] استهداف حزب التجمع في الداخل المحتل عام 1948 - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 14 كانون الثاني (يناير) 2017

استهداف حزب التجمع في الداخل المحتل عام 1948

علي بدوان
السبت 14 كانون الثاني (يناير) 2017

لم تَكُن حملات الاعتقال الهستيرية التي نَفَذَتها، وتُنفذَها سلطات الاحتلال “الإسرائيلية” في الفترات الأخيرة، في صفوف قيادات وأعضاء حزب التجمع الديمقراطي الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة عام 1948، والتي مَسّت حتى رئيس الحزب عوض عبدالفتاح، وعدد من أعضاء المكتب السياسي، ومنهم النائب باسل غطاس، لم تَكُن بالمفاجئة بالنسبة للمُطلعين على أحوال الداخل الفلسطيني وأوضاعه وما وصلت إليه أشكال العمل الوطني في مواجهة سياسات التمييز العنصري ومحاولات “الأسرلة”، ومن أجل الحقوق القومية والوطنية لفلسطينيي الداخل عام 1948. والتي يقوم بها الشباب الفلسطيني في الداخل في مواجهة آلة القمع “الإسرائيلية”. فالتجمع الوطني الديمقراطي الفلسطيني في “إسرائيل”، وبالرغم من كل الملاحظات التي قد تُسجّل على عمله، إلا أنه أصبح رقمًا صعبًا على الأرض، ولم يَعُد أعضاء ونشطاء التجمع مُجرد مجموعات تهتف وتغني في الساحات عندما يطلب منها ذلك… بل هي مجموعات شبابية مُنضبطة ومؤطرة تُمارس دورها ضمن نَسَقٍ متواصل من العمل بين عموم أحزاب وقوى فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948.
أشكال العمل الوطني التي يُمارسها عموم أبناء فلسطين في الداخل المحتل عام 1948 وأحزابهم وقواهم، انتقلت من العمل العفوي وغير المنظم في الفترات السابقة، إلى العمل المُنظم، والمؤطر، والمدروس، والموجه، والقائم على ركائز من الكفاح الديمقراطي السلمي الممكن، من أجل المساواة، والعدالة، والحفاظ على الحقوق، والهوية الوطنية والقومية.
فالعمل الذي تخوضه الأحزاب والقوى العربية في الداخل عام 1948، أسّسَّ ومنذ زمنٍ، لمرحلة نوعية جديدة في المسيرة الوطنية لعموم الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وهو ما لا ترضى عنه “إسرائيل” ولا يروق لها بأي حال من الأحوال، باعتباره يستقطب كل يوم القطاعات الواسعة من فلسطينيي الداخل، كما يستقطب المزيد من التعاطف الدولي المساند لعدالة القضية الفلسطينية.
العمل المنظم والمؤطر لفلسطيني الداخل، عَمَل كفاحي مُتطور يقوم على النهج السلمي الديمقراطي بالوسائل والأدوات المتوافرة والمُمكنة، بما في ذلك من داخل منبر الكنيست التي تَضُمُ نحو (16) نائبًا عربيًّا في عضويتها من مختلف الأحزاب، عَمل بدأت مفاعيله منذ وقت طويل تَطرُق، وبهدوء، مسامع العالم بأسره، ويستقطب إعجابًا وتعاطفًا دوليًّا يتطور كل يوم ويتزايد، ويضع دولة الاحتلال في قفص الاتهام…
إن الدور الكبير لفلسطينيي الداخل عام 1948، نجح وحقق نقلات نوعية، حيث خاض فلسطينيو الداخل 1948 معارك سياسية ناجحة ضد مشاريع الاستيطان والتهويد في مناطق الجليل الأعلى والأوسط في الشمال، وفي منطقة النقب في الجنوب، وغيرهما من مناطق فلسطين عام 1948، كما التصدي لمحاولات محو الهوية الوطنية الفلسطينية لمن تبقى من الشعب الفلسطيني داخل حدود العام 1948، والحفاظ عليها.
من هنا، نُدرك المغزى العميق لعمليات التنكيل وحملة الاعتقالات التي تقوم بها سلطات الاحتلال من حين لأخر للوجوه والشخصيات الوطنية الفاعلة والمؤثرة في الشارع من فلسطينيي الداخل من كافة المشارب والألوان السياسية والفكرية. وكان منها تجريم الحركة الإسلامية، وإخراجها عن القانون قبل أكثر من عامٍ مضى، نتيجة الدور الوطني المُتعاظم الذي تقوم به بين فلسطينيي الداخل. كما كان الحال مؤخرًا عندما أوقفت الشرطة “الإسرائيلية” للتحقيق، النائب العربي الفلسطيني في الكنيست عن القائمة العربية المُشتركة وعضو حزب التجمع الوطني الديمقراطي المهندس باسل غطاس، وذلك بعد رَفعِ حصانته البرلمانية للاشتباه بما أسمته الشرطة “الإسرائيلية” “قيامه بتسليم جوالات لمعتقلين فلسطينيين أثناء زيارتهم”. وتَبِعَ ذلك إصدار سلطات الاحتلال قرارها بحظر زيارة النواب العرب للأسرى الفلسطينيين في سجون ومعتقلات الاحتلال. والإجراء السابق ليس الأول من نوعه تجاه النواب العرب الفلسطينيين أعضاء الكنيست، فقد سَبَقَ وأن أصدرت سلطات الاحتلال، بما في ذلك الكنيست العديد من القرارات، التي مَسّت دور النواب العرب الفلسطينيين، كما سبق وأن اتخَذَت إجراءات عدة على عددٍ منهم خلال دورات سابقة للكنيست، وكان هدفها التضييق على النواب العرب في حراكهم وعملهم اليومي من أجل قضايا شعبهم الفلسطيني اليومية، في الداخل المحتل عام 1948، وفي المناطق المحتلة عام 1967. بل وعاملتهم كأبناء الجارية مقابل النواب اليهود في الكنيست، ولم تتعاطى معهم كأعضاء أصلاء مُنتخبين عن الجمهور العربي في فلسطين المحتلة عام 1948.
وفي جوهر الموضوع ولبابه، إن ما تُمارِسَهُ سلطات الاحتلال من انتهاكات وملاحقة سياسية للفاعلين في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل وقواه وأحزابه السياسية وممثليه من أعضاء الكنيست، يأتي في مسار العنصرية والفاشية ضده، وضد حصوله على حقوقه الوطنية والقومية وهويته وثقافته، وفي مواجهة سياسة التمييز الطبقي حيث الظروف الصعبة، الاقتصادية، وتجلياتها من فقرٍ وبطالة، وإهمال وتهميش وحرمان في الوسط العربي الفلسطيني داخل مناطق العام 1948 قياسًا للوسط اليهودي الاستيطاني القادم من أصقاع المعمورة.
وعليه، إن استهداف حزب التجمع الديمقراطي الفلسطيني في الداخل واعتقال النائب باسل غطاس لم يأتِ هكذا من فراغ، إنما ضمن استهداف الكل الفلسطيني، فالنائب باسل غطاس مارسه دوره المُفترض من موقع المُؤمن بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين، والتهم الموجهة له تتجلى فيها العنصرية والتمييز في المعاملة واستخدام القانون. وكان الكنيست قد أصدر يوم 15 حزيران/يونيو 2016، قانونًا يُعرف بقانون “مكافحة الإرهاب”، الذي حَلَّ مَحلَ جميع القوانين والأنظمة التي ينفذها الجهاز الأمني “الإسرائيلي”. ويعتمد هذا القانون، الذي يقع في واحد وخمسين صفحة، الوسائل القانونية التي تنص عليها أنظمة الطوارئ التي تعود جذورها إلى حقبة الانتداب البريطاني على فلسطين، ويوظفها ويوجهها بالأساس ضد المواطنين الفلسطينيين النشيطين سياسيًّا في الداخل 1948. ولتحقيق هذه الغاية، يوسّع القانون نطاق تعريف ما يشكّل الإرهاب، والمنظمة الإرهابية وعضو المنظمة الإرهابية. ووفقًا لهذا القانون الجديد، يمكن تعريف المؤسسات الخيرية الفلسطيني في الداخل على أنها منظمات إرهابية. كما يفرض القانون المذكور العقوبة على أشخاص يعبّرون عن تضامنهم العلني مع منظمة تعتبرها “إسرائيل” إرهابية كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مثلًا أو أي فصيلٍ وطني فلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وهكذا…. إنها عملية تشريع العنف والبطش والقمع تجاه مواطني الداخل.
إن سلطات الاحتلال، ومعظم مصادر القرار السياسي والأمني فيها، وحتى العسكري، تُدرك تمامًا أن ارتفاع منسوب البطش والقمع، وإن كان موجعًا، لن يوهن عزيمة الفلسطينيين في الداخل، بل أثبتت الوقائع أن الفلسطينيين وبالرغم من كل مآسيهم وأوضاعهم الصعبة وحالة الانقسام الموجودة في صفوف إخوتهم في الضفة الغربية والقطاع والشتات، قادرون على تجاوز أزماتهم في نهاية المطاف لا لأنهم فقط أصحاب الأرض والحق، بل، أيضًا، لأنهم يستخدمون، ويشتقون ويجترحون، الأساليب الكفاحية المناسبة لوضعهم الخاص داخل حدود العام 1948، وهي الأساليب والأنماط التي تجلب لهم كل يوم المزيد من التأييد والإسناد والتعاطف الدولي المتراكم.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 17

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010