] هل يكفي الاعتذار الاسرائيلي؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 20 كانون الثاني (يناير) 2018

هل يكفي الاعتذار الاسرائيلي؟

باسم الطويسي
السبت 20 كانون الثاني (يناير) 2018

قدمت الدبلوماسية الأردنية نموذجا متقدما في التعامل مع ملف جريمة السفارة الاسرئيلية في عمان التي وقعت في شهر تموز (يوليو) من العام الماضي وأدت الى مقتل أردنيين على يد رجل امن اسرائيلي، واستطاعت ان تعيد حادث مقتل القاضي الاردني رائد زعيتر الذي وقع في العام 2014 الى الواجهة من جديد. حيث بقيت السفارة الاسرائيلية في عمان مغلقة رسميا على مدى ستة اشهر وشهدت العلاقات الأردنية الاسرائيلية أسوأ أزمة تمر بها منذ بدأت العام 1994.
وفي ضوء تلقي الحكومة الأردنية اعتذارا رسميا من الحكومة الاسرائيلية، وإعلان الاخيرة انها بصدد فتح سفارتها في عمان بعدما تم التوصل لتفاهمات مع الحكومة الأردنية، يبرز سؤالان. الاول؛ هل يكفي الاعتذار الاسرائيلي بالصيغة التي جاء بها. والثاني لماذا انتظرت اسرائيل كل هذا الوقت لتقديم اعتذارها والإعلان عن أسفها.
في هذا الوقت لا نجد في المذكرة التي تلقتها الحكومة الأردنية سوى اشارة الى ان الحكومة الاسرائيلية ستقوم بـ“متابعة الاجراءات القانونية المتعلقة بحادثة السفارة الاسرائيلية بعمّان وتقديم تعويضات لأهالي الشهداء الثلاثة”. فيما لم يشر البيان الصادر عن ديوان رئيس الوزراء الاسرائيلي بوضوح الى اي اجراءات قانونية سوف تتخذ بحق القتلة باستثناء وعد بجمع البيانات المتعلقة بحادث السفارة، نجد أن مصادر اسرائيلية اشارت الى ان التفاهمات التي توصلت اليها جهات امنية من الطرفين توصلت الى عدم عودة السفيرة الاسرائيلية السابقة التي اعتبرها الأردن شخصا غير مرغوب فيه، وان هذا التفاهم قد تم التوصل اليه في نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، الا ان القرار الاميركي بشأن القدس ادى الى تأجيل اعلانه. وهذا يطرح مسألة اخرى؛ لماذا لم تقم اسرائيل باتخاذ مسار قانوني واضح في القضيتين منذ ذلك الوقت؟
الرواية الاسرائيلية حول تفاهم مبكر بين الطرفين مشكوك فيها، بل العكس تماما ان الموقف الأردني الصلب والذي عُبّر عنه من أعلى مستوى سياسي اضافة الى تداعيات التطورات الاخيرة والسلوك السياسي الأردني قد قاد الى اول اعتذار رسمي تقدمه اسرائيل الى دولة عربية، في حين بات من الواضح ان التقييم الاسرائيلي للمصالح في ضوء كل التطورات الاخيرة قاد الى هذه النتيجة، والدليل على ذلك ان اهم تقرير استراتيجي اسرائيلي والصادر عن معهد ابحاث الامن القومي والذي يقدم تقييما حول مصادر التهديد وتم تسليمه الى رئيس الدولة والمؤسسات الاسرائيلية مع بداية العام قد اوصى بقوة الحكومة الاسرائيلية بالحفاظ على هذه العلاقات وعدم التفريط بها واشار بوضوح الى ضرورة ان تعمل اسرائيل على احتواء الأزمة الراهنة.
ان اهم دروس هذه الأزمة وما رافقها من تداعيات، تبدو في ان الدبلوماسية الأردنية قادرة على العمل باستقلالية الى حد ما اذا ما توفرت الارادة السياسية، وان لديها من اوراق الضغط والمناورة ما يمكنها من المناورة في بيئة صعبة وفي خدمة مصالح مواطنيها وحقوقهم، من المفترض ان الأزمة لم تنته، بل هناك عمل كبير لضمان ان ينتقل ملفا القضيتين الى مسار قانوني واضح بعيدا عن التداعيات السياسية والعبارات الغامضة التي تلف البيانات الاسرائيلية، وهذا يعني ان ثمة معركة قانونية يجب ان تبدأ. الدرس الذي لا يقل اهمية ان ما حدث في هذه الازمة وتحديدا السلوك السياسي الأردني الصلب يجب ان ينسحب على الكثير من ملفات العلاقات الأردنية الاسرائيلية المعقدة والمملوءة بالافخاخ والمتفجرات.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 31 / 2328110

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

55 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 57

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28