] قراءة في المشهد الفلسطيني 2016 - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 25 كانون الثاني (يناير) 2017

قراءة في المشهد الفلسطيني 2016

رامز مصطفى
الأربعاء 25 كانون الثاني (يناير) 2017

غادرنا العام 2016، تاركاً وراءه أحمالاً وأثقالاً وخليطاً من التشاؤم والتفاؤل، لملفات يتردّد صداها وتداعياتها إلى كلّ أرجاء المعمورة بدولها الفقيرة والغنية، الضعيفة والقوية. إنه الإرهاب العابر للحدود يضرب من دون رحمة أو تمييز، وخصوصاً الدول الراعية له ما عدا الكيان الصهيوني، الذي يوظف الدماء الغزيرة والدمار المهول لتلك الأحداث المُدبّرة، والمشغول عليها جيداً من قبل دوائر في الواقعين الدولي والإقليمي، في طحن القضية الفلسطينية وعناوينها الوطنية، على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، الذي انتصر بالوهم لتلك القضية بإصدار مجلس الأمن للقرار 2334 المطالب بالوقف الفوري للاستيطان في الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس.

غادرنا العام 2016 والحرائق التي أشعلتها دول أبو لهب وامرأته حمالة الحطب، لا يزال دخانها الكثيف يحجب بصيرة من أبقى رهانه على الولايات المتحدة وحلفائها وأدواتها الإقليمية في إمكانية إسقاط الدولة السورية، وتالياً إلحاق الهزيمة بشركائها وحلفائها. ولكن أصبح من المؤكد أنّ كلّ المحاولات البائسة التي سلكتها الدول المموّلة والداعمة والحاضنة لتلك المجاميع المسلحة في سورية قد فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافها المتطابقة مع الأهداف «الإسرائيلية» في إلحاق الهزيمة بمحور المقاومة في المنطقة، وجهودها البائسة في إعادة رسم خارطة المنطقة جغرافياً وديمغرافياً على أساس طائفي وعرقي ومذهبي، وذلك بفضل صمود سورية قيادة وجيشاً وشعباً وبدعم من حلفائها وأصدقائها. ولكن أعتقد كما الكثيرين أنّ العام 2017 لن يكون عام إيجاد الحلول لما ورّثنا إياه العام الماضي.

وفلسطين وقضيتها ليست بعيدة عن مجريات ما تشهده المنطقة من حروب، بل تقف في أعلى سلم الاستهدافات التي يسعى وراءها الحلف الأميركي. وبهذا المعنى، هي المستهدف الاستراتيجي، والمتأثرة بشكل مباشر من ذاك الزلزال الذي يضرب منذ ست سنوات. وبالتالي فالتطورات التي شهدها العالم في أكثر من مكان، أيضاً ترخي بظلالها وبقوة على قضيتنا الوطنية، وعلى مجريات الصراع مع الكيان الصهيوني. وتقف في مقدّمة تلك التطورات، أولاً ازدياد مساحة الاستدارة العربية والإسلامية بعيداً عن القضية الفلسطينية، مقابل هرولة عربية مدانة نحو التطبيع مع الكيان، وصل حدّ مجاهرة نتنياهو إلى القول أنهم بصدد تشكيل تحالف مع دول عربية لمواجهة خطر التمدّد الإيراني في المنطقة! وثانياً المبادرة الفرنسية، للتسوية بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين»، بالتأكيد على «حل الدولتين»، وعقد مؤتمر دولي لهذه الغاية مع بدايات العام 2017. وثالثاً الانتخابات الأميركية، التي حملت نتائجها الرئيس دونالد ترامب من الحزب الجمهوري، على حساب منافسته هيلاري كلينتون من الحزب الديمقراطي، إلى البيت الأبيض. وإذا كانت الخشية على الدوام من السياسات الأميركية التقليدية في دعمها المطلق للكيان، ولكن فوز ترامب يشكل ذروة تلك المخاطر من خلفية ما أعلن عنه خلال حملته الانتخابية في تبنيه للروئ «الإسرائيلية»، حيث قال: «أتطلع إلى تقوية الروابط الوثيقة بين دولتينا العظيمتين»، ومضيفاً «إنني أدرك أنّ إسرائيل هي الديمقراطية الحقيقية والوحيدة والمدافعة عن الإنسان في الشرق الأوسط، وأنها الأمل بالنسبة لعدد هائل من البشر». وأضاف «لن أفرض حلاً بخصوص السلام لا ترضاه. وسأعترف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل وأنقل السفارة الأميركية إليها». وترامب لم يجد في بناء المستوطنات عملاً يُناقض القانون، وهو قد عينّ الصهيوني ديفيد فريدمان سفيراً للولايات المتحدة في الكيان «الإسرائيلي»، وفريدمان من أشدّ المشجعين للاستيطان وتحديداً في القدس، بل هو لا يعترف أصلاً بالشعب الفلسطيني. واليوم وبعد قرار مجلس الأمن 2334، الذي دعا إلى «وقف فوري للاستيطان» في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، ناقض الرئيس ترامب موقف إدارة أوباما التي امتنعت عن التصويت، في سياق مغاير للمواقف الأميركية القائمة على استخدام الفيتو في مواجهة أية قرارات تمسّ «إسرائيل»، حيث عبّر ترامب عن غضبه بالقول صراحة إنّ بعد 20 كانون الثاني 2017، لن يكون كما قبله، وأنه سيصحّح الخلل الذي وقع في مجلس الأمن. وقد حذا حذوه الكونغرس الأميركي وصوّت على قرار بعدم الاعتراف بقرار مجلس الأمن 2334. وهذا كافٍ ليُعيد لنتنياهو وجوقة ائتلافه الحكومي شيئاً من التوازن الذي فقده بعد صدور القرار الأممي، وجنّ غروره وعنجهيته وصلفه، وفي خطوة شكلت سابقة، حين استدعى نتنياهو سفراء الدول التي صوّتت على القرار ليُعنفهم ويقرع دولهم، ويعلن تخفيض مساهماته المالية لعدد من الوكالات الدولية التابعة للأمم المتحدة.

والمشهد الفلسطيني في العام 2016 قد لا يختلف كثيراً من حيث العناوين، ولكن من حيث القراءة واستعراضها ربطاً بالأحداث والتطورات التي أرخت بظلالها بشكل مباشر عليها. وعناوين المشهد هي:

المفاوضات… توقفها وانغلاق أفقها.

إنهاء الانقسام والمصالحة الوطنية.

الانتفاضة الثالثة.

الحركة الأسيرة.

القدس وعمليات التهويد والاقتحامات للمسجد الأقصى.

قطاع غزة.

الانتهاكات «الإسرائيلية» والاستيطان.

الإخفاقات والنجاحات.

حملة المقاطعة B D C .

الشتات الفلسطيني.

الأونروا.

أولاً: المفاوضات… توقفها وانغلاق أفقها

كيان «إسرائيل» الغاصب، لم يؤمن للحظة واحدة بـ»السلام»، وهو لطالما استخدم المفاوضات تحقيقاً لجملة أهداف منها:

مسايرة لظروف حليفها الاستراتيجي الولايات المتحدة الأميركية، واستجابة لرغبته.

محاولة منه توجيه رسالة للمجتمع الدولي أنه راغب في السلام وأنها تمثل بالنسبة إليه خياراً استراتيجياً مع الفلسطينيين، مما يُحسّن من صورته المهتزّة بسبب ممارساته الإجرامية.

توظيف المفاوضات نحو المزيد من تمرير فرض وقائعه الميدانية في التهويد والاستيطان.

محاولته إظهار السلطة وفريقها المفاوض أنه غير مؤهّل لإنجاز تسوية تاريخية قائمة كذباً على حلّ الدولتين، وبالتالي الحصول على اعتراف فلسطيني بيهودية الدولة بعد أن حصل على الاعتراف بـ»إسرائيل» بموجب «اتفاقات أوسلو» عام 1993.

وفي المقلب الآخر لا تزال السلطة الفلسطينية عند التزاماتها في التمسك بخيار المفاوضات التي لا بديل عنها إلاّ المفاوضات والتنسيق الأمني مهما بلغ مستوى الإجرام «الإسرائيلي» بحق الشعب الفلسطيني.

ومنذ أن توقفت المفاوضات في أواخر آذار 2014، أيّ بعد أن رفض نتنياهو الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين ما قبل «اتفاقات أوسلو» عام 1993. لا تزال تلك المفاوضات متوقفة، رغم المحاولات والجهود التي تبذلها بعض الدوائر، لدفع طرفيها مرة جديدة إلى الطاولة، ولكن لم تفلح في ذلك، وبتقديري أنّ نتنياهو وجوقة ائتلافه من غلاة المتطرفين هم من يقفون وراء إفشال المفاوضات، من خلفية عدم تضييع الفرصة الذهبية المتوفرة بسبب ما تشهده المنطقة من حرائق وحروب في العديد من الدول، يجب توظيفها واستثمارها في فرض الوقائع الميدانية في التهويد والاستيطان والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتحديداً في مناطق المصنفة ج ، والتي تقع تحت السيطرة «الإسرائيلية» بموجب اتفاق «أوسلو».

وتأتي المبادرة التي تقدّمت بها فرنسا، وروّجت أنها تهدف إلى إيجاد حلّ شامل للصراع. حيث تقوم المبادرة على أساس الدعوة إلى عقد مفاوضات تحدّد بفترة زمنية قصيرة، ولكنها مكثفة حول الملفات الجوهرية بين كيان الاحتلال «الإسرائيلي» والسلطة الفلسطينية. حيث تضع المبادرة نصب أعينها أنّ هدف إنهاء الصراع الفلسطيني ـ «الإسرائيلي»، باعتباره لبّ الصراع في الشرق الأوسط، وسبب الاضطرابات وغياب الأمن في المنطقة.

وأكد زير الخارجية الفرنسي جان أيرولت أن الاجتماع في باريس حول التسوية سيليه مؤتمر دولي في النصف الثاني من هذا العام، بحضور مسؤولين «إسرائيليين» وفلسطينيين.

إضافة لذلك فقد شهد العام 2016، محاولات روسية وأخرى مصرية، هدفت إلى تحريك المفاوضات، من خلال جمع كلّ من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس حكومة الكيان «الإسرائيلي». وبالتالي كانت هناك محاولة لما تسمّى بـ»الرباعية العربية»، من خلال تحقيق مصالحة وطنية وأخرى فتحاوية داخلية بين عباس ودحلان، الهدف منهما الذهاب مرة جديدة نحو عملية التسوية مع الكيان.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2329361

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 13

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28