] العراك في محيط ترامب - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 18 شباط (فبراير) 2017

العراك في محيط ترامب

برهوم جرايسي
السبت 18 شباط (فبراير) 2017

يحتفل ساسة إسرائيل بتصريحات دونالد ترامب الأخيرة، معتبرين أنه “سدّ الحجر الأخير على قبر الدولة الفلسطينية”، رغم أن الإدارات الأميركية السابقة لم تفعل شيئا نحو قيام الدولة الفلسطينية، سوى إعلان موقف. لكن في خطابات الابتهاج أطلق العديد من الصهاينة عبارة لم تلفت الانتباه: “الآن يجب محاربة الأصوات اللاسامية في محيط ترامب، التي تطلق مواقف ضد اليهود”. وهذا هو مصدر قلق جدي لدى الأميركيين اليهود، وقد يؤدي إلى صدام في محيط ترامب.
فخلال الحملة الانتخابية، استقطب ترامب حركات أميركية عنصرية عديدة، إلى جانب اللوبي الصهيوني اليميني المتطرف، مسنودا من حكومة بنيامين نتنياهو. وهذا التلاقي ليس غريبا، بل هو استمرار للتلاقي الحاصل في السنوات الأخيرة في أوروبا. فالأحزاب الصهيونية المتطرفة، وأولها “الليكود” الحاكم، تقيم علاقات وثيقة مع الحركات العنصرية التي منبعها الفكر النازي والفاشي.
وتبادر الحركات الصهيونية إلى هذا التلاقي، وهي تغضّ الطرف عن حقيقة أن عنصرية تلك الحركات شاملة لا تستثني أحدا؛ لكن أولئك الصهاينة يستغلون الأجواء الناشئة في القارة الأوروبية، وأولوية العداء للمسلمين لدى الحركات العنصرية تلك، لتصب في مصلحة الأجندة الصهيونية التي تزعم أن جوهر الصراع في الشرق الأوسط هو “الإسلام المتطرف” وليس القضية الفلسطينية، بهدف استبعادها عن أجندة الدبلوماسية العالمية.
ونرى أن الحركات الأوروبية التي أقلقت إسرائيل في سنوات التسعينيات، باتت “تسرح وتمرح” في الكنيست الإسرائيلي. ويستضيف “الليكود” ومعه أحزاب المستوطنين كثيرا ممثلين عن تلك الحركات العنصرية من مختلف الدول. وهذا التعاون ظهر أيضا في حملة ترامب. ورأينا أنه بدأ بتسديد فواتيره للحركات العنصرية، مثل قراره بحظر دخول مواطني سبع دول إسلامية؛ بالتزامن مع تسديد فواتير عديدة للصهاينة. كما أن التعيينات في إدارته تضم ممثلين من الفريقين؛ الصهيوني والعنصري.
ومعروف أن العقلية العنصرية ضيقة بطبيعتها، تبدأ بعدائها للحلقات الأبعد، وكلما تخلصت من حلقة، تنتقل إلى حلقات أقرب إليها، حتى تبدأ بإفراغ عنصريتها وأحقادها على داخلها. وهذا يسري على أشكال وأصناف العنصرية كافة في كل المجتمعات، وعلى الصهيونية بطبيعة الحال. وهذا ما نقوله على مر عشرات السنين لمجموعات من اليهود الإسرائيليين: إن ما يبدأ ضد العرب، سيصل في نهاية المطاف إليكم، طالما أنكم خارج الدائرة الأشد تطرفا بينكم.
ويظهر حاليا أن الحركات العنصرية التي دعمت ترامب، ودخل ممثلوها معه إلى دوائر القرار الأميركي، بدأت تضيق ذرعا من عدد اليهود في الإدارة الجديدة. ومعروف أن اللوبي الصهيوني يهتم دائما بضمان أعداد من اليهود المتوافقين مع أجندته، في كل الإدارات الأميركية، وأيضا في مجلسي الشيوخ والنواب. ونقرأ على الدوام تقارير من المعاهد الصهيونية حول هذا التغلغل الذي يضاعف نسبة اليهود بين السكان، والتي باتت تقل عن 2 %.
وما تسميه الصهيونية “معاداة السامية”، موجود في الولايات المتحدة، وارتفع صوته بشكل خاص إبان الأزمة الاقتصادية في العامين 2007 و2008، إذ وجهت أصابع اتهام لأثرياء، مع إبراز كونهم يهودا. وشهدنا في الأيام الأخيرة المنظمات الأميركية اليهودية الليبرالية التي تمثل غالبية اليهود، تعبّر عن قلقها من تنامي التصريحات العنصرية الصادرة في محيط ترامب، ودوائر الحكم، لأن هذا يمنحها شرعية وجود في المجتمع والسياسة العامة.
وقالت شبكة “سي. إن. إن” قبل أيام قليلة، إن 48 منظمة أميركية يهودية تلقت الشهر الماضي مكالمات تهديد. وحينما بثت وسائل الإعلام الإسرائيلية النبأ، أرفق بعضها صورا للنازيين الجدد، كتلميح لمن يقف وراء تلك التهديدات. كذلك، فإن صحفيا أميركيا يهوديا متدينا، أثار غضب ترامب قبل يومين، حينما سأله عن موقفه من تنامي ما يسمى “العداء للسامية” في الولايات المتحدة.
والسيناريو المفترض، هو أن أعضاء اللوبي الصهيوني اليميني لن يكون بمقدورهم السكوت على هذه الظاهرة، وسيطالبون نصيرهم ترامب بإبعاد تلك الحركات، أو إسكاتها عما يخص اليهود. وهناك شك في قدرة ترامب على تلبية المطلب، كون تلك الحركات ضمنت لترامب قاعدة انتخابية ليست قليلة. واستمرار تصريحات تلك الحركات ضد التغلغل اليهودي، سيؤجج بالتأكيد هذا الصراع الذي ما يزال “خفيّا”، ليتحول إلى عراك علني في محيط ترامب.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 27

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010