] طموح إسرائيل وفزاعة قناة “البحرين” - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 4 آب (أغسطس) 2017

طموح إسرائيل وفزاعة قناة “البحرين”

جودة مرسي
الجمعة 4 آب (أغسطس) 2017

كثر الحديث عن عزم إسرائيل إنشاء قناة مائية بطول حوالي 200 كيلو متر تربط بين أدنى نقطة على سطح الأرض وهى البحر الميت وبين البحر الأحمر، خاصة مع نشر تقارير إعلامية تتناول دخول الأردن كطرف في المشروع تستفيد من خلاله بتزويدها بحصة من مياه بحيرة طبرية، مع رعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي لاتفاق إنشاء القناة، وينتشر الحديث عن هذه القناة بين فترة واخرى أما للتغطية على حدث ما أو التخويف.
ومؤخرا طرح محللون في بعض وسائل الإعلام العربية بدائل أخرى كثيرة وتطورات للصفقة تظهر إمكانية استفادة إسرائيل من الفكرة، مثل شق قناة داخلية في الأراضي الإسرائيلية، أو عبر حدودها مع مصر، وأطروحات كثيرة من هذا القبيل، في محاولة للتغطية على التطورات الحدودية البحرية الاخيرة في ظل التنامي الكبير لدولة الاحتلال بالمنطقة في السنوات الأخيرة، مع هشاشة عربية وأوضاع متأزمة لن تجد من خلالها مايوقف اطماعها التوسعية، وكل مؤيد لوجهة نظر أو لطرح معين يقوم بالتنظير له يقدم دلالات تؤكد صدق وجهة نظره.
وتذكرنا هذه الأطروحات برواية تاريخية منذ القرن التاسع عشر حين بحثت بريطانيا في إيجاد بديل لقناة السويس (المصرية) التي كانت خاضعة لفرنسا في ذلك الوقت، ودراسات إسرائيلية كثيرة للسيطرة على ممر مائي تجاري عالمي، ربما كانت السبب الرئيسي في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
بعيدًا عن إشكاليات هذه الأطروحات، وما تمثله من عوائق جغرافية وجيولوجية وسياسية واقتصادية واستراتيجية، وبالغوص في العقلية الصهيونية نتنبأ بأمر ثابت وهو أن أي مشروع يمثل مستقبلا لدولة الاحتلال لن يكون العرب طرفا أو شريكا فيه، خاصة لو كان هذا المشروع تجاريا دوليا أمنيا اقليميا ذا مردود اقتصادي ضخم على المدى الطويل، وأن المشروع لن يكون تكامليا مع العرب بل سيكون تنافسيا بالدرجة الأولى بهدف زعزعة موازين القوة المتعددة في المنطقة.
مشروع العمر لدولة إسرائيل سيكون بوجود خط تجاري ضخم مزود بنقطة دعم استراتيجي ولوجيستي متطور جدا، وذلك عبر إنشاء خط سكة حديد يربط ميناء إيلات الإسرائيلي (قرية ام الرشراش المصرية المحتلة) على البحر الأحمر بمدينة أشدود الساحلية على البحر المتوسط، وهو المشروع الذى أعلنته إسرائيل صراحة ونشرت الخرائط والدراسة الخاصة به.
السكة الحديد المزمع إقامتها هي مشروع أقل كلفة من النواحي الاقتصادية، وأكثر حيوية وعملية في التعامل مع الطبيعة الجيولوجية للأراضي الفلسطينية التي تحتلها اسرائيل، كما انه يعطيها تميزا وتفردا في ادارة المشروع والتمتع بكل عوائده، ويسقط عنها أية التزامات مع دول الجوار العربية.
وبعودة إلى منهج التنافسية والتميز من حيث الموقع، نجد أن المشروع سيكون بديلا استراتيجيا لقناة السويس المصرية لأنه سينقل البضائع بالقطارات السريعة في فترة لن تتجاوز ساعتين مقابل أكثر من 12 ساعة في مياه القناة المصرية، وربما تكون رسوم النقل أقل من رسوم قناة السويس، كما انه سيعطي مساحة كبيرة لتوزيع البضائع على الأرصفة المتواجدة بسواحل إسرائيل (فلسطين المحتلة) على البحر المتوسط، وهو ما يعطيها أفضلية في عملية التوزيع والنقل.
إسرائيل ستقدم منطقة السكة الحديد بموانئها كبديل لموانئ عربية اخرى مثل ميناء جبل علي بالإمارات، لأنها ستقيم مراكز متعددة الوسائط للربط البحري والجوي والبري خاصة مع دول أوروبا، وبطبيعة الحال وللجدوى الاقتصادية ستوفر مرافق لوجستية تتضمن مخازن تبريد ومحطة لتعبئة الحاويات ومستودعات تخزين، بل وإنها ستعطي عملية النقل التجاري أفضلية في إمكانية تبادل السفن عبر طرفي خط السكك الحديد، ولذلك ستكون عملية النقل أسرع وأقل كلفة، وأقل عرضة للمخاطر.
المستجدات والأحداث التي تمر بها المنطقة ستكون هي الأخرى داعما للطموح الإسرائيلي، فبعد تسليم تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية تحولت مياه خليج العقبة من مياه إقليمية إلى دولية، وبالتالي أصبح حق المرور فيها مباحا لكل الدول ودون سيطرة من أحد، كما تتحدث تقارير إعلامية عن قيام السلطات المصرية بحفر قناة مائية على حدود سيناء مع قطاع غزة، بطول يمتد إلى 13 كيلومترًا، وعمق يراوح بين 6 و8 أمتار، وذلك لحماية أمنها القومي ومنع عمليات التسرب والتهريب بينها وبين قطاع غزة.
نظرة إسرائيل المستقبلية للمشروع يجعل من جيرانها العرب بمنأى عن المشاركة في المنفعة، كما يمنحها استقلالية في الإدارة والسيطرة، وتفرد في الكسب الاقتصادي، وهو ما يعزز طموحها بالتواجد القوي – كدولة احتلال – في المنطقة، لا كما يذاع كل فترة عن قناة (البحرين) بين الاردن واسرائيل التي تربط البحر الميت بالبحر الأحمر والتي يصعب تنفيذها لأسباب فنية واسباب اقتصادية وسياحية تتضرر على اثرها الأردن ومحكوم عليها بالفشل خاصة وان التقارير الهندسية تتحدث عن انه يمكن لهذه القناة ان تنفجر مستقبلا.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 56 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

57 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 60

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010