] غزة «إقليماً متمرداً» - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 24 آذار (مارس) 2018

غزة «إقليماً متمرداً»

يونس السيد
السبت 24 آذار (مارس) 2018

هل كانت محاولة اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير وأعادت الساحة الفلسطينية إلى المربع الأول، لتدفن بذلك كل آمال الشعب الفلسطيني في التغلب على الانقسام وإنجاز المصالحة الوطنية وإعادة اللحمة بين أبناء الشعب الواحد، والتمهيد لإعلان قطاع غزة «إقليماً متمرداً».
«المصائب لا تأتي فرادى».. وكأن الساحة الفلسطينية، التي هي بأمسّ الحاجة إلى رص الصفوف، لا يكفيها ما تواجهه من كوارث الاحتلال ومخططاته الرامية إلى تصفية القضية الوطنية، وتحديات صفقات التسوية التي اختزلت في «صفقة القرن» الجاثمة خلف الأبواب، فإن كل المؤشرات وما يرافقها من تصعيد للخلافات البينية يصب، للأسف، في هذا الاتجاه، أي نحو الطلاق أو الانفصال مع كل ما يترتب على ذلك من تبعات أو تداعيات مدمرة للقضية الفلسطينية.
الإصرار من جانب السلطة على تسلم قطاع غزة فوراً ودون قيد أو شرط، ورفض «حماس» لهذا المطلب، يقفز بالخلافات الفلسطينية إلى الذروة التي لا يوجد بعدها سوى النزول إلى الهاوية، ناهيك عن أنه ينهي كل التفاهمات التي قطعت شوطاً كبيراً وكانت قريبة من إنجاز الحلم الذي يتمناه الفلسطينيون. لكن حادثة تفجير موكب الحمد الله يبدو أنها أوقعت الجميع في الحفرة التي حفرها المتضررون وفي مقدمتهم الاحتلال وعملاؤه.
في كل الأحوال، يبدو أن السلطة اختارت الطريق الأسهل، لكنه الأكثر إيلاماً في التعامل مع قطاع غزة والقضية الوطنية، فالتمهيد للانسحاب من القطاع وإعلانه «إقليماً متمرداً» يعني قطع كل أشكال العلاقات الوطنية والقانونية والمالية، نهائياً مع القطاع المنكوب أصلاً وتركه يواجه مصيره بمفرده، وهو خيار مطروح منذ زمن لدى قيادة السلطة، لكنها ترددت في اتخاذه ليبقى سيفاً مسلطاً في يدها، ولكي تترك المجال مفتوحاً أمام الوساطات التي قد تفضي إلى إعادة غزة إلى حضن الشرعية الأم كما تعتقد.
والحال أن هذا الخيار محفوف بالمخاطر وينذر بعواقب وخيمة على كلا الطرفين، فغزة المعروفة بعنادها، والتي اضطر شارون إلى الانسحاب منها، وكان رابين يأمل أن يصحو من نومه ليراها قد غرقت في البحر، لا يمكن حل المشكلات البينية معها على هذا النحو، بقدر ما أن خطوات كهذه ستشرع الأبواب أمام التدخلات الخارجية وتحدث المزيد من الضعف في الموقف الوطني، حتى على طاولات التفاوض، لاعتبارات تتعلق بانتقاص شرعية التمثيل الفلسطيني. وبالتالي لا خيار أمام الفلسطينيين إلا العودة للتفاهم والكشف عن منفذي محاولة الاغتيال وتقديم التنازلات المتبادلة لإنهاء الانقسام ورص الصفوف في مواجهة التحديات المقبلة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2327370

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 16

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28