] العملية الثلاثية بالعين “الإسرائيلية” - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 4 أيار (مايو) 2018

العملية الثلاثية بالعين “الإسرائيلية”

علي بدوان
الجمعة 4 أيار (مايو) 2018

اعتبر البعض من المسؤولين والمحللين السياسيين والعسكريين في “إسرائيل”، أن الضربة العسكرية التي نفذتها كل من أميركا وبريطانيا وفرنسا ضد سوريا مؤخرا، شكّلت خيبة أمل بالنسبة لــ”إسرائيل”، رغم ترحيب الحكومة “الإسرائيلية” بها. وذكرت صحيفة معاريف العبرية، عن نائب رئيس “جهاز الأمن الخارجي الإسرائيلي” (الموساد)، وقائد المنطقة الشمالية، في “الجيش الإسرائيلي” سابقا الجنرال عميرام ليفين قوله “إنَّ الهجوم “خدم بالدرجة الاولى سوريا والروس والإيرانيين”. وأضاف قائلا “على العكس فإنها أضرّت بإسرائيل، وكان سيكون من الأفضل لو أنها لم تتم من الأساس على أن تكون وقعت بهذه الصورة الضعيفة”.
فكيف نقرأ ما حدث بالعين “الإسرائيلية”، خاصة وأنَّ السؤال المطروح “إسرائيليا” من قبل النخب والأنتلجنسيا، هو: هل ستقود الأعمال المتواصلة ضد سوريا إلى حرب شاملة..؟.
إنَّ كل المؤشرات التي رافقت العلية العسكرية الثلاثية على سوريا، ومن لحظاتها الأولى، تذهب، بل وتؤكّد أنَّ دولة الاحتلال “الإسرائيلي” كانت على دراية ومعرفة تامة بالعملية العسكرية قبل وقوعها، وقد رحبت دولة الاحتلال بتلك العملية، بل هي شريكة عمليا بها، حين كشف مراسل موقع “دفار ريشون” أوريل ليفي “أنَّ إسرائيل شاركت في هجوم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على سوريا كمزودة أساسي للمعطيات والمعلومات”. ونُقِلَ عن مصادر “إسرائيلية” قولها “إنَّ لجنة أميركية إسرائيلية حَددّت الأهداف في دمشق وغيرها”، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب “تهرّب من القضايا الداخلية بالتصعيد ضد سوريا”.
وقد اعتبر العديد من المسؤولين “الإسرائيليين” أن العملية العسكرية تُشكّل “رادعا حقيقيا لإيران وسوريا، ولإمكانية تحوّل سوريا إلى قاعدة عسكرية أمامية لإيران”. جاء ذلك في وقت قال فيه “مسؤول إسرائيلي” “إنَّ الإدارة الأميركية أبلغت الحكومة في تل أبيب بالعمليات التي جرت قبل تنفيذها”.
وقبل العملية العسكرية بيومين فقط، تم الإعلان في أخبار القناة العاشرة للتلفزة “الإسرائيلية” عن محادثة هاتفية جرت بين مستشار الأمن القومي البريطاني (مارك سيدوال) ومستشار الأمن القومي “الإسرائيلي” مئير بن شبات. وقيل في التقرير الذي عرضته القناة العاشرة “إنَّ محادثة هاتفية ثانية جرت يوم الجمعة 13 نيسان/ابريل 2018، بين مستشار الأمن القومي “الإسرائيلي” ومستشار الأمن القومي الفرنسي (فيليب إيتان). واهتمت المحادثتان بالإعداد للهجوم في سوريا. وقال دبلوماسيون غربيون “إنَّ المستشار الإسرائيلي قال لنظيره الفرنسي والبريطاني إن إسرائيل تؤيد الهجوم على الأسلحة الكيماوية للنظام السوري، لكنه أكد أن المُشكلة الاستراتيجية الخطيرة من ناحية إسرائيل هي التمركز الإيراني في سوريا، وأن هجوما على منشآت السلاح الكيماوي لن تحلَّ المشكلة في سوريا”.
وعليه، أجرت “إسرائيل” اتصالات ومفاوضات مع فرنسا وبريطانيا قبيل الهجوم الثلاثي على سوريا، وذلك قبل الساعات التي سبقت الهجوم العسكري الثلاثي، وقد شهدت تلك الاتصالات مشاورات ومباحثات إلى جانب تنسيق تل أبيب مع الولايات المتحدة، الشريك الرئيسي في الهجوم، حيث جرت المشاورات مع بريطانيا وفرنسا بالتوازي مع الاتصالات بين “إسرائيل” والإدارة الأميركية، وبعد محادثات مع الإدارة الأميركية، وأن الطرفين قاما بتبادل معلومات استخباراتية وتنسيق آخر حول الهجوم. وكشفت القناة 14 العبرية، “أنَّ مسؤولين أميركيين، أطلعوا “إسرائيل” على موعد الهجوم على سوريا قبل وقوعه بوقتٍ قصير، وأن كلا الجانبين تبادلا المعلومات الاستخبارية وتنسيقا آخر حول الهجوم”.
ومن جهتها، أشارت مصادر أمنية في دولة الاحتلال، أنه تم إبلاغ “إسرائيل” مُسبقا بنية الدول الثلاث توجيه الضربات إلى سوريا. وقال مصدر سياسي “إسرائيلي” على “أنَّ إسرائيل كانت على أهبة الاستعداد لأي سيناريو”. وأنَّ “الهجوم الصاروخي رسالة لردع سوريا وإيران على حد سواء”. وقالت هذه المصادر “إنَّ إسرائيل لم تُشارك في هذا الهجوم إلا أنها مُصممة على الحفاظ على مصالحها بعدم إقامة قواعد عسكرية إيرانية في سوريا قد تستهدفها”.
وبناء على المعطيات الواردة أعلاه، ومع توقيت العملية العسكرية على سوريا، كانت قيادة “الجيش الإسرائيلي”، قد أعلنت عن رفع حالة التأهب في مناطق شمال فلسطين المحتلة، خشية من تفاقم الأوضاع الميدانية بعد أن نفذت الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا عدوانها على سوريا. وأعلنت سلطات الاحتلال أنها أغلقت المجال الجوي فوق الجولان السوري المحتل. وحسب وسائل الإعلام “الإسرائيلية”، فإن الطيران غير مسموح في المنطقة على ارتفاع خمسة آلاف قدم، مُشيرة إلى أن إغلاق الأجواء سيستمر حتى نهاية شهر نيسان/أبريل 2018. وأنَّ الإجراء يأتي ضمن سلسلة إجراءات “إسرائيلية” تحسبا من أي ضربة إيرانية محتملة بعد ضربات التحالف الثلاثي الموجهة ضد سوريا، وبعد القصف “الإسرائيلي” الأخير لمطار الــ(تيفور) في ريف محافظة حمص الشرقي، في شباط/فبراير 2018 الماضي.
دولة الاحتلال “الإسرائيلي”، رحّبَت بالعملية العسكرية التي استهدفت سوريا، ورقصت طربا لها، فتحت شهية قادتها، لإطلاق صيحات الوعيد، لبناء ما أطلقوا عليه “سياسة الحفاظ على الردع في الشمال”، والتي تتطلب من وجهة نظرهم، ضربات قاسية أكثر فأكثر وبوتيرة متزايدة ضد أهداف في سوريا.
النائب في الكنيست “الإسرائيلي” عوفر شيلح، أجاب، وقال “أنه لأسباب تاريخية كان ينبغي لإسرائيل أن تفعل أكثر في سوريا”، بل وذهب للقول بضرورة “أن تتحول المعركة مع سوريا وحزب الله والفصائل الفلسطينية إلى حرب شاملة”. أما رجال أمن آخرون فيستخدمون الأسباب الأخلاقية من وجهة نظرهم لاستمرار الحرب وجولاتها، حيث الادعاء باستخدام الجيش العربي السوري للسلاح الكيميائي. أما بنيامين نتنياهو وأفيجدور ليبرمان وهما رأس التطرف في دولة وكيان الاحتلال، فهما يؤكدان ضرورة استغلال كل الفرص لتوجيه ضرباتٍ عسكرية لسوريا، ويُشيران إلى أن عملية قصف مطار التيفور في شباط/فبراير 2018، وما تلاه من عدوان ثلاثي، كانت بمثابة استغلال للفرصة، حيث “ليس ناجعا التفريق بين أجزاء الحلف السوري الشرير” على حد تعبيرهما.
إذًا، لقد جاءت ردود الفعل “الإسرائيلية” على العملية العسكرية ضد سوريا، مُرحبة بها. فقد صرّح رئيس الوزراء “الإسرائيلي”، بنيامين نتنياهو حول الهجوم على سوريا “أنَّ إسرائيل تؤيد بالكامل قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالوقوف ضد استخدام وتوزيع الأسلحة الكيميائية”. ونقلت القناة 14 الإسرائيلية عن نتنياهو قوله، “إن‬ الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة أظهرت أن التزامها بمكافحة الأسلحة الكيماوية لا يقتصر على مُجرد إعلانات، بل يجب أن يكون واضحا للنظام في سوريا أن جهوده للحصول على أسلحة الدمار الشامل واستخدامهاـ واستعداده للسماح لإيران وشركائها بإنشاء قواعد عسكرية في سوريا، مسائل لا يمكن السكوت عليها من جانب إسرائيل”.
وخلاصة القول، إنَّ لعبة التحريض “الإسرائيلية”، وصب الزيت على النار، وجدت فرصتها الكبرى، في التحريض على العملية العسكرية ضد سوريا في مناخات تلك الحالة العامة، ففي “إسرائيل” يوجد ومنذ بضع سنين تقدير بأن الولايات المتحدة تُقلل عن عمد في تقدير قدراتها على العمل حيال سوريا، بينما يُلِحّون في “إسرائيل” وأمام نظرائهم الأميركيين لدفع الولايات المتحدة للتدخل العسكري أكثر فأكثر في سوريا، معتقدين بأن الولايات المتحدة “قادرة على العمل أكثر في سوريا، لكنهم اصطدموا بعدم اكتراث وبأقوال غريبة عن أنَّ الأمر ليس مُمكنا من ناحية عملياتية” وفق ما أبلغهم به نظراؤهم الأميركيون”.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 46 / 2328649

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

37 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 28

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28