] نحن من نحتاج أن نعي حجم تضحيات الفلسطينيين - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 6 نيسان (أبريل) 2018

نحن من نحتاج أن نعي حجم تضحيات الفلسطينيين

ابراهيم بدوي
الجمعة 6 نيسان (أبريل) 2018

لا نستطيع أن نفصل ما يحدث في فلسطين المحتلة من مآسي وشرور، بفعل آلة الحرب الجهنمية لكيان الإرهاب الإسرائيلي، عن واقع عالمي تعيس، تعالت فيه الأصوات الشعبوية المتطرفة، وسعت البلدان الكبرى وراء مصالحها دون مراعاة للقيم الإنسانية ولا المواثيق الدولية، ولا حتى مصلحة العالم في التمسك بالأمن والسلام المنشودـ بالإضافة إلى واقع عربي أليم بفعل التشرذم والتصارع المكتوم أحيانا، والخارج للعلن في أغلب الأحيان، وما يدور بفلكه من فتح الأبواب السرية والعلنية بوجه كيان، كان ولا يزال يشكل أكبر عدو لشعوبنا العربية، ومحاولات البعض السعي نحو خلق عدو جديد في هذه الدولة أو تلك، يصرف الانتباه عن قضيتنا وصراعنا القديم مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، وسعي عملاء الإرهاب إلى العمل على خلق مناخ من الفوضى في المنطقة، يبرر ويصرف النظر عن تعاطي البعض مع الكيان المحتل.
إن أخطر ما تمر به المنطقة، وتنعكس خطواته الكارثية على القضية الفلسطينية ومفرداتها من بشر وحجر وقضايا رئيسية، هو سعي بعض بني جلدتنا إلى تمرير التطبيع مع دولة الإرهاب، عبر الحديث عن مصالح اقتصادية، واجتماعية، بل إن الأمر قد بلغ مبلغه، عندما تشاركت قوى الضغط الإسرائيلي في العواصم العالمية الكبرى، مع بعض رؤس الأموال العربية، لمحاولة خلق صراع قد يجر المنطقة إلى وبال هي لم تعد قادرة على تحمله، وما يصاحب ذلك من حالة من التطبيع تقنع عوام الشعوب بصديق جديد، وخلق أعداء جدد يكونون مدخلا للتقارب مع الكيان الصهيوني، ومع الأسف وجدت هذه الأصوات أذانا بين الشعوب العربية، بفعل آلة الإعلام التي تملكها تلك الأنظمة وبرعاية وإدارة صهيو أميركية.
إذا لاعجب أن تسير قوى الإرهاب الصهيونية الغاشمة في طريق تحقيق أحلامها التي كان يعوقها تضامن عربي، حتى وإن كان ظاهريا، ورفض شعبي، شرب حقائق الصراع وتجرعها بمئات الآلاف من الشهداء العرب، لكن بفعل الضباب العربي الذي يموج بالمنطقة، غابت عنه الرؤية الصادقة، واختلط المنافس الإقليمي المؤقت، مع العدو الدائم، تاهت مفاهيم التنافس والصراع، وصراع المصالح الذي تشهده بعض بلدان المنطقة في نقاط معينة، وآخر لايحمل تقاربا لأنه صراع على البقاء في جوهره مع كيان يسعى إلى التجذر من النيل إلى الفرات، وسيكون مصير البلدان العربية، كالمصير الفلسطيني، فقضية فلسطين اكتسبت مبادئها ليس فقط بدافع المبادئ القومية ولا العقيدة الدينية، لكنها اكتسبت زخمها جراء إدراك المكون العربي المنقسم بفعل سيكس بيكو، إلى حقيقة أهداف الكيان الصهيوني والدول الداعمة له، فالأطماع الصهيونية لن تقف عند حدود فلسطين، حتى وإن كانت تدعى مرحليا عكس ذلك، لكنها تسعى إلى السيطرة على المنطقة بأكملها واستعباد شعوبها.
لكن البعض نسي هذه الحقيقة، وأخذته حاجته الآنية إلى التحالف (مع الشيطان)، ليحمي مكانته ونظامه، حتى وإن كان هذا مدخلا لانهيار دولته وأمته، فصراعه مع أخيه داخل الدولة الواحدة، أهم مبرراته لهذا التقارب مع كيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب، إنها دائرة مستمرة منذ سنوات، ولا ندري إلى أين سيكون مستقرها، فجوهر الصراع وحقيقته بات بين من يسعى إلى التقارب مع هذا الكيان، وآخرين يعون الآثار الكارثية لهذا التقارب، إنه صراع سيشكل مصير المنطقة، فالشعوب يسلب وعيها بشعارات شعوبية براقة تجعلها تنكفئ على نفسها وتقبل تقاربا لم يكن متصورا أن تقبله، فللأسف لاتزال العديد من الشعوب أسيرة الفقر والجهل والمرض، وتتسم بشيفونية مقيتة، تعوق بينها وبين وضوح الرؤية.
لذا فالرهان الحقيقي يبقى على عاتق مجموعة من المثقفين الواعين بحقيقة الصراع الأزلي مع الصهيونية، بالإضافة إلى ما يقدمه الفلسطينيون من ثبات أسطوري، فأبناء فلسطين في الحقيقة رغم حاجتهم للدعم العربي ألا أنهم لا يعتمدون كثيرا على هذا الدعم، فهم يعلمون حقيقة قضيتهم ومصرون على مطالبهم وحقوقهم المشروع، بدليل أن المكون الفلسطيني قارب أن يفوق المكون الصهيوني في الأراضي المحتلة رغم كل الجرائم في كافة الأراضي الفلسطينية، لكن الشعوب العربية هي التي تحتاج أن تعي أن ما يقدمه الفلسطينيون من دماء زكية وشهداء أبرار، ومعاناة يومية على كافة أصعدة الحياة، من سيحفظ الحقوق العربية ويمنع دولة الاحتلال من الانتقال إلى خطوتها التالية (من النيل إلى الفرات)، برغم التجاهل العربي لقضيتهم، وأقصد هنا التجاهل الشعبي العربي، فللمرة الأولى تنشغل العواصم الكبرى بمشاكلها، عن حتى إبداء التعاطف ضد ما يرتكبه كيان الاحتلال من مجازر ضد شعبنا الفلسطيني الأبي، ولم تخرج الشعوب بإدانة واضحة وخطوات حقيقية تمنع هذا المحتل الغاصب من مواصلة إرهابه.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 36 / 2289188

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

58 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 58

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010