخه في الكواليس، لتكون فكرة الدولة الواحدة هي الخيار الوحيد للفلسطينيين، فإما القبول به أو مواجهة مصيرهم بتوسيع الاستيطان وضمّ الأراضي المحررة بعد أن يتم قضم أجزاء منها عبر الاستيطان. والحقيقة التي لا تخفى على مراقب، هي أن الاستيطان قد تمكن من قضم مساحات واسعة من الضفة الغربية ومن القدس، وسط صمت دولي، وعجز تام عن إيقافه، تلك الأراضي التي تم قضمها هي الآن تحت سلطة الكيان ولا أحد باستطاعته إعادتها لأصحابها.
نتنياهو وفريقه اليميني يراهن على دعم دولتين هما الولايات المتحدة بقيادة ترامب، وبريطانيا بقيادة تيريزا ماي. وفي الحالة الفلسطينية، فإن التحالف الأمريكي الصهيوني البريطاني، سيعني وأداً جديداً لما تبقى من حقوق أبناء شعب الجبارين، وستكون فكرة الدولة الواحدة هي المصيدة الجديدة التي سيتم جرّ الفلسطينيين إليها جرّا.
هناك عامل جديد، يظهر على السطح في خطاب ترامب ونتنياهو، ويتمثل هذا الخطاب في نزع شرعية الفلسطينيين، كطرف أساسي في المفاوضات، إذ تمّ الحديث عن أنّ المفاوضات ستتسع لكل الشركاء في المنطقة وبدأ الحديث عن حلفاء «إسرائيل» الذين سيقضون على إرهاب «داعش» والذين سيصنعون، ربيع المنطقة ويعم السلام والازدهار!
مقاصد هذا الخطاب واضحة، وهي جذب حلفاء متوقعين، سيكون لهم دور الضغط على الفلسطينيين، للقبول بأي حل جديد، وترغيبهم بضرورة الإسراع بالتسوية وتقديم مزيد من التنازلات.
الكيان هندس لفكرة حل الدولة الواحدة، وسيعمل على ترويج الفكرة على أن يكون أبناء الأرض أقلية متحكم في مصيرها، وعلى أن يكون قطاع غزة خارج الحسابات، وألاّ يكون لفلسطينيي الشتات حقّ العودة إلى أراضيهم. يبدو المشهد سورياليا لو قبل به الفلسطينيون، لكن التجارب أثبتت أن هناك عرابين من الداخل الفلسطيني ومن الخارج الإقليمي والدولي، يمكن أن يلعبوا أي دور في جعل الكيان هو الطرف الرّابح والآمن والقوي.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2323068

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 10

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28