] لماذا هُزمنا ؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 9 شباط (فبراير) 2017

لماذا هُزمنا ؟

د. فايز رشيد
الخميس 9 شباط (فبراير) 2017

السؤال ليس من عندي, بل طرحه أثناء حياته, القائد الفلسطيني الكبير المرحوم د. جورج حبش. وفي الإجابة عليه كان يسأل العديدين من المثقفين, ليس من جبهته فقط, ولكن مثقفين ومفكرين فلسطينيين وعربا. في شقته المجاورة لشقته السكنية في حي الشميساني في العاصمة الأردنية, والتي حوّلها مكتبا للقاءاته. فوجئت به يستدعيني ذات يوم, لمعرفة رأيي في الإجابة على السؤال المطروح رهبة تنتابك, وبخاصة في حضرة الحكيم, من ثِقل السؤال. عددت أسبابي المتعلقة بالعدو, إن في قراءته لنا, واستثنائيته الاقتلاعية لشعبنا ولإحلاله المهاجرين على أرضنا, أو استعداده الكامل لكل الاحتمالات الممكنة مما يعتقدها أخطارا فلسطينية أو عربية, إقليمية أو دولية, عليه, في كل عام. وأنه على علاقة عضوية بالظاهرة الاستعمارية, والاستعداد للتساوق مع القوة الأبرز فيها بين الفترة والأخرى, ثم أنه في علاقاته الداخلية, يعتمد التناوب في المسؤولية على المناصب فيه, وأن ليس من مسؤول فيه بمعزل عن يد القضاء بمتهمة أو بأخرى. ذكرت أسبابي الفلسطينية والعربية, الإقليمية والدولية أيضا, ختمت مداخلتي, بنتيجة, أن هذه الخصوصيات يلزمها مقاومة فريدة, استثنائية, من ورائها بعد عربي استثنائي في معرفته لتفاصيل العدو, والإيمان الفعلي بمقاومته, منهيا باقتراح, أن يتوجه بالسؤال إلى الأستاذ محمد حسنين هيكل, وقد امتلك معه في حياته أفضل العلاقات. ما طلبه الحكيم مني, التفصيل في مسألة معرفة العدو لنا, أجبته عن قوانين هنيبعل الثلاثة, التي يعمل عدونا بموجبها, اعرف عدوك, فاجأه, ولا تقع أسيرا بين يديه. استعرضت يومها ما عرفته عن دراسة العدو لشعبنا وأمتنا ومقاومتنا الفلسطينية والعربية, وعن مؤتمراته السنوية الاستراتيجية في كل عام.
تذكرت الحوار السابق, وبين يديّ نتائج المؤتمر السنوي العاشر لـ “معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي” , الذي انعقد بين يومي 23-24 يناير 2017, تحت عنوان “استقرار أم تحد”. للعلم, تعتبر مراكز الأبحاث والدراسات, أحد أهم روافد صناعة السياسات المستقبلية في الكيان, فقد أقامت “إسرائيل” ما يقارب الخمسين مركزا ومعهداً للدراسات المتعددة المجالات, ويعتبر معهد الامن القومي من أبرز هذه المعاهد في رسم سياسات الكيان المستقبلية, ضمن مجالات الأمن القومي. نتائج المؤتمر تلخصت في تحديات ثلاثة تواجهها إسرائيل في العام 2017. الأول, قدرة نووية إيرانية. وبخاصة أن إيران أصبحت تقع على الحدود الشمالية, مع سوريا, حيث تتواجد مع كل من دمشق وحزب الله, الثاني, يتمثل في جبهة قطاع غزة, حيث إن حركة حماس تعزز قدراتها وترسانتها العسكرية وبنائها للأنفاق, كما الانفجار المتوقع في الضفة الغربية, أما الثالث فهو, أن إسرائيل ستجد نفسها بعد سنوات قليلة فقط , دولة ثنائية القومية. نود التنويه, إلى أن نتائج كل مؤتمر والأخرى الشبيهة, تُحول إلى الحكومة, والأخيرة مطالبة بوضع حلول لها, تقدمها إليها بعد مدة محددة.
من معاهد الدراسات الاستراتيجية في الكيان, مركز هرتسيليا للتخصصات المتعددة, مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية مركز هاري ترومان, معهد موشيه دايان للدراسات الأفريقية ودراسات الشرق الأوسط.المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب. مركز إسرائيل للتقدم الاجتماعي والاقتصادي. معهد موريس فالك للدراسات الاقتصادية, معهد “أورشليم” للعلاقات العامة. معهد الدراسات الصهيونية, ويختص بقوانين الكنيست..عهد تخطيط سياسات “الشعب ” اليهودي, مهمته تعزيز الجانب القومي في الكيان. المعهد الإسرائيلي للديمقراطية, يتولى مهمة التخطيط والاصلاح. مركز بسشاسا للدراسات الاستراتيجية, يعتبرونه مطبخ “السلام” في الكيان, وغيرها وغيرها.
إن عاملا مهما يلعب دوره في “معادلة الهزيمة والنصر” ألا وهو “إدراك متغيرات العدو”, ثغراته, نقاط قوته, اقتصاده, الصراعات في داخله, برامج أحزابه, استراتيجيته وتكتيكات سياسته, حدوده القصوى للحل، وغيرها من المفاصل المهمة التي تتبع التخصص, فمثلا أوضاعه التسليحية العسكرية من قبل الاستراتيجيين العسكريين الفلسطينيين والعرب, وهنا تحضرني الموسوعة العسكرية, التي أشرف عليها المقدم الهيثم الأيوبي وأبحاثه ودراساته القيمة, كما غيره من العسكريين العرب.
إسرائيل تحتل المرتبة (17) من جهة البحوث المنشورة في العلوم البحتة والدراسات التطبيقيّة, فضلاً عن وجود (6) من جامعاتها في تصنيف أفضل (100) جامعة في العالم. هذه الحقائق والأرقام تدعونا للبحث والتساؤل, عن عوامل نجاح هذه المنظومة, ولعل أهمها تلك الميزانيات الضخمة التي تُرصد للبحث, فميزانية التّعليم في إسرائيل مثلا تعادلُ ميزانيات دول عديدة من الدول النامية. ناهيك عن أنها ترصد (8.2٪) من إنتاجها القومي للبحث, في حين أن معدل الدّول المتقدمة هو (6.2٪). مما سبق ذكره, يجري استنتاج, مدى الحرص الرسمي الإسرائيلي على متابعة ما يجري في المنطقة العربية والإقليمية والعالم, مع إهمال رسمي عربي وفلسطيني كبيرين, وإلى حد ما شعبي, لما يجري في الداخل الإسرائيلي، وبالفعل من يتابع توصيات مؤتمرات هرتسيليا وأبحاث معهد التخطيط, ومعهد دراسات الأمن القومي, ويتابع طبيعة المناقشات والكلمات والمداخلات فيها، يستطيع إلى حد ما استقراء السياسات الاستراتيجية والتكتيكية الإسرائيلية لأعوام مقبلة, وعلى المدى البعيد.
في عالمنا العربي, والحالة الفلسطينية أيضا لا تشكل استثناءً, فإن المسؤول (إلا القليلين) هو أبو المعرفة في كل المجالات السياسية, الاقنصادية, البحثية والاجتماعية, لذلك تراه يحضر كل المؤتمرات في الوطن العربي وفي العالم. في عالمنا العربي لا نؤمن بالكفاءات ولا نقوم بتدريبها! في عالمنا العربي هناك نقص كبير في معاهد الدراسات المختصة بأمن الوطن العربي أولا, وبحقيقة الخطر الإسرائيلي أيضا. في وطننا العربي نقص كبير مقارنة بكيفية دراسة الكيان الصهيوني لنا.. في عالمنا العربي يملأ الحقد نفوس الحاقدين على كل كفاءة, وهم حصروا ويحصرون مهمتهم في تدميرها الفعلي, نحن أمة لا تحترم مفكريها ومثقفيها, وليس من عادتنا تقبل النقد! وبعد, أيكون السؤال، لماذا نُهزمُ وينتصرون؟ .


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2323068

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 21

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28