] غوتيريس وسياسة الصفقات - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 16 شباط (فبراير) 2017

غوتيريس وسياسة الصفقات

يونس السيد
الخميس 16 شباط (فبراير) 2017

تنطوي عملية العرقلة «الإسرائيلية» الأمريكية لتعيين سلام فياض مبعوثاً للأمم المتحدة إلى ليبيا على نوع من التمييز والعنصرية الفاقعة والمغلفة بالغباء، كونها تقوم على منع شخصية سياسية من تبوؤ هذا المنصب على أساس هويتها الوطنية، ناهيك عن التدخل الفاضح والمكشوف في الشؤون الداخلية للمنظمة الدولية.
إذا كان مفهوماً أن الكيان الصهيوني يعارض تبوؤ أي فلسطيني منصباً رفيعاً في المنظمة الدولية، فإن انصياع واشنطن الأعمى لرغبات هذا الكيان يعبر عن جهل مطبق في السياسة الدولية، لأنه ليس فقط يضعف الأمم المتحدة ويشكك في مواقفها ومصداقيتها وقراراتها، وإنما أيضاً يضعف موقف واشنطن نفسها، ويضعها في مواجهة مفتوحة مع المجتمع الدولي، وربما يؤدي إلى عزلها، وحتى إنهاء دورها القيادي في الساحة الدولية.
أمين عام المنظمة الدولية أنطونيو غوتيريس لجأ في مواجهة «الفيتو» الأمريكي الصهيوني، إلى عرض صفقة يتم بموجبها تعيين مسؤول صهيوني نائباً له مقابل تمرير تعيين المسؤول الفلسطيني، فعرض على وزيرة خارجية الكيان السابقة تسيبي ليفني تعيينها في منصب مساعد له، وفي حال تمت الصفقة، سيصل أول مسؤول صهيوني إلى هذا المنصب في تاريخ الأمم المتحدة. ولكنها المرة الأولى أيضاً في تاريخ المنظمة الدولية التي تمارس فيها سياسة المقايضة والصفقات، وتساوي بين الضحية والجلاد، في رضوخ مكشوف للإملاءات الأمريكية والصهيونية. ولكن، كيف يمكن للمنظمة الدولية أن تسير أعمالها بوجود شخصية صهيونية متهمة بارتكاب «جرائم حرب»، ومطلوبة للعدالة الدولية، فيما الكيان الصهيوني لايزال في حالة حرب وعداء مع معظم الدول العربية والإسلامية؟ وحتى لو تم تغييرها بشخصية صهيونية أخرى، فلن يغير ذلك من الأمر شيئاً.
المشكلة لم تحسم بعد، وإن كان نتنياهو ألمح عشية لقائه ترامب في البيت الأبيض إلى أن الوقت قد حان لقيام ما سماه «علاقات تبادلية» مع الأمم المتحدة، فإن حصل على «المكانة والتعيينات الملائمة، فإنه سيدرس الموضوع». هذا التدخل السافر في شؤون المنظمة الدولية، وُوجه بانتقادات واسعة من جانب المجتمع الدولي، إلى الدرجة التي جعلت العديد من الدول وفي مقدمتها فرنسا والسويد تعلن التصدي للموقف الأمريكي، وإبداء الاستعداد للاختلاف مع واشنطن ومنح الثقة لخيار غوتيريس في تعيين فياض. وحتى في داخل الولايات المتحدة لقي تدخل إدارة ترامب في المنظمة الدولية انتقادات حادة، خصوصاً من جانب السفير الأمريكي السابق مارتن إنديك، الذي كشف أن إحباط تعيين فياض جاء بطلب من الملياردير اليهودي شيلدوون أديلسون، وهو صديق نتنياهو أيضاً، خلال عشاء عمل جمعه مع صديقه ترامب قبل عدة أيام، فيما اعتبر السفير الأمريكي السابق في الكيان دان شابيرو أن معارضةَ واشنطن تعيين فياض «غباء مقلقاً». فهل يستطيع غوتيريس بعد ذلك تحقيق الإصلاحات المنشودة في الأمم المتحدة؟ وأي مستقبل غامض يرتسم في أفق المنظمة الدولية؟ -


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2323729

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 7

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28