] كذبت “الشرعية الدولية” ولو صدقت - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 24 كانون الأول (ديسمبر) 2016

كذبت “الشرعية الدولية” ولو صدقت

إبراهيم علوش
السبت 24 كانون الأول (ديسمبر) 2016

- إبراهيم علوش

دعونا لا نعوم على شبر ماء، فقرار مجلس الأمن الدولي البارحة الذي يدين الاستيطان في الضفة والقدس هو قرار شكلي لن يقدم أو يؤخر، تماماً مثل قرار محكمة العدل الدولية عام 2004 الذي اعتبر بناء جدار عازل في الضفة الغربية غير مشروع من وجهة نظر القانون الدولي، من دون أن يؤثر على مساره قيد أنملة.
ما حدث من تصويت مجلس الأمن ضد الاستيطان الصهيوني في الضفة والقدس البارحة نتج عن ثغرة زمنية صغيرة سببها امتناع إدارة أوباما عن نقض القرار في أيامها الأخيرة، قبل استلام إدارة دونالد ترامب لمواقعها رسمياً، وقد أرسل ترامب مؤشراً واضحاً حول توجهاته في الموقف من الكيان الصهيوني بتعيين سفير جديد للكيان هو ديفيد فريدمان اشتهر بمواقفه المؤيدة للاستيطان في الضفة وضم أجزاء منها أو كلها للكيان رسمياً ونقل السفارة الأمريكية للقدس.
فكما استمر بناء جدار الضم والتوسع على الأرض بالرغم من قرار محكمة العدل الدولية، كذلك سيستمر الضم والتوسع في الضفة والقدس بالرغم من قرار مجلس الأمن، برعاية إدارة دونالد ترامب الجديدة، وهو ما وضع كل مشاريع “الحلول” و“المفاوضات” و“المبادرات” في مأزق شديد. ولعل عرقلة “مبادرة السلام” الفرنسية، وتخلي الفرنسيين عنها فعلياً، من أبرز إرهاصات التحولات على الساحة الدولية لمصلحة حكومة اليمين المتطرف في الكيان بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة...
ما حدث هو أيضاً عملية تصفية حساب ما بين أوباما ونتنياهو أولاً بسبب تدخلات نتنياهو الفظة في الشأن الداخلي الأمريكي، وثانياً بسبب شعور كثيرين في النخب الحاكمة الأمريكية والأوروبية أن إصرار اليمين الصهيوني المتطرف على قطعة أرض هنا ومبنى هناك، وعلى اتخاذ قرارات عنصرية سافرة في الكيان الصهيوني، ورفض تقديم أي تنازل لتزييت عجلات “مفاوضات السلام”، عطل الكثير من خطوات ومشاريع الإمبريالية في الوطن العربي خصوصاً، والعالم الإسلامي عموماً، في سياق “الربيع” المزعوم بالذات.
وعلى الرغم من النوايا الحسنة للكثير من الدول التي حملت المشروع سياسياً، بضوء أخضر أوروبي ومن إدارة أوباما، بعد تراجع مصر عنه، فإننا لا يجوز أن ننسى أن القرار، مثل قرارات “الشرعية الدولية” الأخرى، يكرس مشروعية الكيان الصهيوني و“حدوده الآمنة” إلخ... والأهم أنه يديم وهم فائدة “العمل الدبلوماسي”، والعمل من خلال أطر “الشرعية الدولية”، في اللحظة التي انكشف فيها مثل ذلك الوهم أكثر من أي وقت مضى مع مجيء دونالد ترامب للحكم، وهو ما يعزز نزعات “الاعتدال” في السياسة العربية على حساب نزعات المقاومة وخطاب التحرير الكامل.
يسجل لمصر طبعاً أنها حركت الموضوع في الأمم المتحدة، حتى لو عادت وسحبت مشروع قرارها بضغط من دونالد ترامب، وأهمية ذلك، مع كل الاحترام والتقدير لجهود مصر، لا تنبع من فائدة “العمل الدبلوماسي” عبر أطر مجلس الأمن أو الأمم المتحدة عامة، بل من كونه يمثل تحولاً في البوصلة باتجاه التركيز على ملف القضية الفلسطينية، في تصادم مع إدارة نتنياهو في الكيان، وهو ما يؤشر على تحول مصري أوسع باتجاه القضايا العربية عموماً، منها سورية، قد يكون فاتحة عودتها الكبيرة لدورها العربي المنشود.
بالنسبة لنا، نؤكد على مرجعية الميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل، أي على عروبة كل أرض فلسطين من النهر إلى البحر، وعلى مشروع التحرير عبر الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية، وعلى أن اليهود الذين أتوا إلى فلسطين بعد بدء المشروع الصهيوني لا يعتبرون فلسطينيين. وكل “شكل نضالي” يتجاوز هذه الثوابت الفلسطينية الثلاث يعتبر اختراقاً في غلاف “النضال”.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2323729

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 12

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28