] من “وعاء الزهَّار” إلى “فدرالية أبو مرزوق”! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 8 كانون الثاني (يناير) 2017

من “وعاء الزهَّار” إلى “فدرالية أبو مرزوق”!

عبداللطيف مهنا
الأحد 8 كانون الثاني (يناير) 2017

لست ممن يساوون بين المساوم والمقاوم في الساحة الفلسطينية ولن أكون… المساومون على القضية، والقضية التي جوهرها عندي هو تحرير كامل الوطن المغتصب والعودة لكامله من نهره إلى بحره، وهؤلاء أكانوا أوسلويين أقحاحًا، أو سواهم ممن هم على هوامشهم، أي من القائل بـ”المفاوضات حياة” إلى القائلين بـ”فلسطين من رفح حتى جنين”، هم عندي سواء… والمقاومون، مهما اختلفت اجتهاداتهم، أو اختلفت أو اتفقت مع بعضهم، أو مدى فعلهم المقاوم، وصولًا إلى من يرفع شعار المقاومة ويعجز عن ممارستها، لكنه لم يتنازل عن ثوابت ومبادئ ومنطلقات الثورة الفلسطينية المعاصرة، أو يقبل بتصفية قضيته، وهم عندي ليسوا بسواء.
لكنني، ومنذ البدء، أرى أن الوجه الآخر للوثة التسووية بنسختها الأوسلوية، التي لطَّخت نصوع صفحات النضال الوطني المخضب بزكي دماء قوافل الشهداء البررة قادةً ومناضلين، واستمرار هذه الكارثة الانهزامية وفرعنة أوسلوييها، هو إما أخطاء، وأحيانا خطايا، المقاومين الاستراتيجية، أو عجزهم عن القطيعة مع هذا الدُّمل الأوسلوي التفريطي الملحق لأفدح الضرر بالقضية الوطنية، والإحجام عن فقئه نضاليًّا، الأمر الذي يتكفًل به، وتلقائيًّا، أمر واحد، وهو تصحيح البوصلة بالثوابت والابتعاد عن الحسابات السلطوية والفئوية، أي وضع مؤشرها باتجاه واحد فحسب، هو المقاومة والتحرير والعودة ولكاملها… لكاملها، وقولوا عني حالما، لا بأس، فمن افتقد الحلم استحالت إمكانية حشره مع المناضلين.
عندما اختارت حماس، الرافعة لشعار المقاومة والممارسة لها، المشاركة في انتخابات “المجلس التشريعي”، كنت من بين أول المحذِّرين لها من هذه الخطيئة الاستراتيجية، التي جرتها للعب داخل الملعب الأوسلوي وتحت سقفه التسووي. لم يقنعني تبرير حماية الذات والمقاومة وسائر ما سيقت من تبريرات في حينه… أذكر أنه بعد تشكيل إسماعيل هنية لوزارة ما بعد الفوز في “التشريعي” أنه قام بجولة كانت إحدى محطاتها دمشق، وهناك كنت من بين من التقوه ضمن وفد من أعضاء الأمانة العامة لاتحاد الكتَّاب والصحفيين الفلسطينيين في فندق الشيراتون. سألته يومها، حبذا لو أخبرتنا كيف سيتسنى لكم حل مثل هذه المتحارجة المستحيلة، وهي الجمع بين المقاومة والسلطة؟! بلباقته المعهودة تهرَّب من الإجابة بالانسلال إلى موضوع آخر…لم يجبني.
ثم كان ما كان، أُقيل، واحتدم ما سمي بـ”الانقسام”، ومنذ أن كان، نظرت إليه كحالة موضوعية في غياب برنامج الحد الأدنى من الإجماع الوطني المقاوم، ومبكرًا، وتحديدًا 14/11/2008 كتبت في “الوطن” مقالًا أقتطف منه:
“لا جديد في حكومة الخلاف الفلسطيني الفلسطيني الراهن، باعتباره يظل أساسًا خلافًا قائمًا بين برنامجين ومشروعين ومسارين نقيضين، بيد أن منحاه قد اتخذ بعيد “الانتخابات التشريعية” لسلطة الحكم الذاتي الإداري المحدود، التي شاركت فيها حماس وفازت، مظهرًا سلطويًّا، أوصلت عقابيله الساحة الفلسطينية إلى ما هي عليه اليوم من حالة انقسامية تنذر بفادح الأخطار التصفوية الماثلة للجميع عيانًا، والتي غدت تتهدد قضية العرب المركزية في فلسطين بانعكاسات ذات صبغة مصيرية، ليس على وجود الشعب الفلسطيني بأسره، وإنما تتعدى ذلك إلى مستقبل أمة بكاملها”.
كان هذا المقتطف هو من ذاك المقال المعنون بـ”وعاء الزهار”، أما مرد اختياري لعنوانه فكان أنني شاهدت بالمصادفة في إحدى الفضائيات جزءًا من محاضرة رمضانية للدكتور محمود الزهار، القيادي المعروف والأكثر من نافذ في حركة حماس، وصف فيها “مجلس تشريعي” الحالة الأوسلوية بـ”الوعاء الذي من الممكن ملئه سمًّا أو عسلًا”. قلت في حينه ما قلته في المقال، ومن ضمنه أن أوسلو لا تنتج إلا قيحًا وصديدًا… وها نحن والدكتور الزهار، بعد كل هذه السنين التي تلت، نشهد أن أوعية هذه الحالة الكارثية ليس من الممكن ملؤها إلا سمًّا زعافًا وتعاونًا أمنيًّا مع الاحتلال.
الذي يعيدنا إلى “وعاء الزهار” هو ما سمعناه عن “فيدرالية أبو مرزوق”، أو اقتراح الدكتور موسى أبو مرزوق فدرلة “أوسلوستان” لحل “الانقسام” الفلسطيني، ذلك باقتسام السلطة فيها عبر تشكيل هذه الفيدرالية بن “قطري” الضفة السائرة إلى التهويد وسجن غزة الكبير المحاصر! وسواء أكان أبو مرزوق جادًّا في مقترحه، أم ساخرًا، وفق ما تردده أوساط حماس همهمةً لا تصريحًا رسميًّا، فهي في الحالة الأولى واحدة أين منها “وعاء الزهار، وفي الثانية بئس السخرية والأرض الفلسطينية تسرق والدم الفلسطيني يسيل والمسار التسووي بانتظار إبداعات ترامب التصفوية المتوعِّدة!
تلقفت رام الله مقترح أبو مرزوق واجدةً فيه ضالتها، بعد أن مل سامعوها حداءها حول إحجام إدارة أوباما الراحلة عن استخدام “الفيتو” في مجلس الأمن، الأمر الذي عزته لفتوحاتها الدولية الباهرة، وانشغلت وأشغلت الساحة به عن ما يُسرَّب حول خيارات ترامب لدعم الكيان الصهيوني ومعاقبة الأمم المتحدة… نقل السفارة الأميركية للقدس، إعلان انتهاء صلاحية اتفاقية أوسلو، إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وعقوبات ضدها من الكونجرس كمنظمة إرهابية الخ… وماذا عن الفصائل؟!
المضحك المبكي أن أغلبها قد رفع عقيرته شاجبًا مقترحًا عجائبيًّا لفدرلة المحتل والمحاصر، لكنها برمتها لم ولن تحرِّك ساكنًا ذا بال للخلاص من التركة الأوسلوستانية بمقاطعة “المقاطعة” وتصعيد المقاومة، وأقله تبني انتفاضة الفدائيين، وكيف لها ذلك، وأغلبها لا كلها يعتاش على نصيبه الذي يقرره أبومازن من فيء ما يجود أو يتصدق به المانحون؟؟!!
…لطالما قلنا إن كل الأشكال النضالية التي جرَّبها شعبنا منذ أن بدأ الصراع وحتى الآن قد فشلت أو هرمت أو استهلكت ولا بد من ابتكاره لأشكال نضالية جديدة… وهو القادر الذي لطالما فاجأ الجميع بابتكاراته وإبداعاته النضالية المتجددة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 37 / 2329361

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

36 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 36

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28