] حتى لا يصبح نقل السفارة أمنية - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 1 شباط (فبراير) 2017

حتى لا يصبح نقل السفارة أمنية

د.أحمد جميل عزم
الأربعاء 1 شباط (فبراير) 2017

تداولت تقارير إعلامية ما قيل إنه توصيات اللجنة الفلسطينية المكلفة بوضع تصور للرد على قرار محتمل بنقل السفارة الأميركية إلى القدس. وإن كانت التوصيات تثير الاستغراب من حيث أنها تجعل هذه التوصيات جزءا من خطة رد على نقل السفارة، بدل أن تكون جزءا من خطة العمل الفلسطينية، بغض النظر عن السفارة ونقلها، أو أن تكون خطة استباقية لمنع نقل السفارة، وتنفيذها بدل التلويح بها، وبدل الانتظار لوقوع الواقعة لتكون رد فعل.
بحسب التقارير، ومن بينها ما نشرته صحيفة “الشرق الأوسط”، فإنّ توصيات اللجنة التي يرأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تتضمن في جزء منها “الانتقال من السلطة إلى الدولة على أساس قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 67/19/2012، واعتبار الرئيس”رئيس دولة فلسطين“، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الحكومة المؤقتة، والمجلس الوطني برلماناً. وتغيير وظيفة السلطة وتركيبتها وشكلها بما يتلاءم مع تنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني بتحديد العلاقات مع إسرائيل والانتقال من السلطة إلى الدولة. ومن ثم الدعوة إلى انتخابات برلمانية، وإن تعذر ذلك، يتم العمل على إنشاء مجلس تأسيسي للدولة بالتوافق مع جميع فصائل العمل السياسي الفلسطيني بما فيها حركتا حماس والجهاد”.
وتضمنت التوصيات، بحسب “الشرق الأوسط” أيضا، إزالة أسباب الانقسام، وتشكيل حكومة وحدة وطنية ببرنامج مُنظمة التحرير الفلسطينية وإجراء الانتخابات العامة، وعقد المجلس الوطني الفلسطيني حال استكمال التحضيرات لذلك. هذا فضلا عن الدعوة إلى مؤتمرات قمة، للدول العربية، والدول الإسلامية، وحركة عدم الانحياز، والاتحاد الأفريقي، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي ودول أميركا اللاتينية. وتبني حملة المقاطعة (BDS) لدولة إسرائيل وليس فقط للمستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية.
قد يكون، ومن المرجو، أن لا تكون التقارير الإعلامية دقيقة في طريقة تقديم هذه التوصيات؛ فكثير من الفلسطينيين يعتقدون، أو كانوا يعتقدون، أنّ هذه الأمور جميعها، جزء من خطة وطنية يجري تنفيذها. فقد اتخذت قرارات عديدة لتجسيد الدولة الفلسطينية، وتحديد العلاقات الأمنية مع الإسرائيليين، بغض النظر عن نقل السفارة.
ويمكن تلخيص هذه التوصيات بأنها آليات لترتيب البيت الفلسطيني وتفعيل الدبلوماسيتين الشعبية والرسمية على صعد عالمية، وهذه جميعها لا تحتاج إلى نقل السفارة أو أي خطوة أخرى، خاصة المشاريع الاستيطانية في القدس والتي لا تقل خطورة عن نقل السفارة، أو هي كما قال الصديق والكاتب الفلسطيني هاني المصري، في مقالة له، صفقة إسرائيلية أميركية قد تتضمن تأجيل نقل السفارة مقابل ضوء أخضر باستيطان وعمليات تهويد غير مسبوقة في القدس، بحيث كما يقول المصري “أصبح نقل السفارة على خطورته البالغة أهون وأقل ضرراً من عدم نقلها”.
إن غالبية التوصيات المتداولة يجب أن تشكل برنامج العمل الفلسطيني لإنهاء الاحتلال، وربما لمنع خطوات مثل التفكير بنقل السفارة، أو الاعتراف بالقدس أو جزء منها عاصمة للإسرائيليين. والواقع أنّ إطلاق مجلس وطني جديد، وتفعيل وتجديد الحركة الوطنية الفلسطينية، وانعقاد المؤتمرات الدولية المشار إليها بالتوصيات، هي ما يمكن أن يمنع نقل السفارة. أما إذا حدثت بعد نقل السفارة، فهي ستكون لاستيعاب الرأي العام، وبمثابة رد الفعل الذي يجري احتواؤه تدريجياً بإعلان سياسي ووعود عبثية من الإدارة الأميركية. فكثير من التوصيات لا تعني الكثير على الأرض بسبب حقيقة قوة الاحتلال التي تجعل، على سبيل المثال، تجسيد الدولة على الأرض وهماً، إلا إذا جرت مواجهة عنيفة في الشارع، وحينئذ لن تكون الخطة تجسيد الدولة، بل العودة إلى المقاومة الميدانية. ولكن ترتيب البيت الفلسطيني، وتفعيل حركات التضامن، هما ما سيعطي رسالة أن الشارع الفلسطيني، والعربي، والمجتمع الدولي، قد تكون له ردود فعل يجب أخذها بالحسبان.
من المعروف أن أفضل استخدام للقوة هو حشدها وتجميعها وإظهار مفعولها المحتمل، من دون استخدامها بالضرورة؛ بل بإيصال الطرف الآخر لقناعة أنّه يجب أن لا يتمادى في تحديه وعدوانه. وتوصيات اللجنة (كما نقلها الإعلام) هي أشبه بالقول إننا سنستجمع قوتنا ونرتب صفوفنا إذا حدث شيء، وهذا منطق مقلوب؛ فأنت تجمع قوتك لمنع شيء من أن يحدث، لا للاستعداد للرد عليه لاحقاً.
وإذا كان كل ما في التوصيات لن يحدث إذا لم تنقل السفارة، فقد يتمنى البعض أن تنقل.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 24

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010