] نتنياهو في ضيافة ترامب … وأبو مازن يمد يده! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 24 شباط (فبراير) 2017

نتنياهو في ضيافة ترامب … وأبو مازن يمد يده!

عبداللطيف مهنا
الجمعة 24 شباط (فبراير) 2017

كنت ممن أدهشه كل ذاك الانشغال، والذي كان في اغلبه إما مفتعل أو مبالغ فيه، ذاك الذي سبق زيارة نتنياهو هذه المرة لواشنطن. الصهاينة انقسموا ما بين المتغني بوفير مردودها، ولدرجة تخال فيها أن نتنياهو ذاهب لضم ترامب لعضوية الليكود، أو ترسيمه عضوًا في مجلسه الوزاري المصغَّر، والمتطيرين خشية انقلاب مواقف رجل الأعمال وكاهن الصفقات القادم إلى المكتب البيضاوي على صهوة وعوده الانتخابية وعوائده المتصهينة، لا سيما وهم يستشعرون في حومة التحولات الكونية والأميركية ما يعزز فوبياهم الوجودية الهاجسة دوما والمتوجِّسة أبدًا بخطورة تراجع الدور الوظيفي للكيان الصهيوني لدى مفتعليه ورعاته في الغرب الاستعماري… كل هذا سبق ورافق صعود نتنياهو سلم الطائرة في مطار اللد المحتلة، وظل حتى إطلالته إلى جانب ترامب في مؤتمر صحفي في نهاية الزيارة حيث تلقت التوقُّعات المتناقضة إجاباتها… وكما توقعت، كاد الرجلان أن يتطابقا حول مختلف ما حمله نتنياهو في جعبته وتم بحثه، ومنه دفنهما معًا “حل الدولتين”، وضمنًا أوسلو وأوسلوستانها، ليصدح نفتالي بينت جذلًا: “بعد 24 عامًا أنزل علم فلسطين ورفع علم إسرائيل مكانه”…
في دنيا العرب، وإذ بدأت الزيارة، اكتفت تحليلات المحللين بمتابعة أخبار الصهاينة انشغالًا وانقسامًا وبنت ما بنت عليها، بيد أن أطرف ما سمعناه كان فلسطينيًّا أوسلويا، وكان كالعادة عريقاتي التميز، إذ تمنى كبير المفاوضين في زمنها الغابر أن في زيارة نتنياهو هذه “فرصة أمام ترامب” لإشهار مواقف جديدة مختلفة، بمعنى تلكم التي من شأنها دغدغة أحلام الأوسلويين كاشفةً عن أضغاثها المراهنة على عدالة ترامبوية موهومة لم تتوفر في الزمن الأوبامي الدارس.
انتهت الزيارة ولسنا بصدد الانشغال مع المنشغلين بحصاد نتنياهو الترامبي الوفير. ما يهمنا هو ابتلاؤنا المزمن بمن تعميهم أوهامهم التسووية التصفوية فيقفزون كعادتهم على جملة من الوقائع التي عنت سلفًا، وقبل الزيارة وما آلت إليه، أنها كانت ستحصد نتائجها المرادة سلفًا وقبل حدوثها، وذهب نتنياهو ليزيد عليه، وأقله يثبِّت ما ظفر به، وبالتالي كان الرابح حتى ولو عاد بما لم يعد به، أو لم يسمع من الإدارة الجديدة استجابةً لما يريده منها أكثر مما كان يسمعه من سابقاتها…كيف؟!
ذهب نتنياهو إلى واشنطن والتهويد “الاستيطان” لم يعد عندها عائقًا أمام السلام، وتاركًا خلفه حزمة جديدة من قرارات التهويد قيد التنفيذ، وقانون “تبييض المستوطنات”، بعد اكتمال تهويد القدس جغرافيًّا، يتبعهن قانون منع رفع الأذان في المساجد، ومتوالية قرارات هدم البيوت وتشريد ساكنيها، يضاف إليه حملة واسعة النطاق من المداهمات والاعتقالات والتنكيل طالت كل الضفة الغربية… بلدة كفر عقب شمال القدس وحزما شمال شرقها، وبيت فوريك شرق نابلس، ودورا وبيت أُمَّر في منطقة الخليل، وعزَّون في منطقة طول كرم، وبيت فجَّار جنوب بيت لحم وحوسان غربها… هذا دون أن ننسى رفضه الابتزازي ترشيح سلام فياض، متبني سلامه الاقتصادي والمشارك في مؤتمر هرتسيليا للأمن الصهيوني، مبعوثًا للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا تمهيدًا لمقايضة قبوله بتعيين الموسادية الدموية تسيبي ليفني نائبة للأمين العام للمنظمة الدولية! وإعلان للقائم بأعمال رئاسة الحكومة في غيابه الوزير يوفال شتاينتس تعقيبًا على انتخاب حركة حماس ليحيى السنوار رئيسًا لها في غزة بأن “المواجهة القادمة مع الحركة هي مسألة وقت”، بمعنى أن الحرب العدوانية الدورية على قطاع غزة المحاصر قد اقترب أوانها… وكله كان يعني للأوسلويين أمرين لا ثالث لهما، دفن “حل الدولتين” سلفًا قبل الزيارة ونعيه على الوجه الذي جرى في نهايتها، ونقلهم إلى دوامة “الحل النهائي” وفق الرؤية النتنياهوية لتغطية عملية استكمال تصفية القضية… فما الذي كان من أمر سلطة “المقاطعة”، أو ما هو المتوقع منها سوى ردها بأنها ستظل “متمسُّكة بخيار الدولتين”؟!
وحتى لا نظلمها، سبق وأن أعلنت تنفيذية أبو مازن رفضها لقانون “تبييض المستوطنات”، وإزماعها التوجُّه لمجلس الأمن، والتلويح مجددا بنية اللجوء لمحكمة الجنايات الدولية، بل زاد عضوها صالح رأفت فأعلن عن “تحرُّك لتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة وتعليق عضوية الكنيست في اتحاد برلمانات العالم”!
قد يقول قائل لا نملك إلا موافقته، وما الجديد، سمعنا منهم مثل هذه اللازمة التهديدية حتى مللناها ولن تختلف مآلًا عن سابقاتها، وربما جديدها هذا السقف الذي رفعه رأفت صالح ولم يقل لنا كيف سيتمكن بتحركه المزمع، وفي الزمن الترامبي، بلوغه؟!
أضف إليه ما جبَّ ما أتحفنا به رأفت صالح وهو قول أبو مازن وهو يلتقي وفدًا من المحامين الصهاينة جاؤوه، وفق تصريح لرئيسته، بهدف “التأكيد على ضرورة استمرار الرئيس عباس في السعي لتحقيق السلام”: “حبذا لو يفهم السيد نتنياهو أننا نريد بالفعل تحقيق السلام، وإن أيدينا ممدودة لهم منذ مدة طويلة، ولن يثنينا شيء عن التقدم تجاه السلام”!
…لا أحد يشك في أن نتنياهو يفهم ما يريده أبو مازن، ثم ما من أحد لم يرَ يده الممدودة منذ ثلاثة وعشرين حولًا يستجدي أعداءه مباشرةً وعبر رعاتهم حلًّا، وأنه لطالما أثبت أن لا شيء يثنيه عن مواصلة مدها حتى لو هوَّد كل ما لم يهوَّد من فلسطين بما في ذلك “المقاطعة”… لذا، ما الذي كان من الممكن توقع كونه المختلف عما سمعناه من نتنياهو ومضيفه ترامب في واشنطن؟؟!!


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2328649

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 17

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28