] “شكرا” نتنياهو - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 28 كانون الثاني (يناير) 2017

“شكرا” نتنياهو

برهوم جرايسي
السبت 28 كانون الثاني (يناير) 2017

“شكرا” بنيامين نتنياهو؛ فلو لم تكن حكومته هي التي تحكم اليوم، لكان علينا البحث عن السبل كافة “لتشكيلها”. إذ تبين، كما يبدو، أننا كنا بحاجة لهذه الحكومة؛ بما ترتكبه من جرائم وانفلات متصاعد، فاختصرت علينا الكثير من الجهد، نحن فلسطينيي 48، لاستنهاض أنفسنا ورفع حالة الجاهزية أكثر، وأن نعيد الحالة إلى مستوى السنوات السابقة، لمواجهة جرائم الصهاينة التي باتت تحفر أكثر في العصب الحي، وتشكل تحديا لاستمرار وجودنا في الوطن.
أطلق نتنياهو قبل شهر، أوامره بتكثيف جرائم تدمير البيوت العربية التي تُبنى على أراضي أصحابها من دون تراخيص، كخطوة اضطرارية؛ بسبب سياسة الحصار الخانق، وحالة التفجر السكاني التي تشهدها البلدات العربية كافة. وقد جاء قرار نتنياهو ردا على قرار قضائي بإخلاء بؤرة استيطانية قائمة على أراض فلسطينية بملكية خاصة، في الضفة المحتلة.
لم يكن نتنياهو بحاجة لذريعة ليهدد 50 ألف بيت عربي، بل استغل ذلك القرار ليظهر بمظهر الانتقام من العرب؛ بالضبط بموجب “مبدأ” جرائم “تدفيع الثمن” التي ترتكبها عصابات المستوطنين الإرهابية. فكانت جرائم تدمير البيوت في الأسبوعين الأخيرين في قرية أم الحيران، وقبلها مدينة قلنسوة. وما من شك في أن نتنياهو وقادة الأجهزة العسكرية والاستخبارية، تفاجأوا بحجم الرد الشعبي على هاتين الجريمتين.
فنزول عشرات آلاف الناس إلى الشوارع في أنحاء البلاد كافة، وعلى مدى أسبوعين، ومعها تظاهرة قوافل السيارات التي خنقت شوارع مركزية على مدى ساعات؛ كل هذا كان مشهدا غائبا عن مجتمعنا في السنوات الأخيرة من حيث حجم زخمه، نتيجة ظروف محلية وإقليمية. فالنضال لم يتوقف في أي مرحلة، إلا أنه غاب عنه الزخم بشكل مقلق. أما اليوم، فإن الظروف لم تعد كما كانت عليه حتى قبل ثلاثة أسابيع.
كما كشفت العربدة الصهيونية أكثر عن وجهها الحقيقي الذي ندركه جيدا؛ وأنه لا فرق بين عربي وعربي، وأنه حتى الشريحة الفلسطينية الأصيلة التي حاولت الصهيونية سلخها عن شعبها؛ الطائفة العربية الدرزية، بقانون التجنيد الجائر، هي أيضا مستهدفة بقضايا الأرض والمسكن، أسوة بباقي فلسطينيي 48. فقد أرسلت السلطات لعدد من البيوت في القرى الدرزية أوامر هدم، فنشبت هبة شعبية اضطرت السلطات للتراجع. وقبل أيام قليلة، تلاحم الشعب الواحد بأطيافه كلها في قرية المغار (شمال)، في تظاهرة تاريخية ضمت الآلاف في نهر بشري أقلق نظام الحكم بالتأكيد، أمام هذا المشهد الوحدوي.
إن استهداف الصهاينة للأرض الفلسطينية انطلق منذ ما قبل النكبة وخلالها، وبعدها استمر بتصاعد. والوضع القائم اليوم، يؤكد أنه لم يعد لفلسطينيي 48 ما يمكن تحمله أكثر أمام هذا الحصار. وقرار نتنياهو هو حفر في الجرح المفتوح، والضرب على العصب، فجاء الرد بالمستوى الذي شهدناه، وكانت الرسالة للنظام الصهيوني حازمة. لكن لا نستطيع الرهان على ردعه، بينما الآن نستطيع الاطمئنان لزخم الرد الشعبي.
هذه الحال ما كان من الممكن أن تكون لولا الوحدة الوطنية، والاتفاق على مواجهة الهم الواحد، تحت مظلة لجنة المتابعة العليا التي تشهد هي أيضا حالة نهوض لافت، وتطوير مجالات عمل، في العام الأخير، بعد انتخاب رئيسها محمد بركة. وهي اليوم تستعد لتنظيم مهني وسياسي أوسع، لمواجهة قضايا الأرض والمسكن، من خلال مؤتمر وطني جامع بعد شهرين. ونأمل أن تكون تظاهرة قرية المغار هي المقدمة الأقوى له، من حيث شموليته المتوخاة.
الهجمة ذاتها نراها أيضا في مشاريع الاستيطان الجديدة في الضفة والقدس المحتلة. ما يعني أن ما قاله المستوطنون وزعيمهم نتنياهو بعد انتخاب دونالد ترامب، بدأ يُطبق على الأرض، بدعم واضح من سكان البيت الأبيض الجدد، بصمتهم على مشاريع الاستيطان الجديدة. بالإمكان القول إن هذا التصعيد هو أيضا لن يمر.
يبقى السؤال: ماذا عن التلاحم الفلسطيني؟ هل سيبقى رهينة لبيانات الوحدة، مسايرة للدول المضيفة للحوار الفلسطيني؟


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

42 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 42

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010