] مفتاح الحرب والسلام - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 25 تموز (يوليو) 2017

مفتاح الحرب والسلام

حافظ البرغوثي
الثلاثاء 25 تموز (يوليو) 2017

ظل المسجد الأقصى عبر عقود الصراع مع المشروع الاستيطاني الصهيوني بؤرة الاحتكاك وصاعقة تفجير بين الحين والآخر، ولم يدخر الفلسطينيون وسعاً في بذل الدم دفاعاً عنه منذ ثورة البراق سنة 1929 حتى الآن. وكان المسجد ومحاولة الاعتداء عليه من قبل اليهود مسرحاً لمجازر احتلالية وبريطانية قبل ذلك منذ ذلك التاريخ مروراً بمجزرة سنة 1990 التي سقط فيها 21 شهيداً برصاص الاحتلال في المسجد الأقصى بعد أن حاول اليهود إدخال مجسم للهيكل المزعوم إلى المسجد، ومجزرة النفق التي اندلعت بعد فتح نفق تحت الأقصى سنة 1996 واستشهد فيها 63 فلسطينياً وشاركت فيها قوات الأمن الفلسطينية بشكل رسمي واستشهد 26 عنصراً وقتل 17 جندياً «إسرائيلياً». وصولاً إلى انتفاضة الأقصى سنة 2000 بعد زيارة شارون الاستفزازية للحرم القدسي. وكان أبو عمار ذهب ليلاً إلى ايهود باراك عشية زيارة شارون وتمنى عليه منع الزيارة لكن باراك رفض.
وكانت أحداث ثورة البراق أول ثورة تشتعل في فلسطين ضد الوجودين الصهيوني والبريطاني وأسفرت عن سقوط 133 قتيلاً يهودياً وجرح 339 بينهم 198 إصابة خطيرة. فيما بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين العرب 116 وعدد الجرحى 232، وذلك حسب (تقرير لجنة شو البريطانية)، الذي اعترف بأن معظم إصابات العرب كانت على أيدي القوات البريطانية.
وشكلت أحداث ثورة البراق تحولاً في العلاقات العربية البريطانية في فلسطين، ففي الوقت الذي اتجهت فيه احتجاجات سكان فلسطين نحو الوجود اليهودي ونزعته التوسعية بالتحديد متفادية الاصطدام بالقوات البريطانية، سقط هؤلاء السكان ضحايا برصاص البوليس البريطاني الذي كان يشكل حماية منيعة لليهود.. وعلى الرغم من أن تقرير لجنة «شو» عزا أسباب الاحتجاجات إلى خيبة أماني العرب السياسية والوطنية وخوفهم على مستقبلهم الاقتصادي وخشيتهم من سيطرة اليهود السياسية بسبب الهجرة اليهودية المتزايدة، إلا أن السلطات البريطانية زجت في السجون بالكثير من النشطاء العرب وأصدرت المحاكم البريطانية في فلسطين أحكاماً بالإعدام على عشرين عربياً تحول الحكم فيما بعد إلى السجن المؤبد باستثناء ثلاثة منهم (عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي) الذين واجهوا الشنق في سجن عكا يوم الثلاثاء 17 حزيران 1930 بشجاعة.
من ناحية أخرى أوصت لجنة «شو» بإرسال لجنة أخرى لتحديد الحقوق في حائط البراق ووافقت جمعية عصبة الأمم في 14/1/1930 على إرسال اللجنة. وقد خلصت اللجنة إلى عدة استنتاجات أهمها أن ملكية الحائط الغربي تعود للمسلمين وحدهم ولهم الحق وحدهم فيه لأنه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف، وتعود لهم أيضا ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط، وكان حي المغاربة لاحقاً بعد احتلال القدس الهدف الأول للاحتلال؛ حيث جرى هدمه بالكامل مع زاوية أبو السعود الملاصقة له وهي ملك لعائلة أبو السعود أخوال الشهيد ياسر عرفات، وأترك الكلام هنا للشهيد أبو عمار عن هدم زاوية أخواله؛ حيث رواها لي شخصياً بحضور صديقه المقدسي عبدالحميد القدسي الذي كان يخفيه في بيت قرب الأقصى عندما تسلل عرفات إلى القدس بعد حرب 67 في محاولة منه لتشكيل خلايا فدائية في الضفة.
وكانت الرواية في مطلع أكتوبر 2004 أي قبل مرض أبو عمار بأيام قليلة؛ حيث استقبلنا في مكتبه منذ العصر حتى العاشرة مساء وهو يتذكر أيامه الخوالي عن القدس ومنع دخول أي شخص إلى مكتبه وكأنما أراد أن يقول ما لم يقله عن القدس. قال رحمه الله: «بعد احتلال القدس جاء قائد عسكري إلى بيت عمتي، يقصد خالته على الطريقة المصرية وهي من دار أبو السعود وطلب منها أن تبيع بيتها مقابل أي مبلغ فرفضت فهددها بالهدم، فلم تتأثر، وفي اليوم التالي جاءت قوات الاحتلال لهدم البيت فحملت عمتي أمتعتها القليلة وخرجت فأوقفها القائد «الإسرائيلي» وسألها، إلى أين أنت ذاهبة؟ فقالت عند أولادي في السعودية، فقال لها قولي للسعوديين والملك فيصل إننا قادمون حتى مكة» وأكمل عرفات حديثه «حدث ذات سنة إنني كنت في القاهرة أيام السادات وجاء الملك فيصل في زيارة لمصر وفوجئت بموفد من رئاسة الجمهورية يأتيني ويدعوني إلى مرافقة الرئيس والملك إلى الإسكندرية بالقطار، فوافقت، وفي الطريق شعرت أن من واجبي ترك الزعيمين وحدهما فلربما يريدان الحديث عن العلاقات الثنائية بينهما، فاستأذنت وأخذت أتمتع بمراقبة الحقول الزراعية، ثم جاء أحدهم وقال لي أين أنت إنهما يسألان عنك، فعدت إلى المقصورة فتذكرت ما قاله القائد «الإسرائيلي» لعمتي، فسألت الملك فيصل هل أبلغك أحد برسالة بعد حرب 67 من آل أبو السعود؟ فقال نعم إذ كان أحد أبناء خالته على علاقة بالملك وهز الملك رأسه» كان هدف أبو عمار القول إن التوسع «الإسرائيلي» لن يقتصر على فلسطين.
الآن يشكل المسجد بؤرة الصراع فمن يسيطر عليه يحسم المعركة على فلسطين، والهزيمة تعني أن المجال مفتوح لكل الاحتمالات التوسعية «الإسرائيلية» في المنطقة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2328649

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 21

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28