] مهرجان في باريس لحل الصراع الأعقد في العالم!! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 17 كانون الثاني (يناير) 2017

مهرجان في باريس لحل الصراع الأعقد في العالم!!

ياسر الزعاترة
الثلاثاء 17 كانون الثاني (يناير) 2017

أبدعت وكالة فرانس برس حين وصفت مؤتمر باريس بأنه لقاء “رمزي”، فقد كان كذلك بالفعل رغم الحضور الضخم من الدول والمنظمات.
للتذكير فقط، فمنذ خمسين عاما لم تتوقف المؤتمرات والمبادرات الخاصة بالقضية الفلسطينية، لكن شيئا لم يتغير في واقع الاحتلال، باستثناء تلك المؤتمرات التي تصب مخرجاتها في صالح الاحتلال، إن كان على صعيد جرجرة الفلسطينيين والعرب إلى تنازلات مجانية لا يقابلها الغزاة بأي شيء، أم تلك التي تصب في المسارات التي يريدها الاحتلال، وتخدم برنامجه، كما هو حال أوسلو وملحقاته، والذي خلّص الصهاينة من الوجه القذر للاحتلال.
تتوالى المؤتمرات، وكذلك المبادرات، فيما لا يتغير واقع الاحتلال، بل على العكس من ذلك، يستفيد من فترات الهدوء في تعزيز الاستيطان وعمليات التهويد.
لا يختلف مؤتمر باريس، أو مهرجان باريس بتعبير أدق عن سواه من المؤتمرات، وإذا قيل إن نتنياهو قد رفضه، فلأنه فاجر بطبعه من جهة، ولأنه يجد من جهة أخرى في الأجواء السياسية في المنطقة والعالم ما يحمله على مزيد من الغطرسة، فهنا حريق يشغل الجميع ويستنزفهم، وهنا أنظمة جديدة تتواطأ معه كما لم يحدث من قبل، وهنا رئيس أمريكي قادم يبدي استعدادا لدعم فريد، فلماذا لا يتشدد في شروطه؟!
في كلمة الافتتاح بدا وزير الخارجية الفرنسي كمن يعتذر للكيان الصهيوني، بدل أن يدين تغيبه عن المؤتمر، بل كمن يتوسله بأن يتفهم الموقف الفرنسي، بينما كان نتنياهو يكيل لفرنسا الهجاء من دون أن يرفّ له جفن، كأنما يتحدث عن دولة صغيرة، وليس عن أحد أكبر الدول الأوروبية!! أما كيري فاتصل من باريس بنتنياهو ووعده بالعمل على تخفيف حدة بيان المؤتمر، لكي لا تُتخذ خطوات جديدة ضد الكيان في الأمم المتحدة، وهو ما كان حيث جاء البيان “ضعيفا” بحسب تعبير المسؤولين الصهاينة.
لم يحمل البيان الختامي للمؤتمر أي موقف عملي ضد الاحتلال، ولا أي إجراء يمكن أن يُتخذ بحق ممارساته، بل تحدث بشكل عام عن القرارات الدولية، وعن الحوافز في حال قبول ما يسمى حل الدولتين، بل حتى قبل ذلك عبر الشروع في التفاوض.
الشيء المؤكد أن العالم كله بات يدرك سقف التنازلات الإسرائيلية فيما يتعلق بالحل السياسي، والذي لا يتجاوز كيانا مقطع الأوصال على 10 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية، من دون سيادة ولا قدس ولا عودة للاجئين، ويكفي أن يرفض الكيان وقف الاستيطان، بل حتى تجميده خلال المفاوضات حتى ندرك حقيقة الموقف.
ربما جاء المؤتمر بحسب ما قيل بمثابة رسالة لترامب قبل أيام من تنصيبه، هو الذي وعد بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ولكن الحقيقة أن الإعداد له كان سابقا على فوز ترامب، ما يقلل من قيمة هذه النظرية، فضلا عن أن ترامب لا يبدو معنيا برسائل من أحد، وإن كان من الصعب الجزم بما إذا كان سينقل السفارة بالفعل إلى القدس أم لا.
نفتح قوسا لنشير هنا إلى بعض التهديدات التي وردت على لسان قادة السلطة، وحركة فتح حول الرد على نقل السفارة، وحيث ذهب البعض إلى إمكانية “سحب الاعتراف بدولة إسرائيل”، الأمر الذي يبدو مشكوكا فيها، ولو صحّ أنهم سيفعلون لدعونا الله أن ينقلها ترامب لكي يعيد القوم ترتيب أولوياتهم من جديد بعد تيه طويل، لكن الأمل شبه معدوم في واقع الحال.
لعل البعد الأكثر خطورة في كل هذه المؤتمرات والمبادرات وما يشبهها هو أنها تُتخذ ذريعة من قبل قيادة فتح والسلطة والمنظمة للمضي في رحلة التيه ومسيرة تجريب المجرّب، ورفض المقاومة، مع تأكيد التعاون الأمني مع العدو، وهنا الخطورة الكبرى، فإلى متى يستمر هذا العبث؟ إنه السؤال الكبير الذي لا إجابة عليه، ووحده الشعب هو من يمكن أن يفرض إجابته بدفع المعنيين إلى تغيير مسارهم، وذلك في ظل يأسنا من أن تستعيد حركة فتح ذاتها حركة تحرر بمبادرة داخلية منها، بعد أن حوّلها عباس إلى حزب سلطة تحت عباءة الاحتلال.
بدأ مهرجان باريس وانتهى، ولا شيء تغير، تماما كما أخذ مجلس الأمن قرار إدانة الاستيطان، دون أن يوقف زخمه، بل يعدنا الصهاينة بتصعيده بعد تنصيب ترامب!!


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2289188

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

77 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 78

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010