] الاستيطان.. وعسل نتنياهو ـ ترامب - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 24 كانون الأول (ديسمبر) 2016

الاستيطان.. وعسل نتنياهو ـ ترامب

علي عقلة عرسان
السبت 24 كانون الأول (ديسمبر) 2016

- علي عقلة عرسان

في فجر يوم الخميس الـ٢٢ من ديسمبر ٢٠١٦، وقبل خمس ساعات فقط، من موعد التصويت على مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي، قدمته مصر، العضو العربي الوحيد في المجلس، طلبت تأجيل التصويت عليه، من دون تحديد موعد آخر. والمشروع الذي صيغ بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، “يؤكد على عدم مشروعية المستوطنات المقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، ويطالب بالوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وباحترام “إسرائيل” لجميع التزاماتها القانونية”.
كان القرار سيحظى بالموافقة، من دون استخدام الإدارة الأميركية، الحامية لكيان الإرهاب العنصري في فلسطين، حق النقض “الفيتو”، فإدارة أوباما كانت بصدد عدم التصويت عليه. لكن اتصالًا بين “إسرائيل ومصر، كما قالت رويترز، ومطالبة ترامب لإدارة أوباما باستخدام حق النقض، واتفاقًا بينه وبين الرئيس السيسي، تضمنه بيان صدر عن مكتب الرئيس في القاهرة جاء فيه: “إن ترامب والسيسي اتفقا على منح الفرصة للإدارة الأميركية الجديدة، للتعامل مع القضية الفلسطينية”.. عطل هذا المسار، ونجحت “إسرائيل” في منع التصويت على المشروع، الذي وصفه مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، داني دانون، بأنه “يمثل ذروة النفاق، ويعد مكافأة لسياسة التحريض والإرهاب التي ينتهجها الفلسطينيون”؟! وقال وفدُها في نيوورك: “نواصل جهودنا الدبلوماسية على جميع الجبهات، لضمان عدم تمرير هذا المشروع المخزي في مجلس الأمن”؟!
هذه إحدى ذرى الوقاحة “الإسرائيلية المنقطعة النظير، وذروة من ذرى خداعها للعرب، وتوافقها مع بعضهم، على ما يؤدي في نهاية المطاف، إلى كسبها وخسارتهم، وذروة أيضًا من ذرى الحماية الأميركية لكيان الإرهاب الصهيوني، وممارساته، وافتراءاته، ودعمه في الحرب والسلم، في الاحتلال والاستيطان، في القتل، والتعذيب، وتنفيذ مسلسل الإبادة المستمرة للشعب الفلسطيني، وتشويه نضاله وقضيته. وإدارة ترامب القادمة التي “نعطيها فرصة؟!”، أكثر انحيازًا “لإسرائيل”، وأشد عنصرية، وعدوانية، على الفلسطينيين، والعرب، والمسلمين، من إدارات أميركية سابقة، كما يظهر من تصريحات، وتوجهات، وسياسات ترامب، الذي قال بوضوح، في هذا الشأن الأخير، وبصدد التصويت عليه في مجلس الأمن الدولي: إن مشروع القرار “يضع إسرائيل في موقف تفاوضي ضعيف للغاية، وهو غير عادل بالمرة، وينطوي على ظلم شديد لجميع الإسرائيليين”، وفي بيان له قال: “السلام بين إسرائيل والفلسطينيين سيتحقق فقط عبر المفاوضات المباشرة بين الطرفين، وليس عن طريق فرض شروط من جانب الأمم المتحدة”. ومن المعروف عنه أنه يدعم بناء المستوطنات في كل فلسطين، ويرفض الضغط على “إسرائيل” للدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين. فما الذي يمكن أن يُتَظَرَ منه بعد هذا الوضوح التام، في المواقف، والأفكار، والتوجهات، والممارسات؟! وهل ستنطوي “الفرصة” على جديد، فيما كل المحتوى والتكوين للشخص ولإدارته القادمة، ينطوي على منتهى العداء، والانحياز، والإفلاس الأخلاقي.. وعلى مشاريع تدميرية أشد، تشمل المنطقة، وليس الفلسطينيين وقضيتهم فقط. وهل نتوقع أي نجاح، لأية مفاوضات “إسرائيلية ـ فلسطينية” مع كل ذلك التاريخ من الإخفاق، والافتراء في تحميل المسؤولية عنه للفلسطينيين، الذين يطلب منهم التنازل عن كل وطنهم التاريخي فلسطين، وعن حقهم في الوجود، أي وجود، ليرضى المحتل العنصري الصهيوني، ويطمئن على سرقته لوطن، وإبادته لشعب، وتخريبه لأمة وعقيدة؟! من المؤسف جدًّا أننا نبدأ التاريخ من صفحة بيضاء، مع كل رئيس أميركي، وحكومة “إسرائيلية”، وننسى ما نحن فيه بسببهم، وجراحنا التي ما زالت تنزف؟! يقول “العبقري” ترامب إن القرار، سيجعل “إسرائيل تدخل المفاوضات ضعيفة؟! وأن القرار ينطوي على ظلم شديد للإسرائيليين جميعًا”.. بالله هل هناك أجهل، وأبأس، وأظلم، وأكثر بعدًا عن أعدل قضية، لأكثر الشعوب مظلومية منذ قرن من الزمان، تعرض فيها للمجازر، والتشريد، والتعذيب، والحصار، والقتل، والإبادة، طوال هذه السنين، وفي كل وقت من أوقات الليل والنهار؟!هل هذا العقل، المشكوك بسلامته أصلًا، يمكن أن يجعل الولايات المتحدة الأميركية، أقل عنصرية، وأكثر إنصافًا وفهمًا لقضايا الشعوب؟!
المدرسة العنصرية واحدة، والنهج العدواني هو هو، والغطرسة إلى ازدياد، وأمواج الرعب، وأشكال العدوان، والنهب، والظلم، ستستمر.. والأميركي من هذا النوع لن يكون أكثر من وحش عديم الأخلاق، بملابس عصرية، ومضامين نفسية وأخلاقية وعقلية متعفنة.. وهو تلميذ أساتذته الصهاينة، في العدوان، والعنصرية، والكذب الصُّراح.
وإليكم شذرات من أحكام، وآراء، وتوجهات، تنُمُّ عن بعض مكونات، وتوجهات، وسياسات، واستراتيجيات، ومفاهيم تلك الكائنات.
١ -تسويغًا لمخطط تقسيم الوطن العربي وبلدان العالم الإسلامي، وإعادة استعماره، قال الصهيوني ـ البريطاني ـ الأميركي، برنارد لويس: “إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مـُفسدون، فوضويون، لا يمكن تحضيرهم. وإذا تـُركوا لأنفسهم، فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية، تدمر الحضارات، وتقوض المجتمعات.. ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم، هو إعادة احتلالهم واستعمارهم.. ولذلك فإنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية.. ولا داعي لمـراعاة خواطرهم، أو التأثر بانفعالاتهم وردود أفعالهم. ويجب أن يكون شعار أميركا في ذلك: “إمّا أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا”.. ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المـُعلنة”، هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية”؟! وقد رأينا ديمقراطية بوش في العراق، وفي أفغانستان.. ورأينا الكثير من الطرق والمسالك إليها في “الفوضى الخلاقة”، وسياسات كونداليزا رايس وشمعون بيريس من أجل “الشرق الأوسط الجديد، ومن ثمَّ الكبير؟! ورأيناها في “الربيع العربي” الذي ما زال يَشْقَعُ دمًا، ويزهر خرابا، من دون ديمقراطية بأي شكل ومستوى، ومن دون إنسانية بأي معنى من المعاني، أو قيمة من القيم.. حيث يقف أولئك، ومن يوالونهم، ومن يأتمرون بأوامرهم، ومن يوظفونهم من العملاء والأدوات.. خلف إرهاب، وتوحش، وأفعال لا تنتج إلا الدمار، والخراب والوحشية والفتنة، ويدفعون الكل إلى قتل الكل، ويحولون دون الوصول إلى إعمال العقل، وإشاعة السلم، وإقامة العدل.. ويشجعون الظلم والاستبداد والفساد والإفساد، ليتم لهم تنفيذ كل مُراد.
٢ -في مقال له بمجلة “فورين بوليسي” أعاد “زبينجيو برجينسكي”، مستشار الأمن الأميركي الأسبق، وصاحب كتاب “رقعة الشطرنج الكبرى”، ما قاله بالحرف، قبل أربعة عقود، في كتابه بين جيلين: “كنت أول من دعا إلى تفكيك النظام الإقليمي العربي وطمس عروبته، وإعادة تشكيله على أسس عرقية وطائفية. إن مبدأ (الدولة ـ الأمة) في شرق أوسط يتكون من جماعات عرقية ودينية مختلفة، كان خاطئًا، ولا بدَّ أن يتحول إلى كانتونات طائفية، يجمعها إطار إقليمي (كونفدرالي). لأن هذا الوضع يسمح للكانتون الإسرائيلي، أن يعيش بسلام في المنطقة بعد أن تُصفَّى “الفكرة القومية”، والدول القائمة عليها”.. ويبدو المشروع قد راق للعرب فأبوا إلا أن يتم التنفيذ حصرا بالأموال والأيدي العربية، وبسيول دم العرب والمسلمين، مع الإصرار على عدم الفهم والاتعاض، وعلى إعادة النظر بـ”إسرائيل”، ليروها “منقذًا؟!”، وبالولايات المتحدة الأميركية، بوصفها “دولة عادلة، وصديقة له. تكتفي بتدمير بلدان وشعوب، ولا تكترث بمقتل ملايين البشر، وتدمير أعرق المدن، وتشويه أعظم الرسالات، والقضاء على الحضارات”؟!
٣ -قالت هيلاري كلينتون ـ “نقيض ترامب؟!” ـ عندما كانت وزيرة للخارجية الأميركية: “إنه يجب تدمير سوريا، من أجل ضمان أمن إسرائيل”/ عن موقع ويكيلكس.
٤ -قال صحفي صهيوني، يدعى بن كسبيت، من جريدة معاريف، بتاريخ 22/7/2007، وهو يكرر عمليًّا، فكرًا صهيونيًّا ـ يهوديًّا، عنصريًّا متوارَثًا: “هذا هو وقت أن نسكب القليل من الماء البارد، على صراصير “محور الشر”، الذين أغرقوا الشرق الأوسط”. وليس هذا “البن كسبيت” هو من سبق إلى هذا التوصيف، وإلى هذا الاستخدام المنحط للكلمات والصفات، فقبله قال أحد قادة الجيش الصهيوني اللاأخلاقي، المحتل، شبَّه العرب بصراصير في زجاجة ينبغي أن تصب عليهم المبيدات”؟! نعم هكذا يفكر ويعبر المجرمون الصهاينة، الذين ولغوا في الدم الفلسطيني والعربي، واغتصبوا الوطن التاريخي للشعب الفلسطيني.
هكذا يفكر، ويعبر، ويروِّج العنصريون الصهاينة الأشرار، وهكذا يتلقن منهم ويردد خلفهم، حلفاؤهم الغربيون الذين يحمونهم، ويشجعونهم، ويباركون إجرامهم، ويعادوننا ويقتلوننا من أجلهم؟!.. وهكذا فكر وخطط برنارد لويس، وحلل وفسر ووجه برجينسكي، وهكذا ساسَ، ونفَّذ، ودبر، وقدر: بوش، وبلير، ورايس، وهيلاري، ونتنياهو، وغيرهم وغيرهم وغيرهم.. وهكذا ردّد إعلامهم، وأتباع إعلامهم، من خلال أمثال بن كسبيت، وبهذا سَمّوا بلداننًا، وحكموا على فصائل مقاوَمة نذرَت نفسها للدفاع عن نفسها، وشعبها، وأرضها.. وتعلَّقت بالحرية والتحرير والاستقلال، وحقوق المواطنين في أوطاننا، وهكذا وقفوا من رؤساء دول حاولوا الإخلاص لقضايا أمتهمن، ومن شعوب وحركات تحرر عربية وإسلامية، فهمت اللعبة، ولجأت إلى ما رأت أن فيه تخلصًا وخلاصًا.
إن التفكير والتدبير القهريان هما العار الذي يجب أن تقف بوجههما البشرية، ويفضحه العقل النظيف، والمنطق السليم، والخُلُق القويم. إن العنصرية، والغطرسة، والاستفزاز، والأحكام المسبقة التي تغص بالجهل والكراهية، والادعاءات أو الممارسات المغلوطة، هي التي تلفّ أولئك، وتؤسس لتفكيرهم، وأحكامهم، وتدبيرهم.. وذاك هو للأسف الشديد، سلبي راسخ في أنفس وعقول، يتجلى في سياسات وممارسات.. وهو، بهذه الصِّفات والأهداف والتوجهات، لا يمت إلى السلامة العقلية والصحة النفسية، ولا إلى الفضائل الأخلاقية بصلة.. إنه العنصرية الخالصة، البغيضة بكل المعاني، وهذا هو تفكير الصهاينة العنصريين ونهجهم، ونهج من يواليهم ويناصرهم، ومن يخوض معركتهم من الأوروبيين والأميركي، والعملاء والأدوات والتابعين.
وأرى أنه يتوجب على من يتكلمون عن حقوق الإنسان، ويدافعون عنها، ويقفون مع الصهاينة من دون تدقيق، ويناصرونهم من دون تحفظ.. أن يتوقفوا عند هذه الوقائع والأفكار والأقوال، وأن يبحثوا في تكوين النفسي والاجتماعي والأخلاقي.. لمن يدافعون عنهم، وعن مواقفهم من الدول والشعوب، من المقاوَمة وحركات التحرر والمدافعين عن الحرية ضد الاحتلال والشر، وممن يشوهون الحقائق، والمواقف، والعقائد، والقيم، والمفاهيم.
يخطئ، ثم يخطئ، ثم يخطئ.. من يرى في معظم اليهود، ولا سيما الصهاينة منهم، الذين يحتلون بلادنا، وفي مناصريهم.. أصحاء بالمعنى الشامل للكلمة.. وعليهم أن يقاربوا الوقائع والحوادث بمنهجية، ومسؤولية علمية، وأخلاقية، وإنسانية.. ليقفوا على الحقائق، وليقيموا قوام العدل، على حقائق، ومبادئ، وأسس متينة ثابتة.. أعتقد أنهم حين يفعلون ذلك، سوف يتيقنون من أن مصدر الخلل، والعدوان، وما يزعزع الأمن والسلم، وما يتسبب في الكثير من المآسي، والكوارث، والمعاناة البشرية.. هو هناك، في العنصرية، والصهيونية، والجهل بالآخرين، والاستهانة بحقوقهم، وبحياتهم، وبالحياة والحضارة الإنسانية ذاتها.. إنه في الإرهاب، وفي من يستثمر فيه، ويوظفه لأغراضه، ولزعزعة استقرار الدول، وأمن الشعوب، ولتسويغ العدوان، والتغطية على من يمارسه، ويحرض على ممارسته، ويسوِّغُ فعلَه.. وفي التطرف والغلو، وفي الأحكام المسبقة على الآخرين، وفي سياسات النهب والقهر والظلم والاستبداد والفساد والإفساد، وفي دعم المستبدين، وقتل الأبرياء، وفي إفقار الفقراء ليزدادوا عددًا وعنفًا، وليزداد الأغنياء غنى وقوة.
إن عالمنا موبوء بهذه الأدواء، وبمن يشيع هذه الأوضاع، ويستثمر فيها، ويتخذها مدخلًا لتنفيذ سياسات عدوانية استعمارية لا أخلاقية، في تحقيق أهداف خاصة، على حساب حياة أبرياء، وحقوق بلدان وشعوب،
إننا مطالبون باليقظة.. أو بالوعي، أو بالكف عن أن نكون إمَّعات، وموالين لأعدائنا، ومحتلين أوطاننا، ومن يذبحوننا بأيدينا، ومن ثم يطالبون بأجرهم على ذلك منا.
لقد سُحب مشروع القرار المتعلق بالاستيطان، وربما لن تكون هناك إعادة لطرحه، حتى بعد تفريغه من محتواه، بصياغة جديدة. وقد لا تنجح الدول الأربع: نيوزيلندا، وفنزويلا، وماليزيا، والسنغال.. التي وعدت بإعادة طرحه للتصويت، وأعلَمت مصر بذلك.. قد لا تنجح بالقيام بذلك، لأن الضغط عليها سيكون أكبر، ومن مصادر وجهات ذات صلة وتأثير.
ونسأل الله الفرج، لأن الكرب الفلسطيني، يشتد، ويصعد من درج إلى درج، أمَّا عرب اليوم فيئنون من آلام جراحهم، ويحلمون بالعسل.. وأي عسل؟!.. عسل نتنياهو ـ ترامب، وشركاؤهما ليمتد..
والعياذ بالله.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 32 / 2323068

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 14

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28