] الاستثمار في الإرهاب وولادة المستعمرة الكبرى “إسرائيل” - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الاثنين 22 أيار (مايو) 2017

الاستثمار في الإرهاب وولادة المستعمرة الكبرى “إسرائيل”

خميس التوبي
الاثنين 22 أيار (مايو) 2017

جدير بالعالم أن يقلق من انتشار الإرهاب، وحري به أن يكرِّس لكل الجهود لمحاربة تلك الآفة التي تضرب أطناب الأرض بلا هوادة، لكن حري بعقلاء العالم أيضًا أن يبحثوا في الأسباب الحقيقية وراء انتشار هذه الظاهرة المدمرة، فمع أولى الخطوات الجادة نحو البحث عن أسباب انتشار هذه الظاهرة سيكتشف العالم أن هناك أشكالًا من الظلم لحقت بشعوب عديدة بسبب عنصرية مقيتة وأطماع استعمارية بحتة تجتاح الفكر السياسي الغربي الراهن وبخاصة تجاه مصالح العرب وحقوقهم وثرواتهم وأمنهم واستقرارهم، والمؤسف أن هذا الأمر أخذ يتمدد ليأتي على كل دول المنطقة وشعوبها، فلم يكن مقتصرًا على الشعب الفلسطيني ودولته الفلسطينية، الذي يعاني صنوف الهوان والإرهاب بأيدي جيش الاحتلال الصهيوني والمستعمرين الذين يجثمون على أرضه ويقتلون أطفاله، ويقتلعون أشجاره ويجرفون أرضه ويستهلكون مياهه ولا يتركون له من أسباب الحياة شيئًا، حيث تحولت المنطقة إلى بحار من الدماء والدمار، وتحولت إلى أكبر قاعدة عسكرية غربية. صحيح أن الأطماع هي المحرك نحو ذلك، لكن المحرك الرئيسي والأكبر هو تأمين كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي أخذ يستثمر بالتعاون مع حلفائه الاستراتيجيين في الإرهاب واستيلاد تنظيماته وتعميمها في دول المنطقة وبخاصة في الدول التي تقف على مسافة بعيدة من ممارسات كيان الاحتلال الإسرائيلي واحتلاله وجرائمه، وتدعم الشعب الفلسطيني المظلوم المستهدف بهذه الممارسات والجرائم.
وفي ميزان القتل والعنف والدمار والخراب، يتساوى الإسرائيلي ـ جنديًّا كان أو مستوطنًا ـ المدجج بالسلاح وبآلة القتل والدمار ليقتل به المدنيين الفلسطينيين العزل، مع الإرهابي التكفيري الذي يفجر نفسه أو يوجه ساطور إرهابه أو سلاحه المزود به من قبل مشغِّليه، مستهدفًا المدنيين من الأطفال والنساء وكبار السن أو العسكريين الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية حماية هؤلاء المدنيين. فالجريمة الإرهابية البشعة والمروعة التي ارتكبها تنظيم “داعش” الإرهابي بحق المدنيين من أهالي قرية عقارب الصافية بريف حماة في سوريا الجمعة الماضية والتي راح ضحيتها 52 قتيلًا مدنيًّا بينهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من 100 آخرين، علاوة عن الجرائم الإرهابية الأخرى المرتكبة بحق السوريين والعراقيين، وكذلك الجريمة الإرهابية المروعة التي ارتكبتها مجموعة مسلحة في هجومها على قاعدة براك الشاطئ في ليبيا وأودت بحياة أكثر من 60 شخصًا، هي كلها جرائم مرتكبوها مجرمون وقتلة، والجرم والقتل والإرهاب في فلسطين المحتلة لا يختلف عنه في غيرها، وبالتالي لايوجد أي فارق ملموس أو مقنع بين الإرهاب الإسرائيلي والإرهاب “الداعشي” و”جبهة النصرة وجيش الإسلام وأحرار الشام والجيش الحر”والقائمة السوداء للتنظيمات الإرهابية الطارئة أو المنشقة، فهذه القوى المنحرفة امتهنت قتل الوطن وإنسانه هدفًا وغاية لتدميرهما ولتحقيق الهدف الأكبر، وهو تسيُّد كيان الاحتلال الإسرائيلي؛ لذا الإغراق في الحديث عن فوارق وتناقضات بين هؤلاء هو ضرب من الجهل إن أحسنا النيات أو هو دور مخطط موجَّه يراد منه امتصاص زخم الوعي وزرع الموانع والعقبات أمام وحدة الموقف في مواجهة وحدة الإرهاب والتكفير والاستعمار تحت شعارات “الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والعدالة والمساواة والدولة المدنية”، وإلا فالحقيقة هي كلهم مجرمون إرهابيون وتكفيريون مشغَّلون ومدعومون.
إن أكبر مواطن الخلل في معالجة قضية الإرهاب الدولي، بل الأحرى الأخطر في ذلك هو الاتجاه الواضح نحو المساواة بين العمل الإرهابي المجرَّم، والعمل المقاوم والمشروع ضد المحتلين، وكذلك المساواة بين الإرهاب والمعارضة السلمية المشروعة، فمن خلال الأول عمد المحتلون الإسرائيليون وحلفاؤهم وعملاؤهم إلى تصنيف العمل المقاوم الفلسطيني واللبناني بأنه إرهاب، ومن خلال الثاني عمد معشر المتآمرين على دول المنطقة وتحديدًا الدول العربية المستهدفة بالتآمر إلى توصيف التنظيمات الإرهابية التي استولدوها من رحم تنظيم “القاعدة” الإرهابي، وغذوها بكل ما تحتاجه من أموال مشبوهة وقذرة وسلاح وتدريب، وبكل أشكال الدعم اللوجستي بأنها “معارضة” وأن جرائمها الإرهابية هي “ثورة” من أجل “الحرية والديمقراطية والعدالة”. وهنا لا بد وأن القارئ الكريم قد لحظ مدى الانسجام التام بين الدورين الإسرائيلي وشقيقه المتمثل في التنظيمات الإرهابية الموصوفة زورًا بـ “المعارضة” والحلفاء الاستراتيجيين والداعمين والمشغِّلين، والعمل معًا نحو تحقيق الهدف الأكبر والأوحد وهو تأمين كيان الاحتلال الإسرائيلي وحماية مشروعه الاحتلالي وتعميمه على المنطقة، وبالتالي ما يدور في العراق وسوريا وليبيا ولبنان وغيرها لا ينفصل عن ما يدور من إرهاب دولة ممنهج إسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، فمدار العمل هو تصفية قضية فلسطين وهو ما يمضي عليه العمل حاليًّا، وما يسقط من ضحايا ويسفك من دماء ما هو إلا أنفاس الولادة؛ ولادة المستعمرة الكبرى في المنطقة والمهيمنة عليها، المسماة “إسرائيل”.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 22

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010