] في ذكرى الانتفاضة الاولى وبعد 28 سنة: قيادة بلا سيادة ام سيادة بلا قيادة؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 11 كانون الأول (ديسمبر) 2015

في ذكرى الانتفاضة الاولى وبعد 28 سنة: قيادة بلا سيادة ام سيادة بلا قيادة؟

بقلم: ناديا حرحش
الجمعة 11 كانون الأول (ديسمبر) 2015

نتابع جميعا ما يجري بتأهب . على أمل ، بحرقة ، بألم ، بفرحة احيانا . نريد التواجد في حالة معينة البعض منا عاشها بالانتفاضة الاولى والكثير منا لا يفهم ما يقال . فالانتفاضة الاولى للجيل الذي يرتقي بالشهادة اليوم ليست الا تاريخ كما كانت احداث سالفة تاريخ لجيلي. انتفاضة ثالثة …كلمة نرددها ونريد ان […]
نتابع جميعا ما يجري بتأهب . على أمل ، بحرقة ، بألم ، بفرحة احيانا . نريد التواجد في حالة معينة البعض منا عاشها بالانتفاضة الاولى والكثير منا لا يفهم ما يقال . فالانتفاضة الاولى للجيل الذي يرتقي بالشهادة اليوم ليست الا تاريخ كما كانت احداث سالفة تاريخ لجيلي.
انتفاضة ثالثة …كلمة نرددها ونريد ان نشتعل بداخلها جميعا .. وليس الامر مصادفة، فحالة الاحتقان التي نعيشها كشعب منذ سنوات ليست طبيعية . فكأننا مساقون بحبال نحو داهية محتمة انتهى تأثير المخدر منها وصار التفاف تلك الحبال على رقابنا مؤلما وخانقا.
ولكن مهما قلنا ومهما حاولنا الاقتراب من فكر الانتفاضة الاولى او حتى الثانية ، فنحن لا نزال بعيدون كل البعد. فالعنصر الاساسي في الانتفاضة كان ولا يزال الانفجار المترتب على حالة احتقان الانتشار فيه في مواجهة العدو . المواجهة المباشرة مع العدو بكل منطقة ممكنة .والعنصر الثاني هو عدم وجود سلطة .
الانتفاضة الاولى كانت عبارة عن هبة شعبية لشعب اعزل هب من اجل الدفاع عن كرامة كان الاحتلال ولا يزال يدوسها وينكل بها . انتجت الانتفاضة حالة شعبوية متكاملة اصبح الشعب فيها هو القائد . كل انسان رأي من نفسه انسانا فاعلا في تلك الهبة . كل كان يشارك على حسب عمره ومقدرته وفهمه بلا توجيه او اوامر. كان الفتى ينزل للشارع ليجد امامه تجمع يغلق الشارع ويرمي الحجارة . وكانت السيده العجوز تجد نفسها بسلة تلملم الحجارة لتزود الشباب بها ، وكان هناك من رأى بنفسه كاتبا لشعارات ومن كانت مهمته تخبئة الفتية والجامعات تحولت الى مجمعات للجان مختلفة توزعت على المناطق المختلفة من قرى وشوارع واحياء.
من هناك خرجت قيادة تلقائية اعطت للقيادة بالخارج شرعية ووجود.
اليوم الحال اختلف .
بعد 28 عام من تلك الانتفاضة ، وبعد تطويعها في مدريد وجنيف ومن ثم اوسلو . لم يعد هناك شعب. فالكل يجد بنفسه قيادة . والكل استحق لقب القائد . فصارت القيادة استحقاق . من رمى الحجر ورجع الى البيت ولم يحظ بفرصة قيادة اصطف بما تبقى من فكرة الشعب . وفي توزيع الغنائم وزع الوطن استحقاقات سجن واعتقال وجرح وشهادة . ودخلت في سراديب الاحزاب والفصائل . فالفصيل الذي يحدد مكانتك ويعمدك بلقب القائد وينفش ريشك ويخرجك لتتبختر في المجتمع.
وانعكست الآية تماما .. ولم تعد البطولة باستحقاقات تقدم . فترى اليوم الفصائل تجلس خلف مكاتبها وشاشات الكمبيوتر تتابع الاحداث الكترونيا او هاتفيا وتقتنص ما يجرى على الارض لتتسابق على اعلانه وتسميته لها.
فصرنا نعيش حرب الانتماءات الفصائلية ولم يعد لا للوطن ولا للمواطن دور يذكر. صار المواطن سلعة يصبح لها ثمنا فقط عند الحاجة للاستهلاك الاعلامي للتلويح ببطولات وهمية .
فبينما جعلنا من رفع سارية العلم الفلسطيني انجاز تاريخي ، تركنا العلم يرفرف في نيو يورك ولا زلنا نصر على التسابق في رفع الاعلام الفصائلية بدل العلم الفلسطيني . ترى المظاهرات في تسابق الوان صفراء وغيرها . وكأن حربا للوجود يتم التسابق عليها . فاللون هذا هو ما يؤكد وجود ذلك الفصيل او ذاك .
ولا يزال كل فصيل يتاجر بالوطن والوطنية والمواطن .
ومما لا شك فيه ان انفجارا قد وقع . قنبلة لم يتوقع تفجرها الرئيس قد فجرت . ولكن كم من انفجارات وقعت من قبل . في الاسابيع الماضية استشهد ضياء تلاحمة وهديل الهشلمون ولم يحرك من اجلهما حتى عود كبريت . تنديدات جوفاء ذهبت ادراج زحام العيد .
نريد التحرر ولكننا نريد الفرحة المستهلكة من يومنا اكثر .
واليوم عندما نتكلم عن القيادة نقع في قعر حفرة اكبر . وكأن كل شيء نفعله هو عبارة عن حالة استنساخ للمواقف . فهناك بادرة لانتفاضة فنعود بسرعة الى اساليب الانتفاضة الاولى ، بيانات قيادة موحدة . ما ذا تعني هذه العبارة ؟ ما هي القيادة الموحدة ؟ الا يوجد هناك سلطة ؟ أمن ؟ دعوات للهبات الشعبية والخروج الى الحواجز ؟ من اجل ماذا ؟ لكي يقتل المزيد من الابناء ؟ أين القيادة بعد هذه النداءات؟
الشعب يخرج للشوارع ليقتل والقيادة تحصد الاستحقاقات لتزيد استبدادا وفسادا وخنوعا.
لننظر للحظة سريعة فقط لكي لا نصاب بسكتة قلبية علينا توفيرها الآن الى الجانب الاسرائيلي : نتانياهو يترأس اجتماعات طارئة . دعوات من رؤساء الفصائل الدينية للشباب بعدم الذهاب الى القدس لعدم تعرضهم للخطر .
والرئيس يجلس في بيته او المقاطعة وحفنة مستشاروه يخرجون بالبيانات المزرية الواحدة تلو الاخرى والشعب يتساقط امام الاعيرة الحية والمطاطية امام الحواجز والامن الذي بقي فيه صحوة الشعور بالوطن خلع زيه وصار مواطنا ، وذلك الذي يصر على المراجهة يعلم بأن الله يعلم مصيره فيما بعد .
اليس من الاجدر ان يدعو الرئيس الشعب بالصمود ويعلن النفير في اجهزته الامنية والدفاع عن الشعب الاعزل ؟
اي عار تعيشه قيادة تترك الشعب يداس بجرافات الاحتلال ونيرانه وتصدر الاوامر للامن بالاختفاء ؟
اين السيادة ؟ آهي تلك المصاحبة للحشد الامني الغير مسبوق في اقتتاح مركز او استضافة ضيف او إضاءة شجرة؟
كيف تقبل القيادة الحالية الجلوس في بيوتها او بحمى المقاطعة ، بينما الدبابات الاسرائيلية تجوب الحي المجاور ؟
كيف يقبل بأن يهدد بيت فلسسطيني في مكان سيادة بالهدم ؟
اين السيادة عندما تنتهك المدرعات الاسرائيلية المدن والقرى والشوارع الفلسطينية “ذات السيادة” ؟
أين القيادة ؟
هل القيادة صورية تمنح القلائد والرتب والتبريكات ؟
هل انحصر دور الرئاسة الفلسطينية في استقبال امهات واباء الشهداء في احسن الاحوال بالمقاطعة ،مباركتهم على ارتقاء ابنائهم بالتراب؟
حتى بابا الفاتيكان اكثر تواضعا وارتباطا بالشعوب من قيادة هذا الشعب . الرجل وهو في اعلى المراتب القدسية ينزل الى الشوارع ليتفقد العالم ويباركهم او لربما يطلب مباركتهم له
كيف تختفي القيادة وكيف تظهر وسط كل هذه المجريات ..يزيد من الشرخ القائم بين الشعب والقيادة .. .
رئيس اسرائيل ورئيس وزرائه يتصدرون الجنازات لقتلاهم ، ونحن ننتظر علم الله في تحصيل جثامين شهدائنا . يترك الاهل مثكلون مرتعبون تائهون من خسارة لخسارة اخرى وما من مجيب ولا معين .
ونحن القيادة متربعة على عروش فولاذية تخر الارض وتنتهك السماء .
تصفق للشعب من على عروشها وتبدي له الاستحسان او تغضب منه وتشجب اعماله .
بالعادة القيادة هي من تقف على خطوط المواجهة والشعب يصفق لها .
المستوطنون وقفوا على مقر نتانياهو مطالبين رحيله لعدم تقديم الامن لهم عند مقتل اثنين منهم . ونحن لم نسمع كلمه من الرئيس . يخرج علينا المرتزقة من مستشاريه ليلوثوا الاجواء اكثر بكلامهم المسموم
وبين رئيس في مقاطعة ورئاسة اخرى في معزل غزة ، يستمر السباق على سيادة بلا قيادة.
القائد يا سادة هو ذلك الذي يقود المعركة ليحمي الشعب ، وليس ذلك الذي يرمي بالشعب ليحصد هو النتائج.
اليوم وفي ذكرى انتفاضة قامت على اثرها القيادة الحالية ..تؤكد هذه القيادة بشطريها المنقسمينبأنها مؤلفة من قواد يركبون على الشعب .
قبل الانتفاضة الثالثة ، علينا الرجوع الى وضعية الشعب القائد …
لاننا شعب بلا قائد.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 108 / 2289188

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

95 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 98

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010