] دردشة في ثلاثيّات النكبة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 17 أيار (مايو) 2017

دردشة في ثلاثيّات النكبة

عبد اللطيف الزبيدي
الأربعاء 17 أيار (مايو) 2017

قال القلم: ألا ترى أن النظام العربي، حتى هو، أدركته محنة اللغة؟ قيل عن الأولى نكبة، وقالوا في الأخرى نكسة. قلت: تلك أسماء سموها هم وسابقوهم، فإلى أين مرماك؟ قال: لقد وقع العرب في فخ ضرب من الثلاثي لا تجد في ألوانه خيراً، ولم يتطيروا، لعدم إحساسهم بنذر الجرس اللغوي. قلت: ويحك أوضح، فذهني يكاد يجمح.
قال: ليس في العربية ثلاثي يبدأ بالنون والكاف إلا ووراءه داهية. هي ذي القضية التي كانت مركزية تمر في كل ذكرى، بنكبة تزداد قرباً من النكبة الكبرى، والعرب في غفلة عما يحاك لهم، وما يحيق بهم. فرحة العدو هي أن يلاقي من هو عدو نفسه. صدق «صن تزو» القائل: «إن أعظم انتصار هو ذلك الذي يهزم فيه العدو نفسه». لقد اختار العرب نكبَ ونكسَ، وفي النون والكاف:«نكأ» الجرح، أي قشره قبل برئه، وها نحن في كل مايو ننكأ القرحة ولم نعالجها، وليس النظام العربي ممن ينكأ العدو، يغلبه ويهزمه. فلسطين على مر السنين من «نكد» إلى نكد، وهو كل شيء جر على صاحبه شراً. في كل يوم ترى الغاصب «نكز» العرب، ودفع وضرب وطعن ولدغ، ومثله لكز. بينما العربي «نكل»، أحجم عن الإقدام، والمعتدي ينكل به تنكيلاً ونكالة، نكاية وتعذيباً. وفعل «نكم»، وإن قل استعماله، فالنكمة كالنكبة، المصيبة الفادحة في «لسان العرب». ألا يمل المسؤولون عن القضية «النكع» وهو الضرب؟ ألا يرون شعبهم وقد «نكف» دمعه بأصابعه، ينحي عبراته حتى لا يلمحها الشامتون؟ لماذا «نكص» كل من ادعى حمل أمانة المقهورين، وولى الأدبار؟كيف صار التراجع والتردي مدعاة للفخر أمام «المجتمع الدولي»؟ في حين لو بدا الانهزام على مسؤول من الغاصبين أمام جماهيره لجعلوا جسده شاورما. أثمة «نكر» بعد هذا المنكر؟ إنك لا تجد أحداً من الممسكين بملف القضية المنكوبة، إلا و«نكش» كل حل عادل وأباده وأفناه، خوفاً من قوي جبار، كلما لوح بالحل جار واستبد و«نكت» فهو النكات النكاز الطعان، فما تقول في النظام العربي الذي «نكث» كل العهود والمواثيق؟ قلت: لا أغرد خارج السرب، فالعرب مجمعون على الكلام، فدعنا في الكلام. لماذا نسيت «نكخ» من قولهم نكخه في حلقه ضربه بجُمع اليد، و«نكظ» والتنكظ شدة الحال في السير، وها هي القضية سبعين سنة تقول إني راحلة. قال: أنت أيضاً نسيت عقود الزواج، والكل يعاني الازدواجية.
النتيجة اللغوية: العرب يعشقون اللغة حتى جعلوا المركزية لغواً لا «طعم» له.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2287654

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

41 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 43

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010