] لا «دولتان» ولا «دولة» - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الاثنين 20 شباط (فبراير) 2017

لا «دولتان» ولا «دولة»

د.عبدالله السويجي
الاثنين 20 شباط (فبراير) 2017

حين اقترح القذافي حلاً للصراع الفلسطيني «الإسرائيلي» بقيام دولة واحدة، يعيش فيها «الإسرائيليون» والفلسطينيون وسمّاها «إسراطين»، كان ذلك من باب الهلوسة السياسية. الفكرة ذاتها يتم تداولها الآن بشكل غامض وماكر، وزعيمها الرئيس الأمريكي المثير للجدل دونالد ترامب الذي تراجع وانحرف عن التزام الولايات المتحدة بشأن حل الدولتين، حيث قال في مؤتمر صحفي إنه ينظر إلى حل الدولتين وحل الدولة الواحدة، «ويعجبني الحل الذي يعجب الطرفين». لكن القصة ليست بهذه الزئبقية والدبلوماسية، إذ يبدو أنه تم إعداد سيناريو لزيارة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء «الإسرائيلي» قبل سفره إلى الولايات المتحدة، فقد أعلن ترامب ونتنياهو في مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي تأييدهما لاتباع «نهج إقليمي» لحل الصراع الفلسطيني «الإسرائيلي»، وقال ترامب إنه ونتنياهو ناقشا فكرة اتفاق إقليمي، وأشار إلى أن اتفاقاً من هذا النوع «سيشمل دولاً كثيرة». ووجه كلامه إلى نتنياهو بطريقة مسرحية: «لم أكن أعلم أنك ستأتي على ذكر هذه المسألة، ولكن بما أنك فعلت، فهذا أمر رائع».
وكانت وكالة «معا» الإخبارية الفلسطينية قد نقلت في السادس من الشهر الحالي، أي قبل زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة، عما وصفتها بمصادر مطلعة قولها «إن موقف الولايات المتحدة في الشأن الفلسطيني آخذ بالتغير بسبب ضغوط من قادة عرب، من ضمن ذلك لقاء مع ملك الأردن عبدالله الثاني، ومحادثة هاتفية مع الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز واتصالات جارية بين ترامب والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي».
وتلقفت دول غربية أخرى فكرة الدولة الواحدة بسرعة، فأعلنت وزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب «أنه بينما لاتزال بلادها تدعم فكرة الدولتين، فإنها مستعدة لقبول اتفاق دولة واحدة في حال رغب كلا الطرفين بذلك»، وكررت ما ذكره ترامب الاستعداد لقبول أي قرار يتوصل إليه «الإسرائيليون» والفلسطينيون!
الفكرة التقطها د. صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقال في مؤتمر صحفي عقده: «نقول لجميع من يريد دفن حل الدولتين بحدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، من خلال الإملاءات وتوسيع الاستيطان وسرقة الأرض والموارد والمياه، إن البديل الوحيد هو دولة ديمقراطية واحدة وحقوق متساوية للجميع من المسيحيين والمسلمين واليهود. إلا أن هذه المعادلة تحتاج إلى طرفين، والطرف الإسرائيلي ليس مستعداً لهذا الحل..»، ما يعني أنه موافق على حل الدولة الواحدة.
الفكرة «المجنونة» التي طرحها القذافي في كتابه الأبيض في العام 2000، أصبحت فكرة «عاقلة» بعد 17 عاماً، لكنها لم تكن في الظل أبداً، كانت تتردد على ألسنة مفكرين كثيرين، وتطرحها صحف أمريكية وتنقلها صحف عربية، فقد نقلت صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 23 يناير/كانون الثاني 2009 مقالاً ذيّلته ب«خدمة نيويورك تايمز»، جاء فيه:
«يعتقد الفلسطينيون أن ما تسمى الآن «إسرائيل» تشكل جزءاً من وطنهم، حتى لو حصلوا على الضفة الغربية وغزة. ويعتقد اليهود أن الضفة الغربية هي يهودا والسامرة، وهي جزء من وطنهم، حتى لو أقيمت دولة فلسطينية عليها. والآن، في الوقت الذي يتصاعد فيه دخان الحرب من غزة، تستمر الدعوات إلى حل الدولتين أو التقسيم. ولكن لن يفلح أي منهما. ويمثل حل الدولتين تهديداً أمنياً غير مقبول على «إسرائيل». وسيَمنح وجود دولة عربية مسلحة، يحتمل أن تكون في الضفة الغربية، لإسرائيل أقل من 10 أميال من العمق الاستراتيجي في أضيق نقاطها.
بالإضافة إلى ذلك، لن تحل الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة مشكلة اللاجئين. ولا يقدم أي موقف تظل فيه أغلبية الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين حلاً على الإطلاق. وللأسباب ذاتها، لن تفلح الفكرة القديمة بفصل الضفة الغربية إلى أرض يهودية وعربية بمناطق عازلة بينهما. ولا يمكن أن تستوعب الأراضي التي يسكنها الفلسطينيون جميع اللاجئين، وترمز المناطق العازلة إلى الإقصاء، كما أنها تولد التوتر. وقد أصبح «الإسرائيليون» والفلسطينيون متداخلين اقتصادياً وسياسياً. وعليه فإنه يجب أن تستمر الحركتان في حرب دائمة أو يجب الوصول إلى تسوية. والحل هو إقامة دولة واحدة للجميع، إنها دولة «إسراطين» التي ستسمح للشعبين بالشعور بأنهم يعيشون في جميع أنحاء الأرض المتنازع عليها وأنهم ليسوا محرومين من أي جزء فيها..».
قبل أكثر من ثماني سنوات أعادت «نيويورك تايمز» طرح حل الدولة الواحدة، مع دخول باراك أوباما البيت الأبيض، ويبدو أن الظروف السياسية والعسكرية في العالم العربي لم تكن مهيأة حينذاك لطرح حل الدولتين، وكان لا بد من إضعاف المنطقة بواسطة (الربيع العربي) إلى درجة القبول بهذا الحل الذي يبدو لكثيرين منطقياً، لكن احتجاج د. صائب عريقات على هذه الدولة يكمن في إحساسه بأنها ستكون دولة تحت السلطة «الإسرائيلية» المحكمة، ولهذا يطالب بدولة ديمقراطية يحصل الجميع على حقوقهم بالتساوي.
دونالد ترامب قادم لوضع حل إقليمي بعد تهيئة الأجواء، أي بعد أن أصبحت «إسرائيل» غير عدوة لكثيرين، وحليفة للبعض من منطلق «عدو عدوي صديقي»، وبعد أن أصبحت بعض الدول العربية مهيأة للتقسيم.
إنه الأمر الواقع إذاً، الذي يلغي إقامة دولة فلسطينية إلى الأبد، وربما لا يسمح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، بإلغاء القرار 194 الصادر من مجلس الأمن، وهذا ما يفسر تصريح ترامب من أن منظمة الأمم المتحدة عاملت «إسرائيل» لزمن طويل بشكل غير جيد. وكأنها عاملت الفلسطينيين بشكل ممتاز طوال السنوات الماضية! وهناك تسريبات بأن ترامب يستعد لعقد مؤتمر للسلام في واشنطن لوضع حل (إقليمي) للصراع العربي «الإسرائيلي». والمعنى لم يعد في بطن الشاعر...


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2328649

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 14

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28