] اعتراف أميركا بـ«القدس عاصمة لإسرائيل» لا يجابَه إلا كما جابه صلاح الدين حملة الافرنج - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 25 كانون الثاني (يناير) 2017

اعتراف أميركا بـ«القدس عاصمة لإسرائيل» لا يجابَه إلا كما جابه صلاح الدين حملة الافرنج

اياد موصللي
الأربعاء 25 كانون الثاني (يناير) 2017

منذ نشأت الصهيونية لم تخف أهدافها الحقيقية: تجميع اليهود في فلسطين لتكون وطناً لهم وينشئوا دولة ويحكموا العالم ويحققوا من خلاله مشاريعهم… فاليهود بعد ان طردوا من مصر توجهوا نحو فلسطين التي كان يسكنها الكنعانيون ويعرفون تاريخياً بالجبارين لضخامة أجسامهم، ووصفوا في القرآن الكريم في سورة آل عمران انّ فيها قوماً جبارين وخشي الاسرائيليون محاربة هؤلاء من سكان فلسطين وكانت الكنعانية تحكم المنطقة كلها وكما هو معروف كان الكنعانيون من فصائل شعوب سورية القديمة.

وادّى خوف بني اسرائيل من الكنعانيين أصحاب البلاد الحقيقيين وخوفهم من العودة لمصر أن أقاموا في صحراء سيناء وبقوا مشرّدين فيها وبقي أهل كنعان الجبارين يسكنون فلسطين… لم يكن لليهود وطن محدّد، فقد سكنوا بلاداً عديدة وعاشوا بين شعوبها وتمتعوا بحقوقهم كاملة، لكنهم وبسبب أفكارهم الخبيثة ومعتقداتهم الهدامة كانوا يتعرّضون للعقوبات والإجراءات التي تنص عليها قوانين البلاد التي أقاموا فيها.. في سورية ولبنان والعراق والأردن ومصر.. كانت لهم نفس حقوق شعوب تلك البلاد الوطنية، فلهم نواب في المجالس النيابية ووزراء في الحكومات.. وعندما قامت «إسرائيل» تركوا كلّ شيء وهاجروا لفلسطين لأنه لم يكن يربطهم ايّ ولاء للبلاد التي سكنوها وأقاموا فيها..

لم تستطع الصهيونية إخفاء أهدافها ومشاريعها في إقامة دولة عنصرية «من الفرات الى النيل» تحقيقاً لتعاليمهم الدينية ومعتقداتهم العنصرية التي وضعوها.

أهداف الصهيونية هي حكم جميع الشعوب، وتضمر قياداتهم الفعلية في ذلك الحين والممثلة بحاييم وايزمن وناحوم سوكولوف حقداً كبيراً على شعوب العالم..

وفي المؤتمر الصهيوني الذي انعقد عام 1922 قال ناحوم سوكولوف: «اورشليم انها عاصمة السلام النهائي. انّ جمعية الأمم تهتمّ بنجاح قضيتنا ليس فقط لأنها منحتنا الوصاية لكن لأنّ قضيتنا تتعدّى حدود القضايا الدولية لأيّ بلد كان هذا لأنها تتضمّن بشكل من الأشكال ازدهار العالم بأجمعه وسلامه. وفي يوم قريب سوف نحكم العالم رسمياً وسيكون المنطلق من أورشليم من حيث اتانا الذلّ ومن حيث سيأتينا النصر».

لذلك يحاول الصهاينة جعل القدس عاصمة لدولتهم التي أقاموها بعد استيلائهم على فلسطين وطرد أهلها منها.. وقد أملوا باعتراف الدول بذلك.. خلافاً للقوانين والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بهذا الشأن وتاريخياً لم يكن لليهود وجود مؤثر وفعلي في القدس كما لم تكن القدس مدينة يهودية. ولم يسمح لهم بالإقامة في المدينة رغم جميع المحاولات التي بذلوها إلا في عهد حكم الأتراك العثمانيين وابان حكم السلطان سليم الأول عام 1516 حيث سمح لهم بزيارة المدينة..

وعندما نتحدث عن القدس التاريخية نعني بها القدس القديمة وهذا كان اسمها ويطلق عليها القدس الشرقية. في هذه المدينة المحاطة بأسوار حجرية وأبواب سكن المسلمون والمسيحيون وكان عددهم في ذلك الحين يعادل 60 من مجموع السكان في كافة البلاد الفلسطينية.. وقد بنى المسيحيون في القدس القديمة كنيسة المهد وبنى المسلمون مسجد قبة الصخرة.. وتتألف القدس القديمة من باب العمود، باب الجديد، كنيسة القيامة، كنيسة المهد ويقابلها جامع عمر، ثم من باب الخليل والنبي داود. وانشأت المدينة الجديدة وأطلق عليها القدس الجديدة.. وأشهر احيائها الشيخ جراح وكنيسة نوتردام واللطرون. وتعرف اليوم بالقدس الغربية. كانت القدس الجديدة ايضاً بيد الفلسطينيين وفيها حي لليهود يقع خلف كنيسة نوتردام وباركلس بنك.

بعد الاحتلال البريطاني عام 1917 1918، تغيّر الوضع حيث منحت عصبة الأمم لبريطانيا حق الانتداب وإدارة شؤون البلاد فجعل البريطانيون القدس عاصمة لفلسطين التي يحكمونها بسلطة الانتداب. في هذه الفترة بدأت الهجرة اليهودية تزداد خاصة بعد وعد بلفور المشؤوم.. وارتفع عدد اليهود، فبعدما كان عددهم في فلسطين كلها 50 الفاً في عام 1922 بدأ يزداد حتى بلغ 165 ألفاً عام 1948.

قابل الفلسطينيون هذه الهجمة الاستيطانية بالاحتجاجات الرافضة واستياء أهالي القدس، وقامت أعمال شغب في سنتيّ 1920 و 1929، وعُرفت الأخيرة بثورة البراق، قُتل خلالها عدد من اليهود. عمل البريطانيون على إخماد هذه الثورات، وساهموا في جعل اليهود يستقرّون في المدينة عن طريق بنائهم لأحياء سكنيّة كاملة.

وأحيلت قضية القدس إلى الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، فأصدرت الهيئة الدولية قرارها في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 1947 بتدويل القدس تحت رعايتها وإشرافها. وجاء في القرار أنه سوف يُطبّق طيلة 10 سنوات، وأنه بعد هذه الفترة سيتمّ إجراء استفتاء عام لتحديد نظام الحكم الذي يرغب أغلبية سكان المدينة بتطبيقه عليهم. إلا أنّ تطبيق هذا القرار لم يُكتب له أن يتمّ، فبعد أن أعلنت بريطانيا في عام 1948 إنهاء الانتداب في فلسطين وسحب قواتها، استغلت العصابات اليهودية حالة الفراغ السياسي والعسكري وأعلنت قيام الدولة الإسرائيلية، فثار الفلسطينيون وأعلنوا الحرب على «إسرائيل»، فهوجمت المدينة من قبل الجيوش العربية والمقاتلين الفلسطينيون، وقُتل عدد من الإسرائيليين في هذا الهجوم وتمّ أسر البعض الآخر.

كان من نتائج حرب سنة 1948 بين العرب والإسرائليين أن قُسمت القدس إلى شطرين: الجزء الغربي الخاضع لإسرائيل والمسمّى القدس الجديدة والقدس القديمة الخاضع للأردن والمعروف بالقدس الشرقية. وفي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من نفس السنة، أقيمت منطقة عازلة بين الجزأين. وتمّ توقيع اتفاقية الهدنة بين «إسرائيل» والدول العربية سنة 1949.

وأقيمت الحواجز الاسمنتيّة والأسلاك الشائكة في وسط المدينة. واعلن بن غوريون رئيس وزراء «إسرائيل»، عام 1948 أنّ القدس الغربية عاصمة للدولة «الإسرائيلية»، علماً انّ القدس الجديدة كما كان يطلق عليها في ذلك الحين معظمها كان بيد العرب.

وفي عام 1948 وتحديداً 13 أيار انسحب الانكليز من الحي القديم في القدس الشرقية سراً.. وسلّموه لليهود، وهو الحي الذي يفصل بين الحي اليهودي القريب من جبل الزيتون والأحياء العربية، وفي 15 أيار جاءت قوات جيش الإنقاذ لتتسلّم مواقع الانكليز ففوجئت باليهود يطلقون عليها النار بعد أن أقاموا متاريسهم في هذه المواقع التي هي أصلاً من أحياء القدس العربية.. ثم في حوالي شهر حزيران طردوا اليهود من جميع أحياء القدس القديمة ومن الحي اليهودي وأسروا جميع من تواجد فيه من قوات الهاغانا .

احتلت «إسرائيل» القدس الجديدة واعتبرتها عاصمة لحكومتها في ما بقي القسم الشرقي لأهله من الفلسطينيين تحت سيطرة السلطة الأردنية. وبعد حرب 1967 سيطرت «إسرائيل» على كامل المدينة وضمّت القدس الشرقية لسلطتها مما أثار استنكاراً دولياً وأصدرت «إسرائيل» قانوناً اعتبرت فيه «القدس مدينة موحدة وهي عاصمة ابدية لإسرائيل»، ورفضت الامم المتحدة الموقف «الاسرائيلي».

و أصدر مجلس أمن الأمم المتحدة القرار رقم 4788 الذي نص على «أنّ إسرائيل خرقت قانونًا دوليا»،ً وطالب جميع الدول الأعضاء بسحب ما تبقى من سفاراتها من القدس. وأصرّ الفلسطينيون على اعتبار القدس مدينتهم. ما زالت مسألة القدس تُشكل قضية محورية في الصراع العربي ـ «الإسرائيلي»، خصوصاً مع إقرار الحكومة «الإسرائيلية» بناء وحدات استيطانية جديدة في حارات وأحياء البلدة القديمة التي يسكنها فلسطينيون وتحوي مقدسات إسلامية، في سبيل رفع عدد اليهود في القدس الشرقية، وبنهاية عام 2016 صدر قرار عن الأمم المتحدة يمنع هدم بيوت الفلسطينيين وبناء مستوطنات ومساكن لليهود مكانها. إلا أنّ علماء الدين المسلمين وعدد من المؤرّخين العرب يقولون إنّ اليهود ليس لهم أيّ حق في المدينة لأسباب متعدّدة، منها أنّ حائط البراق الذي بُني منذ حوالي 2500 سنة كان جزءاً من مسجد سليمان الذي يسمّيه اليهود هيكل سليمان. وطالب أركان السلطة الفلسطينية وما زالوا يطالبون بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية التي يتفاوضون على إنشائها بعد اتفاقهم مع اليهود…

ورداً على قرار الأمم المتحدة الذي اتخذ بالإجماع عام 2016 وقوبل باللامبالاة من «إسرائيل» أصدر نتن ياهو وبلدية القدس يوم 20/1/2017 قراراً يقضي ببناء 561 مستوطنة في القدس وفي الوقت ذاته يجري هدم بيوت الفلسطينيين في النقب والجليل… تمهيداً لبناء 500 مستوطنة..

يحاول الإسرائيليون جعل القدس عاصمة لهم في الدولة التي أقاموها في فلسطين خلافاً للقوانين الدولية في هذا الشأن وهم لم يتقيّدوا يوماً بهذه القوانين ولا بحقوق الفلسطينيين أهل البلاد وأصحابها.. فكما استولوا على فلسطين وانتهكوا الحقوق والحرمات يريدون انتهاك القدس وتدمير كلّ ما يمتّ لها بصلة تاريخية أو روحية أو قومية مع شعبها.. فهي باعتقادهم لهم وحدهم كما جاء في الصفحة 205 من البروتوكول الخامس:

«متى ولجنا أبواب مملكتنا لا يليق بنا أن يكون فيها دين آخر غير ديننا وهو دين الله الواحد المرتبط به مصيرنا من حيث كوننا الشعب المختار وبواسطته ارتبط مصير العالم بمصيرنا فيجب علينا ان نكنس جميع الأديان الأخرى على اختلاف صورها…»

وفي الصفحة 246 من التلمود سفردياريم.. جاء: «سوف تمتدّ حدود إسرائيل وتصعد إلى جميع الجهات ومن المقدّر لأبواب القدس أن تصل الى دمشق».

وبعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية أمل اليهود أن يقوم بنقل سفارة بلاده الى القدس، كما وعد أثناء حملته الانتخابية، وبذلك يكون قد مارس الاعتراف الفعلي بأنّ القدس «عاصمة لإسرائيل»، ويكون قد خالف ـ إنْ فعل ـ جميع القرارات والقوانين الدولية.

أشعلت «إسرائيل» الفتن وأرسلت الإرهابيين إلى الشام والعراق ونسجت خيوط العلاقات مع دول العربان… من أجل ان تفرض سيطرتها وتحقق أحلامها.

وكان الزعيم سعاده قد حذر الأمة من هذا الخطر المقبل حينما قال:

«اننا نواجه الآن أعظم الحالات خطراً على وطننا ومجموعنا فنحن أمام الطامعين المعتدين في موقف يترتب عليه إحدى نتيجتين أساسيتين هما الحياة والموت وأية نتيجة حصلت كنا نحن المسؤولين عن تبعتها».

أين انتم يا قوم؟

لن تعود القدس وفلسطين ولن يبقى المسجد الأقصى إذا لم تجابهوا عدو الأمة كما جابه صلاح الدين الايوبي ريتشارد قلب الأسد وجيوش الافرنج…


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 13

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010