] موقع «إسرائيل» في الذاكرة العربية - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 26 أيار (مايو) 2018

موقع «إسرائيل» في الذاكرة العربية

نسيم الخوري
السبت 26 أيار (مايو) 2018

هل نتذكّر كيف سبقت مصر دول المشرق كلّه للاعتراف بالصين (1956)، عندما كانت واشنطن وموسكو على وشك التوقيع على معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، وحظر المعرفة النووية على الدول الأخرى؟ كانت الصين معزولة آنذاك وخارج الأمم المتحدة ومستعجلة لامتلاك السرّ النووي، وكان عبد الناصر يقرع بابها للوصول إلى تلك المعرفة خارج دائرتي يقظة أمريكا وروسيا الدائمة وحظرهما.
من يتذكر سرقة 3 مدمّرات كانت فرنسا قد صنّعتها ل«إسرائيل»، ولما حذر الرئيس الفرنسي شارل ديغول من إرسال الأسلحة إلى «إسرائيل» لمباشرتها حرب 1967، خرجت المدمّرات خلسة من ميناء «شيربورج» الفرنسي نحو الأطلسي فالبحر المتوسط، لترسو في شاطئ حيفا؟
من يتذكّر رسالة تهديد جون كينيدي لجمال عبد الناصر قبل حرب 1967 لامتلاك مصر صواريخ بعيدة المدى، وضرورة وقفها فوراً، ثمّ تفتيش مواقعها وكذلك المفاعل النووي في أنشاص؟ لمّا رفض عبد الناصر طالباً بمعاملة «إسرائيل» بالمثل، مشيراً إلى حظوتها بما هو أخطر؛ أي مفاعل «ديمونا»، أسرعت واشنطن بتزويد «إسرائيل» بصواريخ هوك ومئة طائرة من طراز «سكاي هوك»، مع أنّها لم تكن تسلّح حتى ذلك الوقت «إسرائيل» مباشرة؟
من يتذكّر فضيحة سرقة أسرار «ميراج»؛ الطائرة الفرنسية التي صنّعتها «إسرائيل» بالتعاون مع شركة «جنرال إليكتريك» لأمريكية وأسمتها «كفير» التي تعني «الشبل»؛ أي صغير الأسد، وكانت أول طلعة تدشين لها في 1969 لتستخدمها في حرب أكتوبر مع العرب 1973، ثمّ أدخلتها في الخدمة العسكرية الفعلية حتى 1996؟.
ألم تنكشف السرقة آنذاك في سويسرا وحوكم فيها مسؤولون، وفرنسا لم تقل كلمة رسمية حول الحادثة؟.
من يتذكّر السفينة المحملة بالوقود المستخدمة في صناعة القنابل الذرّية المحمولة لحساب الأطلسي، كيف ضاعت في البحار من باخرةٍ لأخرى، لتصل «إسرائيل» في 1978، في باخرة أوروبية كانت خرجت فارغة من ميناء أمريكي إلى أوروبا. تكتم الحلف الأطلسي سنوات خمساً قبل أن تتسرّب أخطر سرقة في القرن العشرين إلى وسائل الإعلام، بهدف استراتيجي هو تعزيز القوة والنفوذ الدولي ل«إسرائيل»؟
من يتذكّر حادث نسف المفاعلين النوويين في 1979، اللذين تم بناؤهما لحساب بغداد من قبل فرنسا، التي وضعت الشروط الكفيلة بعدم استخدامهما في صنع قنبلة ذرّية أو في مهمات عسكريّة؟ نسفتهما «إسرائيل» بالرغم من احتياطات الأمن العالية.
وكانت فرنسا قد وقّعت عقدين لمفاعلين آخرين؛ واحد مع كوريا الجنوبية وآخر مع باكستان ألغتهما أمريكا بالضغط على سيؤول وباريس. وللتذكير، ضغطت أمريكا على ألمانيا الغربية لوقف عقد مشابه مع البرازيل.
لا يتّسع المقام لأحداث مماثلة معاصرة.
إذن، لماذا التذكير بهذه العينات؟
1- للتفكير بمستقبل العرب وخروجهم من الكوارث في زمن شرّعت فيه واشنطن أبوابها للفلبين و«إسرائيل»، وتجهد فيه فرنسا مع ألمانيا لبعث العظمة الأوروبية ونفض وصمة الشيخوخة الأمريكية عنها، وللتذكير ب«إسرائيل» شبه المنسيّة في الذاكرة العربيّة، وكي لا ينصاع العرب مهما تلوّنت أزمانهم وتنابذت وتقاتلت واحمرّت أو غفلت إلى الاعتراف ب«إسرائيل» بعد إعلان القدس عاصمتها، ونقل ترامب سفارة بلده شهادة قوية تجعل النظر أو المراهنة على الدول الأخرى، نوعاً من الإفراط في الضياع وتفشي الغموض والتراجع في شتى الميادين حتى بالرأي المسموع في القضايا النووية الغامضة والحارّة اليوم، في كوريا الشمالية أوإيران.
2- للتفكير بأنّ كوريا الشمالية وأفغانستان يشكّلان المعبر الأمريكي نحو ملعب روسيا والصين. هناك نقاط صراع دولية تبدو قابلة للاشتعال القوي برغبة ترامب وشهيته المتعثّرة للعظمة، ولو كانت محفوفة بالأزمات الداخلية.
تكدّس الغموض الأمريكي بالتردد بين الحلول الدبلوماسية والعسكرية ممكن، لكن ترامب جدّد البيت الأبيض بعدما سحب واشنطن من اتفاقية المناخ الدولية في باريس، وفرض عقوبات اقتصادية على روسيا وإيران.
وللتفكير أخيراً بالدول الكبرى لا تظهر عظمتها إلاّ من خارج حدودها مقابل دول العالم، التي لا تتلمّس استقلاليتها نسبياً، إلاّ بالانتماء إلى الداخل بعيداً من سياسات الانغلاق والاستعداء والاستجداء والاستقواء أو الاستتباع أو التحدّي المتهور، الذي يقود إلى المقاصل.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 51 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

50 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 51

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010