] ما أبعد رام الله عن فلسطين…والفلسطينيون عن فصائلهم! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 17 كانون الأول (ديسمبر) 2016

ما أبعد رام الله عن فلسطين…والفلسطينيون عن فصائلهم!

عبداللطيف مهنا
السبت 17 كانون الأول (ديسمبر) 2016

زائدة عندي وليست بذي فائدة العودة لحدث مر وانقضى، وكنت قد عالجته، بل وحوله قد أدليت بدلوي مرتين. مرتان كانتا من قبل وقوعه ومن بعده، لا سيما وأن رؤيتي له كانت فيما قبله لم تك المختلفة في جوهرها عما كانته فيما بعده، إن توصيفًا أو توقُّعًا وحصيلةً، خصوصًا وأن مقدماته، كما قلت حينها، كانت تشي سلفًا بما خلص إليه، وأضيف الآن، وحيث قحطه خير من ينبئ بحصاد بيدره اللامسفر عن غير زوانه.
…ذلكم كان المؤتمر السابع لحركة “فتح” الأوسلوية، أو “فتح” سلطة الحكم الذاتي الإداري المحدود تحت الاحتلال، وخلاصة ما كتبته في ذاك الماقبل والمابعد، هو أن هذا المؤتمر قد أسقط فتحه بالضربة القاضية، حين أجهزت “فتح” الموظفين على “فتح” المناضلين السابقين المتقاعدين، تماما كما فعلت هذه الأخيرة قبلها بفتح البدايات، والكلمة الأولى، والمسيرة النضالية التي خطتها بدم شهدائها الأبرار…لم يتبق الآن بعد هذا المؤتمر إلا “فتح” المازنية والمازنية فقط لا غير.
لكن الذي دفعني للعودة لما لم يك يدر بخلدي العودة له، هما خبران على ذمة رام الله: واحدهما مفزع والآخر مؤسف، وكلاهما لا يمكن فصمه عن تداعيات هذا المؤتمر، أو هما من شائناته التي سوف تلازم جرائرها الساحة الفلسطينية إلى أن تجد لها مخرجًا من المستنقع الأوسلوي الآسن وخلاصًا من أوسلوييه وهوامشهم.
الخبر الأول، هو ما خصتنا به نسخة “فتح” الأخيرة بإعلان إزماعها عقد المجلس الوطني الفلسطيني، البائد بالنسبة لذاكرة كثرة من الفلسطينيين، وخلال الأشهر الثلاثة القادمة، الأمر الذي من شأنه أن يدفعنا تلقائيًّا لاستحضار التالي لا غيره، وهو:
إن هذه النسخة الأوسلوية…والتي كنا قد قلنا في المرات السابقة التي أشرنا إليها، أن لا من علاقة لها من قريب أو بعيد بفتح الأولى وهي معها على طلاق بائن، والتي، وفي الدقائق الأولى التي أّذَّنت بافتتاح مؤتمرها، كان أول ما فعلته هو أنها أعادت تصفيقًا إنتاج النسخة التليدة من أبي مازنها وتوَّجتها ملهمًا وقائدًا أوحدًا لا من شريك له في قرارها، واختتمته بتكريس نهجه التصفوي إياه حرفيًّا، مع التأكيد بأنها لن تراجعه ولن تحيد عن مساره الكارثي…سوف تكرر إسقاطها لفعلتها الداخلية هذه على منظمة التحرير عبر المجلس الوطني بأن تنتزع من بقاياه، وتصفيقًا أيضا، مبايعته لأبي مازن على كل ما بايعت “فتح” أبي مازن أبا مازن عليه.
الأمر سهل هنا وليس هناك ما يحول دونه، فالمجلس الأثري العتيق، مجلس المنظمة، التي رُكنت جانبًا بعيد العبث بميثاقها واحتُفظ بجدثها لمهمة التوقيع على التنازلات في بازارات تصفية القضية، هو مجلس قد أتى عليه الهرم وتآكل بفعل صدأ الزمن. حتى الآن فارقه من أعضائه الذين انتقلوا إلى جوار بارئهم ما زاد عن الستين عضوًا، ومن بقوا أحياءً أعمارهم هي ما بين السبعين والثمانين وما فوق، وكثرة منهم على شفا حفرة من الزهايمر إن لم يك قد باتوا فيها. أضف إليه، أنهم مشتتون في مشارق الكون ومغاربه، ومنهم من لن يقبل بأن يحضر مؤتمرًا تحت حراب الاحتلال، ومنهم من لن يسمح له الاحتلال بدخول الوطن المحتل، ما يعني أن انعقاده سيكون بمن حضر وتتوفر ليديه قدرة على التصفيق، وعليه ما كان من مؤتمر “فتح” الموظفين” سيكون مثله من بقايا المجلس الوطني، هذا الذي صوَّت ذات يوم بين يدي كلينتون في غزة فألغى غُرة بنود الميثاق الوطني محوِّلًا المنظمة من التحرير إلى البصم والتمرير.
والخبر الثاني، والذي كنا قد قلنا أيضًا إنه سوف يستعاد للتداول الاستهلاكي، هو حديث التكاذب التصالحي لطرفي “الانقسام” وحداء “الوحدة الوطنية”، واللذين لطالما جزمنا باستحالتهما بين خطين نقيضين، واحدهما المفاوضات عنده حياة والأخر يقول إن المقاومة هي خياره، اللهم إلا بالتحاق احدهما ببرنامج الآخر. مؤتمر “فتح” أبي مازن يردفه اجتماع المجلس الوطني المزمع حسما المسألة، إذا كان ثمة من ملتحق فلن يكن سوى الثاني، وعلى أساس برنامج الرباعية الدولية، وليس على قاعدة برنامج الإجماع الوطني المقاوم المفترض.
ضاقت دنيا العرب بعد خلاف أبي مازن مع “الرباعية العربية” لدواعٍ دحلانية صرفة، فلم يجدوا مكانًا للتكاذب التصالحي فيمموا وجوههم صوب جنيف، كمحطة قادمة في مسلسل مكرور وعقيم تنقلت حلقاته ما بين مكة المكرمة وصنعاء والقاهرة والدوحة ولن تكون الأخيرة…بغض النظر عن المآل، لعلها خطوة تتواءم مع هوى الدولة المستحكم بأفئدة الأوسلويين، كما لم تك سويسرا لترعاها بعيدا عما تضمره لنفسها من دور تصفوي!
وهذا سهل بدوره، لأن أغلب الفصائل المقاومة وجل المعارضة قد شاركت في مؤتمر التصفيق والتتويج وأدمنت حداء “الوحدة الوطنية” الافتراضية، ولأنها في أغلبها قد عقُمت وشاب كثير من قياداتها ما شاب أعضاء المجلس الوطني، وغدت لعجز وقلة حيلة نضالية الرديف الموضوعي لفرعنة أبي مازن فتحًا ومنظمةً، وكل ما من شأنه منحه امتياز مزاولة حديث المصالحة الوطنية المستحيلة مع ممارسة التنسيق الأمني المقدَّس مع العدو، والكلام عن “الوحدة الوطنية” بلا برنامج وطني مقاوم والمضي في استجداء الحلول التصفوية للقضية.
…ما أبعد رام الله عن فلسطين…وما أبعد شعب الانتفاضات المتلاحقة والمقاومة الدائمة عن رام الله…والفصائل أيضًا...


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2327370

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 15

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28