] توثيق «إسرائيلي» لعدوان 1967 - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 25 أيار (مايو) 2017

توثيق «إسرائيلي» لعدوان 1967

عوني صادق
الخميس 25 أيار (مايو) 2017

أفرجت الحكومة «الإسرائيلية» مؤخراً عن «وثائق» حرب يونيو/حزيران 1967، وهي عبارة عن محاضر (36) جلسة للحكومة التي كان يرأسها ليفي أشكول، ودارت حول الأيام التي سبقت ولحقت بالحرب. وأهم ما في هذه «الوثائق» أنها تظهر كيف تعاملت الحكومة «الإسرائيلية» مع نتائج تلك الحرب في ما يخص الأراضي التي وقعت تحت الاحتلال، وخصوصاً ما يتعلق بالقدس والضفة الغربية وغزة. وبالمقارنة مع الطريقة التي تعاملت بها الأنظمة العربية معها، سواء التي شاركت في الحرب أو تلك التي لم تشارك، يتضح أن أساس الاستسلام العربي الراهن وضعته نتائج تلك الحرب.
بالنسبة للأنظمة العربية، وتجاوزاً للكلام الفائض عن الحاجة، انتهى «التقييم» للحرب بتحويل «إسرائيل» إلى دولة عظمى، وأسس لاستدخال الهزيمة بحيث لم يعد وارداً لدى معظمها التفكير في التعامل معها عن طريق الحرب، فضلاً عن إمكانية الانتصار عليها. ومع أنه طفت على السطح «لاءات مؤتمر قمة الخرطوم»، وبدأ الحديث يدور عن «إعادة بناء الجيوش العربية» التي هزمت في الحرب، إلا أن وفاة الرئيس جمال عبدالناصر المفاجئة ووصول أنور السادات إلى السلطة، أظهرا ما كان يختفي تحت سطح كلام «الاستعداد لجولة قادمة»، والذي لم يغيره «الانتصار العسكري» الأولي في حرب أكتوبر 1973 التي كانت كما وصفت بحق حرباً «تحريكية» ولم تكن «تحريرية» بأي معنى، حيث ظهر إلى الوجود فلسطينياً «برنامج النقاط العشر»، ثم لحقته كل التنازلات التي جاءت متساوقة مع «القرار السياسي العربي» الذي صنعته أساساً حرب يونيو/حزيران.
بالنسبة ل«إسرائيل»، وهو موضوع هذا المقال، كشفت «الوثائق» حقيقة تظهر بوضوح أنه بالرغم من «الاختلافات» التي بدت بين أعضاء القيادة «الإسرائيلية»، إلا أن الأهداف الصهيونية كانت موجودة في أذهانهم جميعاً، والخلاف الحقيقي كان حول «أي الإجراءات هي الأصوب» في تلك الظروف. كما تظهر أن كل ما فعلته الحكومات «الإسرائيلية» المتعاقبة لم يخرج عن تلك الأفكار التي تم تداولها في الأيام القليلة التي تلت وقف إطلاق النار في العاشر من يونيو/حزيران. وحسب «الوثائق»، فإن الحكومة «الإسرائيلية» لم يكن في نيتها ولم يكن لديها أية خطة لاحتلال الضفة الغربية وغزة، ولا يزال الزعم بأنها لم تبادر إلى الحرب قائماً ! وتزعم إحدى «الوثائق» أنه في التاسع من يونيو/حزيران، أي قبل يوم واحد من وقف إطلاق النار، أشار رئيس الحكومة ليفي أشكول «في ما يبدو ملاحظة عابرة» إلى البدء بالتفكير في «ماذا نفعل مع الفلسطينيين الآن»!
لكن الكاتب السياسي في صحيفة (يديعوت- 4 / 5 / 2017)، سيفربلوتسكر، يقول: «فور حرب الأيام الستة، كان الجمهور في البلاد» قد انقسم إلى معسكرين: معسكر المؤيدين للضم على أساس «الأرض المحررة لن تعاد»، وآخرون «قلة حملت على الاحتجاج» على الضم. والغالبية من الجمهور كانت في وضع مشوش «أعطت الحكومة بطاقة مفتوحة لاتخاذ القرار»! باختصار، كان موقف الجمهور «الإسرائيلي» يتلخص في موقفين: قسم رأى أن ما حدث كان «تحريراً للأرض وليس احتلالاً»، وقسم آخر تخوف من نتائج الضم بسبب وجود الفلسطينيين فيها. وهكذا كانت أفكار القيادات في الحكومة والجيش والأحزاب السياسية تتمحور حول سؤال واحد: كيف يمكن ضم الأرض وحل مشكلة السكان الفلسطينيين، والأصح كيف التخلص منهم؟!
بالنسبة للقدس، أعلن وزير الأمن (الدفاع) موشيه دايان، أن «مصير القدس وحكم القدس لا يختلف عن حكم مدينة الناصرة»، وأن المسألة هي كيف يضمنون بقاء القدس تحت السيادة «الإسرائيلية» وبأغلبية يهودية. وتراوحت الأجوبة بين وسائل التضييق على المقدسيين ليهجروا المدينة وبين طردهم وتهجيرهم بالقوة (كما رأى وزير الداخلية حاييم شابيرا). واقتراح دايان توطينهم في بيت لحم والمدن المجاورة! وليس صعباً ملاحظة أن السياسات «الإسرائيلية» في الخمسين سنة الماضية كانت تطبيقاً لكل تلك الأفكار! أما بالنسبة للضفة الغربية، فقد كان رأي موشيه دايان أن يوضع السكان تحت الحكم العسكري، بينما رأى إيغال ألون في النهاية إعطاءهم (حكماً ذاتياً)، وهذه الفكرة تبلورت لاحقاً في (اتفاق أوسلو)! أما زعيم الليكود، ميناحيم بيجن، فكان رأيه أن يعطى الفلسطينيون صفة (مقيمين)، طبعاً إلى حين تسمح الظروف بتهجيرهم !!

ومن الأفكار التي طرحت أيضاً في تلك الأيام أن يكون نهر الأردن هو الحدود الشرقية ل«إسرائيل» وأن تعقد «معاهدة سلام» مع النظام الأردني.
عند هذا الحد من استعراض بعض ما جاء في «الوثائق»، يكون السؤال المطروح: هل اختلفت السياسات والممارسات «الإسرائيلية» خلال الخمسين سنة التي مرت عما تداولته القيادة «الإسرائيلية» من أفكار في الأيام الأولى من بداية العد؟! وأين وكيف كانت السياسات والممارسات والمواقف العربية والفلسطينية منها؟


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 19

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010