] يوم الأرض الفلسطينية: يوم عنصرية إسرائيل وراعي إسرائيل - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 6 نيسان (أبريل) 2018

يوم الأرض الفلسطينية: يوم عنصرية إسرائيل وراعي إسرائيل

لطفي العبيدي
الجمعة 6 نيسان (أبريل) 2018

الإهانة والاخضاع تُستخدم كلّ يوم من قبل الجيش الإسرائيلي في حق الفلسطينيين وليس في ذكرى يوم الأرض فقط والذي انكشفت فيه من جديد العنصرية الإسرائيلية والانتهازية الأمريكية في مجلس الأمن. ومع ذلك يظلّ الفلسطيني يُقاوم ويواجه كلّ أشكال الترهيب والعنصرية ومحاولات كسر الإرادة الجمعية وتقويض الرغبة في العيش من قبل الكيان الصهيوني الذي يسعى لشرعنة الاحتلال وتثبيت قدمه في أرض ليست له، فما يسمّى «دولة إسرائيل» ليس لها دستور ولا تعترف بالحدود وتُقيم فوارق راديكالية بين اليهود وغير اليهود في استجابة لقوانين بدائية تُديرها في المقام الأوّل سلطة دينية تخضع لوصايا الأحبار المحافظين والمتزمّتين. ومازال الجميع يشاهد الفلسطينيين وهم يستخدمون الحجارة دفاعا عن أرضهم وعرضهم وكرامة وطنهم وعزّة مقدّساتهم والعالم لم يلتفت إليهم بل ترك آلة القتل الإسرائيلية تُبيد الكثير منهم وتُقيم المجازر وتهدم البيوت وتفتكّ بالمزارع والأراضي والقرى.
يريدون أن يمحوا سجلّات التاريخ ويُعيدون تفصيله على مقاس السياسات العنصرية التي تُردّدُ اللّازمة المعهودة «نحن لنا حق في هذه الأرض» «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، ولا يزال مثل هذا الخطاب الإقصائي يتكرّر حتى اليوم. ومع ذلك يتمّ ترديد عملية سلام موهومة قوامها إدارة أزمة وفق أهواء الولايات المتحدة التي تدفع باللوبي الصهيوني في الداخل الأمريكي نحو دعم القيادة الإسرائيلية بشكل يكاد يكون مطلقا سياسيا وعسكريا ودبلوماسيّا كما يحرص الإعلام بجميع أشكاله في أوساط المجتمع الأمريكي في جعل صورة فلسطين مختزلة إلى حدّ كبير وبلا ملامح. وفي المقابل يتمّ اظهار إسرائيل كبلد محاصر بالأعداء من كلّ جانب، ضحيّة تثير التّعاطف، يعاديها العرب لأنّهم معادون للسّامية. فوجهة النظر الغربية لا ترى في ما تفعله إسرائيل إرهابا، فالقتل والتنكيل وتعذيب الأسرى في السجون ومصادرة الأراضي وهدم البيوت ورفض تنفيذ قرارات هيئة الأمم المتحدة أو الالتزام بالمواثيق الدولية، كلّ ذلك ليس تعبيرا عمليا للإرهاب من وجهة النظر الأمريكية بل تصبح مقاومة الاحتلال إرهابا. وهنا يتّضح زيف مبادئ السياسة الدولية التي تتنكّر للأعراف الإنسانية وتتلاعب بالقوانين الأمميّة كما تشاء .
قراصنة العصر هؤلاء لديهم من الصوت العالي أكثر ممّا لديهم من الحقّ استغلّوا إحساس العرب بالهزيمة والفشل في دفاعهم السيكولوجي نتيجة الهزائم السياسية والعسكرية الماضية، ولكن على المجتمع الاسرائيلي أن يفهم أنّ الصهيونية لم تُقدّم له شيئا على الاطلاق ويبدو أنّ زخم الأحداث في السنوات الأخيرة وتوازن الرعب الذي تُحدثه المقاومة يجعل الكثير من الإسرائيليين يُدركون أنّهم الآن أكثر افتقادا للأمان من أيّ وقت مضى رغم قوّة إسرائيل العسكرية وإمكاناتها الاقتصادية وقدراتها السياسية والدبلوماسية .
ولا يخفى على أحد أنّ ارتباط الولايات المتحدة الدائم بإسرائيل وتقديمها الدعم اللامتناهي لهذا الكيان يُعدّ من أهمّ أسباب التوتّر في منطقة الشرق الأوسط خاصة وأنّ هذا الفعل هو الدّافع الرئيس لاستفزاز العرب والمسلمين الذين يؤمنون بالقضية الفلسطينية ويرفضون زرع كيان غاصب يَقتل ويُشرّد ويحاصر بأسلحة أمريكية، ويتلقّى الدعم السياسي والدبلوماسي من المؤسّسات الأممية التّابعة وهو يجتهد من خلال لوبي الايباك وغيره في جعل الدعم الأمريكي اللاّمشروط لإسرائيل مصلحة قومية أمريكية. وفي الأثناء تبقى معاملة إسرائيل للفلسطينيين تستثير الغضب والانتقاد لأنّها منافية لمعايير حقوق الإنسان على نطاق واسع خاصّة عندما تقوم إسرائيل بالأعمال الإبادية والتهجيرية نفسها التي أدّتها أمريكا على أكمل وجه. ويأتي كلاهما في النهاية، وبعد كلّ ذلك الاجرام، ليدّعيا الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوقت الذي يتماثل كلاهما في التضليل التاريخي والبحث عن المنعطفات الكبرى في التاريخ لتحويرها والباسها لبوسا دينيا كاذبا وإظهار تاريخهما التاريخ الذي لا سابق له كما لو أنّ شهادة الميلاد تؤخذ من العدم دون بنية قومية أو نسيج حضاري تحفظه الذاكرة الأممية.
تبقى القضية الفلسطينية أكبر شاهد على العصر الذي تُنتهك فيه باستمرار الحقوق الوطنية والمقدّسات، ويُعتبر هذا أشدّ دافع لاستمرار الغضب والمقاومة سبيلا لتحرير فلسطين دون تدخّل النخب الحاكمة في العالم العربي بطبيعة الحال، فهي نخب فاسدة في معظمها تُهرول نحو إسرائيل في انكشاف مفضوح يتجلّى بين فترة وأخرى ويعزلها عن جماهير الأمّة وشعوبها الحرّة التي كثيرا ما تُمنع من التظاهر وتُقمع أصواتها إرضاء للسيّد الأمريكي الذي تتوسّله مثل هذه الأنظمة في التزلّف والتقرّب المذلّ. ولكن المأساة الفلسطينية لا يُمكن بأي حال أن تبقى أزمة تُدار دبلوماسيا لتبرير القوّة والعسكرة والاخضاع في غياب تامّ للعدالة الأخلاقية وتجاهل لحقّ الشّعوب في تقرير مصيرها واسترجاع أوطانها وبناء دولها.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 98 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

42 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 39

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010