] التقديرات “الإسرائيلية” لواقع جيش الاحتلال - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 20 نيسان (أبريل) 2018

التقديرات “الإسرائيلية” لواقع جيش الاحتلال

علي بدوان
الجمعة 20 نيسان (أبريل) 2018

في تقرير أخير، تم تسريب مقاطعٍ منه، بادر عدد من المتحدثين العسكريين “الإسرائيليين”، ذوي الخبرة، من قادة الأذرع العسكرية والأمنية السابقين، ومن واقع تجربتهم، لتقديم تلخيصا في موضوعات مُحددةٍ، تحت عنوان “التحديات المستقبلية التي تواجه الجيش الإسرائيلي”.
التقديرات الواردة في الموضوعات والتقرير أعلاه، تقول بأن بناء قوة جيش الاحتلال على المستوى البعيد مُرتبطة بفرضيات عدة، وفي مقدمتها أنَّ على “إسرائيل” أن تُحافظ على مكانتها كقوة عسكرية إقليمية، وأن عليها أن تُرَكّز على مركبات الدفاع وصد التهديدات، وأن استمرار بناء قوتها في محيط سريع التغيّر يحتاج إلى موارد كبيرة تشمل رفع وزيادة الموازنة العامة للجيش، وعلاقة الجيش بالمجتمع، وطبيعة المقاتلين الذين يتم تجنيدهم، وتوسيع استخدام واستثمار التكنولوجيا، وبالتالي ضرورة تَغَلَّب الجيش على ثلاث معضلات: أولها تحقيق إنجازات، وثانيها تحقيق الحداثة بالعتاد والتكنولوجيا المُستثمَرة، وثالثها التكامل بين صنوف أسلحة الجيش المُختلفة، وبين الجيش والمجتمع.
المعيار الوارد لنجاح جيش الاحتلال وفق ما ورد في التقرير أعلاه، يتم عَبرَ تحقيق الأهداف السياسية وفرض شروط وقف إطلاق النار. لكن المُشكلة كما يُشخصها واضعو التقارير تتمثل بالضبابية وعدم الوضوح عند القيادة السياسية “الإسرائيلية” من حيث تحديد الأهداف السياسية أمام جيش الاحتلال وقيادته العسكرية في كل جولة من جولات الحروب التي خاضها، وكان آخرها الحرب على القطاع العام 2014. فالمستوى السياسي في دولة الاحتلال لا يوجه تعليماته الواضحة للجيش كي يستخلص منها الأهداف.
أما التكنولوجيا، من حيث استثمارها، وتطبيقها، في ميدان العلوم العسكرية، وتحديث جيش الاحتلال فقد نالت قسطا وافرا من الحديث والتحليل في مادة التقرير، وخصوصا منها ما يتعلق بالأجسام الطائرة الهجومية (سلاح الدرونات)، والتغيرّات التكنولوجية اليومية، باعتبارها ستغيّر ملامح الحروب القادمة، وستُصَدّر لاعبين جددا يتقنون استثمار واستخدام التكنولوجيا الفائقة الدقة، وعلى سبيل المثال الجهاز الخلوي، الجيل الخامس، وظاهرة الشبكات عابرة القارات، والشبكات العلمية العالمية التي تتعاظم، وتزايد إمكانية التغييرات البيولوجية، فجيش الاحتلال سيتأثر بذلك.
ويقول واضعو التقرير بأنَّ جيش الاحتلال رغم كل ذلك، ما زال الجيش الأكثر تكنولوجية في المنطقة، وأنَّ “الجمهور الإسرائيلي أصبح أكثر وعيا تكنولوجيا” وهذا يفرض استمرار إحداث تغيير في بنية جيش الاحتلال لمواءمته مع المستقبل، وعلى سبيل المثال: منظومة السايبر (الحرب الإلكترونية) تتطلب تصنيفات جديدة، حيث ضرورة نقل المعلومات بكميات هائلة، ولذلك فإن الجيش سيهتم بالتأثير على مجالات التعليم الأكاديمي لكي تتواءم مع تحديات المستقبل أمام الجيش، الجيش سيحتاج أفضل الموارد البشرية، وهذا سيعزز الفعالية الجماعية للجيش، وبالتالي من المتوقع أن يستغني جيش الاحتلال عن المعايير التي كان يصنف خلالها المنتسبين له.
وفي جانب آخر له علاقة بالإعلام، فإن واضعي التقرير يعتقدون، بأن للإعلام مكانة مهمة في تعزيز الردع مقابل الخصم، من خلال إرسال رسائل عن الاستعدادات والقوة. وأنَّ الإعلام يُمكنه أن يُشكّل عامل حسم في إرسال رسائل عن معلومات تحذيرية واستعدادات للحرب، ولديه وظيفة حاسمة فيما يتعلق بالحسم، فهو الذي يقول ماذا حدث ويبث لـ”المجتمع الإسرائيلي” أخبار الحرب.
ويُشير واضعو التقرير إياه من القادة السابقين في جيش الاحتلال” وأذرع الأمن، إلى أنَّ الإعلام يَقَع في منطقة المنافسة بين الشبكات من جانب، ومن جانب فهو لديه موقف، ومن جانب ثالث هو يراقب المنظومة. ويطالبون “الإعلام الإسرائيلي” بوظيفة مُهمة، حيث يراه الخصم نافذة على “إسرائيل”. ويوردون على سبيل المثال أنه ومنذ بداية 2006 وفي الولايات المتحدة، وتحديدا بعد حرب الخليج صارت الحروب والمعارك التي خاضتها القوات المسلحة الأميركية تُبَث بثا مباشرا، حيث كل مواطن أميركي يحمل جهازا خلويا يُمكن أن يكون محطة بث مستقلة.
وفي مسألة شديدة الأهمية، يطرح التقرير أهمية التكامل بين الجيش والمجتمع، وتكامل بين أذرع الجيش المختلفة في أدائها لعملها. فالجبهة الداخلية في دولة الاحتلال، وحسب واضعي التقرير، ثمة خطر أن يتحوّل هذا الجيش من ما يسمى جيش الشعب إلى الجيش الشعبي، حيث يتم طرح السؤال: مَن يؤثر على مَن؟ الجيش أم المجتمع؟ فقد تزايد في العقد الأخير تأثير المجتمع على الجيش، حيث استرسل الجيش كثيرا في الإصغاء للمجتمع، فيما الجيش يعاني من أزمة في علاقته مع “الشارع الإسرائيلي”، وبالتالي فإن الجبهة الداخلية في “إسرائيل” غير مُستعدة، بل وغير جاهزة للتحديات التي تُقدرها الأجهزة الأمنية، حيث الكارثة المتوقعة على المستوى المدني في “إسرائيل” أكثر ممّا كانت سابقا، وهناك شك كبير (من وجهة نظرهم) فيما إن كانت دولة الاحتلال تفهم أهمية الجبهة الداخلية، وقدرة المجتمع على النهوض من الضربة المتوقعة، والعودة للفاعلية الكاملة من أجل منح الجبهة العسكرية تحقيق أهدافها.
وخلاصة مُخرجات التقرير، وفي التقديرات الاستراتيجية على ضوء واقع مجريات العام الماضي 2017، ورغم كل الملاحظات التي أبدتها مادة التقرير، إلا أنها تُقرر “أنَّ الوضع الأمني لإسرائيل جيد” في ظل حالة الانشغال والتفكك والانقسام في العالم العربي، فالعام 2017 كان الأفضل في كل السنوات السابقة بالنسبة لــدولة الاحتلال. لذلك يطالب واضعو التقرير من جيش الاحتلال أنَّ يوفّر الاستعداد، وعلى الجانب السياسي أن يستفيد من ذلك.
والسؤال الأهم من وجهة واضعي التقرير يتمحور بالتالي: “كيف يُمكن أن نستثمر هذا الأمن من أجل تحقيق الأهداف التي يُحددها السياسيون؟ إسرائيل تستثمر كثيرا في الأمن، أليس من الصواب أن نوجه بعض الموارد إلى ساحات أخرى؟ على الجيش أن يعمل وفق إمكانياته قبل أن يسأل نفسه كيف سيواجه التحديات من الناحية المادية والاقتصادية، وعليه أن يبحث كيف يعمل وفق أقل موارد”.
هكذا تُفكّر دولة الاحتلال وقياداتها، وهكذا تَفتَح المجال لقياداتها العسكرية والأمنية السابقة للإدلاء بدلوها، والمساهمة في عملية العصف الذهني، التي يُراد منها تطوير أداء جيش الاحتلال. فهل لنا أن نستفيد من تجارب عدونا، وأن نُعيد قراءة تجاربنا السابقة، واستخلاص الدروس والعبر للبناء عليها، وتجاوز المطبات والسلبيات.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 44 / 2323068

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 26

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28