] هل يحترم الأميركان “الصندوق” و يكمل “ترامب” فترته الرئاسية؟! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 17 كانون الثاني (يناير) 2017

هل يحترم الأميركان “الصندوق” و يكمل “ترامب” فترته الرئاسية؟!

محمد عبد الصادق
الثلاثاء 17 كانون الثاني (يناير) 2017

قبل أيام على تنصيب دونالد ترامب رئيسا لأميركا أعلنت جماعات احتجاجية أميركية سعيها لإيقاف تنصيب الرئيس الجديد وأكدت أنها تحشد لمظاهرات مليونية في واشنطن وكبرى المدن الأميركية وتسعى لاحتلال نقاط التفتيش المؤدية لمبنى الكابيتول “الكونجرس” حيث يؤدي ترامب اليمين الدستورية وقال أحد المنظمين صراحة :”لا نريد انتقالا سلميا للسلطة ينبغي أن نمنع ترامب من الوصول للبيت الأبيض .. نريد أن نرى ثورة عارمة تنمو في هذه المدينة وكافة الولايات الأميركية”.
الغريب أن السلطات الأميركية أعطت الجماعة المجاهرة برغبتها في تعطيل التنصيب ثلاثة تصاريح للتظاهر, في استمرار لمسلسل الصراع السياسي الذي لم نشهد له مثيلا على مدار تاريخ أميركا؛ بين ملايين يسكنهم الخوف من قدوم ترامب تشجعهم إدارة ديمقراطية مغادرة وآخرين ينتظرون تنفيذ ترامب لوعوده الانتخابية الانتقامية ضد المهاجرين والأقليات تدعمهم إدارة الجمهوري ترامب الذي لا نعلم إن كان سيصل للحكم أم سيكون أوباما آخر الرؤساء الأميركيين كما زعمت إحدى العرافات.
يبدو أننا مقبلون على مرحلة أميركية حافلة بالأحداث التراجيدية والمشاهد الكوميدية, بدأت منذ إعلان ترامب ترشحه للرئاسة أمام هيلاري كلينتون ومفاجأة فوزه بالرئاسة الأميركية, وما تلاها من تصريحات وقرارات تصادمية لم تشهدها مرحلة انتقال السلطة في أميركا, والتي كانت تتيه على بقية دول العالم بنزاهة الانتخابات حتى أُطلق عليها أرض الأحلام, فإذا بنا أمام رئيس أميركي مهدد بمنعه من التنصيب وإذا جلس على كرسي الرئيس, فهناك شكوك حول إمكانية تكملة فترته الرئاسية بعد تشكيك البعض في شرعيته واتهامه بتلقي مساعدة من الروس للفوز على غريمته الديمقراطية.
ولم يضيع ترامب وقتا لإثارة الجدل؛ ففور إعلان فوزه بالانتخابات سارع بالاتصال الهاتفي برئيسة تايوان ليثير غضب واستفزاز الصينيين الذين اتهموه بخرق مبدأ “الصين الموحدة”, وبرر ترامب اتصاله برغبته في مقايضة الصينيين لتخفيض عملتهم والتوقف عن دعم الصادرات مقابل الاعتراف بـ”الصين الموحدة” واتهم أوباما بالتساهل معهم حتى مال الميزان التجاري لصالحهم بأكثر من الضعف وساهم في رفع الدخل المحلي الإجمالي للصين إلى 9 تريليونات دولار تحتل بها المركز الاقتصادي الثاني خلف الولايات المتحدة وهو الأمر الذي يزعج ترامب.
في وعوده الانتخابية قال ترامب إنه سيجبر المكسيك على بناء جدار عازل على حدودها مع أميركاعلى نفقتها لمنع التهريب وتدفق المهاجرين والأيدي العاملة الرخيصة للسوق الأميركي, وعندما وجد سخرية من المكسيكيين من مسألة إجبارهم على تحمل النفقات, طلب من الكونجرس الموافقة على تمويل بناء الجدار بـ 14مليار دولار ـ أي أكثر من تكلفة استقبال المهاجرين.
وبتكليف من فريق ترامب أرسلت الخارجية الأميركية خطابات لجميع سفراء ودبلوماسيي أميركا حول العالم تخطرهم فيها بحتمية ترك وظائفهم والسفارات التي يخدمون فيها في موعد أقصاه 20 يناير الجاري “يوم التنصيب” في خرق للتقليد الدبلوماسي الأميركي, الذي كان يمنح السفراء فترة سماح تمتد لشهور للعودة لبلادهم عقب تولي الرئيس الجديد, ونتيجة هذا القرار ربما تظل الولايات المتحدة لشهور عدة بلا سفير في عواصم كثيرة حتى يتم اختيار سفراء لها من قبل الرئيس الجديد ومن ثم يتم الموافقة عليهم من قبل الكونجرس, مما دعا بعض السفراء للتظلم على القرار مطالبين بإعادة النظر في القرار أو إعطائهم مهلة أسوة بقرينة ترامب التي قررت البقاء مع صغيرها في نيويورك ليكمل دراسته رافضة الانتقال للبيت الأبيض برفقة زوجها.
لأول مرة في تاريخ أميركا يعلن عدد كبير من نواب الكونجرس مقاطعتهم لجلسة تنصيب الرئيس, بعضهم ديمقراطيون تضامنوا مع زميلهم أيقونة الحقوق المدنية ورفيق كفاح مارتن لوثر كينج السيناتور جون لويس الذي نزع الشرعية عن ترامب ونعته بأنه جاء نتيجة تدخل روسي في الانتخابات, ورد ترامب على النائب الأسود بوصلة من “الشرشحة” على “تويتر” وصف الرجل الذي قارب على التسعين بأنه “قليل الفعل كثير الكلام”, ودخوله في ملاسنة مع زعيم الأقلية بمجلس الشيوخ الديمقراطي تشارلز شومر ووصفه “بمهرج السيرك”, ليرد عليه السيناتور العجوز: بأنه لن ينخرط معه في معركة شوارع طفولية من الشتائم والبذاءات, ويدخل نائب أوباما جوبايدن على الخط ويدعو ترامب بأن يتصرف كالكبار .
و كانت ذروة التراجيديا اتهام أجهزة المخابرات الأميركية روسيا بالتدخل لمساعدة ترامب في الفوز بالانتخابات الأميركية والحديث عن امتلاك موسكو ( سيديهات وفلاشات) تنال من سمعة ترامب وتحط من قدره ويمكن أن تعرضه للابتزاز مستقبلاً من الروس, جن جنون ترامب وتوعد بتطهير أجهزة المخابرات وتسريح قادتها وكل من تورط في تسريب هذه الملفات, وهو قرار ربما يلحق الضرر بالأمن القومي الأميركي وبالفعل تحدثت أنباء عن انخفاض الروح المعنوية بين العاملين بأجهزة المخابرات الأميركية وأن كثيرا منهم بدأ يخطط للرحيل ومن سيبقى سيكون مكبلاً وسيضطر لاتخاذ أقل قدر من المخاطرة مهما كانت التهديدات الأمنية لغياب الدعم والخوف من بطش الرئيس.
أميركا التي طالما أعطت دول العالم دروسا في الديمقراطية واحترام القانون وحقوق الإنسان والتعددية والتداول السلمي للسلطة والاحتكام لصناديق الانتخاب تعيش اليوم حالة صراع وانقسام غير مسبوقة حول العديد من القضايا الداخلية والخارجية, فمشروع التأمين الصحي “أوباما كير” أهم الإنجازات القليلة التي عددها أوباما في خطاب الوداع مهدد بالإلغاء بعد رفض الكونجرس ذي الأغلبية الجمهورية إقرار موازنة مالية تغطي تكاليفه ورفض “ترامب” تحصيل مبالغ اشتراك إجباري من الأغنياء لدعم غير القادرين على العلاج , ودخول شركات الأدوية الأميركية على خط الأزمة, واشتراط دخولها المشروع بمنع تداول الأدوية الرخيصة غير الحاصلة على براءة اختراع من هيئة الدواء والغذاء الأميركية والتي كانت تستورد من الهند والصين, حتى لو أثبتت التحاليل المعملية مطابقتها للدواء الأصلي, في عودة مرعبة للرأسمالية المتوحشة واقتصاد السوق المنحاز ضد الطبقات الفقيرة التي لا يحبها ترامب.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2327789

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 15

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28